• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرسول صلى الله عليه وسلم معلما (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    صور من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    الآيات القرآنية المتعلقة بالوجه وأبعادها الفقهية: ...
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    وقفات تربوية مع دعاء: (اللهم استر عوراتي، وآمن ...
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    واجب أمة الإسلام نحو نبيها محمد عليه الصلاة ...
    عبدالقادر دغوتي
  •  
    من فضل الله على العباد، هدايتهم، للفوز يوم المعاد ...
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    العلم عبادة ورسالة لبناء الإنسان والمجتمع (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    الرؤى والأحلام (1) أنواع الناس في الرؤى
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    شروط الصلاة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    أسباب التوفيق
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    نعمة عظيمة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    وقفات تربوية مع سورة العصر
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تسخير الكون للإنسان: نظرات وتأملات
    عامر الخميسي
  •  
    التقادم في القضايا المدنية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

الرسول صلى الله عليه وسلم معلما (خطبة)

الرسول صلى الله عليه وسلم معلما (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/9/2025 ميلادي - 25/3/1447 هجري

الزيارات: 694

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرسول صلى الله عليه وسلم معلمًا

 

الخطبة الأولى

أما بعد إخوة الإيمان:

فحديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن (الرسول صلى الله عليه وسلم معلمًا)، فهيا - إخوة الإسلام - لننتقل من هنا إلى هناك، وما أدراك ما هناك؟! إلى المدرسة والجامعة المحمدية التي تخرج فيها أفضلُ جيلٍ، والتي تخرج فيها الدفعة الأولى التي انتشرت بعد ذلك انتشارَ نور الشمس، فعلَّموا العالم، ونشروا تعاليم السماء، وأخرجوا الناس من الظلمات إلى النور.

العلم أعلى وأحلى ما له استمعَت
أذنٌ وأعرب عنه ناطقٌ بفمِ
العلم غايته القصوى ورتبته ال
علياء فاسعَوا إليه يا ذوي الهممِ
العلم أشرف مطلوب وطالبه
لله أكرمُ من يمشي على قدمِ
‌العلم ‌نور مبين يستضيء به
أهل السعادة والجهَّال في الظلمِ
العلم أعلى حياة للعباد كما
أهل الجهالة أموات بجهلهمِ
العلم واللهِ ميراث النبوة لا
ميراث يشبهه طوبى لمقتسمِ
لأنه إرثُ حقٍّ دائم أبدًا
وما سواه إلى الإفناء والعدمِ
العلم ميزان شرع الله حيث به
قوامه وبدون العلم لم يقُمِ

 

بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم معلمًا ومربيًا:

إخوة الإسلام، لقد امتنَّ تعالى على عباده المؤمنين بأن أرسل إليهم رسولًا من أنفسهم؛ ليعلمهم أمور دينهم، ويزكي أنفسهم بالطاعات وتَرْكِ ما حرم الله تعالى، ولقد كانوا قبل بعثته في جاهلية وضلال مبين ظاهر واضح، لا يحتاج إلى دليل؛ فقال سبحانه: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

 

ففي حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: ((إن الله تعالى لم يبعثني معنِّتًا ‌ولا ‌متعنِّتًا، ‌ولكن ‌بعثني معلمًا ميسرًا))؛ [مسلم][1].

 

عن عبدالله بن عمرو قال: ((دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ فرأى مجلسَين: أحد المجلسين يدعون الله تعالى، ويرغبون إليه، والآخر يتعلمون الفقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا المجلسين على خير، وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيتعلمون ويعلِّمون الجاهل، ‌وإنما ‌بُعثت ‌معلمًا، هؤلاء أفضل، فجلس معهم))؛ [ابن ماجه][2].

 

وكانت دار الأرقم بن أبي الأرقم المدرسةَ الإسلامية الأولى:

أول مدرسة إسلامية حيث اتخذها النبي محمد صلى الله عليه وسلم مقرًّا سريًّا للدعوة، وتربية المسلمين الأوائل على أسس الإسلام وتلقِّي الوحي منه، وكانت أعظم مدرسة للتربية والتعليم عرفتها البشرية في ذلك الوقت.

 

تلقي الوحي وتعاليم الإسلام:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في دار الأرقم ويعلم المسلمين أسس الدين، ويتلو عليهم آيات القرآن الكريم، ويذكِّرهم بالله.

 

تزكية الأخلاق والروح:

ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على تعظيم أوامر الله، وتأديب نفوسهم، وتطهيرها من عادات الجاهلية السيئة.

 

وعلى ذلك تربى الجيل الفريد من هذه الأمة، فكانوا يلتمسون من آيات القرآن الكريم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ما يوجههم في كل شأن من شؤون حياتهم.

 

لقد كانت مرحلة دار الأرقم مرحلة هامة في تربية وإعداد الصحابة، ومدرسة ربى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أفذاذ الرجال، الذين حملوا راية التوحيد والجهاد والدعوة، فدانت لهم الجزيرة العربية، وقاموا بالفتوحات الإسلامية العظيمة في نصف قرن.

 

منهج النبي في التعليم:

إخوة الإسلام: لقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم منهجًا تعليميًّا وتربويًّا ليربي من خلاله الرجال، الذين سيكون منهم الداعية، ويكون منهم القائد، ويكون من المجاهد، ويكون منهم الوالي.

 

وضع لنا أسس التعليم الرباني الذي يتصف بالربانية، الذي يستمد قوته من قوة القوي المتين، العليم الخبير جل جلاله، فنهض صلى الله عليه وسلم ينشر العلم في الناس ويُذيعه بينهم، وكان بحق المعلم الأول للخير في هذه الدنيا، في جمال بيانه، وفصاحة لسانه، ونصاعة منطقه، وحلاوة أسلوبه، ولطف إشارته، وإشراق روحه، ورحابة صدره، ورقة قلبه، ووفرة حنانه، وحكيم شدته، وعظيم انتباهه، وسمو ذكائه، وبالغ عنايته، وكثير رفقه بالناس.

 

أولًا: حثه صلى الله عليه وسلم على طلب العلم:

إخوة الإسلام، من أساليب الحبيب صلى الله عليه وسلم على التعليم والتعلم بيانُ منزلة طالب العلم عند الله، وما له من أجر وثواب؛ أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشِيَتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطَّأ به عمله، لم يُسرع به نسبه))[3].

 

عن زر بن جيش قال: أتيت صفوان بن عسَّال المرادي فقال: ما جاء بك؟ قلت: جئت أطلب العلم، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم، إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضًا مما صنع))[4].

 

فتأمل دلالة الحديث الشريف على فضل طالب العلم، وكيف أن الملائكة المقربين يضعون لهم أجنحتهم رضًا بما يصنعوا؛ وذلك تشريفًا لهم ورفعًا لمنزلتهم؛ وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من غدا يريد العلم يتعلمه لله، فتح الله له بابًا إلى الجنة، وفرشت له الملائكة أكفافها، وصلَّت عليه ملائكة السماوات، وحيتان البحر، وللعالم فضل على العابد، كالقمر ليلة البدر على أصغر كوكب في السماء، والعلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، ولكنهم ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظه))[5].

 

وجعل النبي صلى الله عليه وسلم طلب العلم بمنزلة الجهاد في سبيل الله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((من خرج في طلب العلم، فهو في سبيل الله حتى يرجع)).

 

وعن صفوان بن عسال المرادي قال: أتيتُ النبي وهو في المسجد متكئ على بردٍ له أحمر، فقلت له: يا رسول الله، إني جئت أطلب العلم، فقال: مرحبًا بطلب العلم، وإن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم على بعض، حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب))[6].

 

يقول الشاعر:

تعلم فليس المرء يولد عالمًا
وليس أخو علمٍ كمن هو جاهلُ
وإن كبير القوم لا علم عنده
صغير إذا التفت عليه المحافلُ[7]

 

وقال آخر:

فليجتهد رجل في العلم يطلبه
كيلا يكون شبيهَ الشاء والبقرِ

 

ثانيًا: الرفق في التعليم:

إن من أعظم صفات المعلم الأول صلى الله عليه وسلم الرفقَ بالمتعلمين، وأي معلم يتصف بالغلظة فإنه ينفر منه طلبَته، ويفرون منه؛ قال الله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]، إن المعلم الناجح هو الذي لا يمسك عصًا في يديه، بل يحمل طلابه على الإصغاء والطاعة له، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وتأملوا - عباد الله - في رفق المعلم الأول؛ عن معاوية بن الحكم السلمي قال: ((بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: وا ثُكْلَ أُمِّياه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ قال: فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمِّتوني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، والله ‌ما ‌كَهَرَني ولا شتمني ولا ضربني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس هذا، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن))[8].

 

عن إسحاق بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك - وهو عم إسحاق - قال: ((بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابيٌّ، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‌لا ‌تُزرموه، دعوه، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأمر رجلًا من القوم، فجاء بدلو من ماء، فشنَّه عليه))[9].

 

ثالثًا: التخوُّل في الموعظة:

إخوة الإسلام، ومن مناهج التربية التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتخولهم بالموعظة؛ يعني أنه كان لا يكثر من إلقاء المواعظ والدروس، بل كان يتخولهم؛ حتى لا يملوا وتُصيبهم السآمة؛ فعن شقيق، قال: كنا جلوسًا عند باب عبدالله، ننتظره يأذن لنا، قال: فجاء يزيد بن معاوية النخعي، فدخل عليه، فقلنا له: أعلِمه بمكاننا، فدخل فأعلمه، فلم يلبث أن خرج إلينا، فقال: إني لأعلم مكانكم فأدعُكم على عمدٍ؛ مخافةَ أن أمَلكم؛ ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ‌يتخولنا بالموعظة في الأيام، مخافة السآمة علينا))[10].

 

رابعًا: عدم الإطالة في الموعظة أو الدرس، وتكرار الكلمة حتى تثبت:

إخوة الإسلام، لقد كان من منهج نبيكم في التعليم عدم الإطالة في الكلام؛ فخير الكلام ما قل ودل، ولِمَ لا؟ والله تعالى منح نبيه صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نُصرت ‌بالرعب، ‌وأُوتيت ‌جوامع ‌الكلم))[11].

 

وها هي أمنا عائشة رضي الله عنها تصف لنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث، لو شاء العادُّ ‌أن ‌يحصيه ‌أحصاه))[12].

 

ولقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يكرر الكلمة؛ حتى يتسنى للمتعلم فهمها وحفظها؛ فعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه كان إذا سلَّم سلم ثلاثًا، ‌وإذا ‌تكلم ‌بكلمة ‌أعادها ثلاثًا))[13].

 

خامسًا: التدرج في التعليم:

ومن مناهج التربية والتعليم - أيها الأحباب - أن النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بالأهم فالأهم، وذلك ما يسمى بفقه الأولويات، فكان يبدأ بتعليم الأصول ثم الفروع؛ عن جندب بن عبدالله، قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن ‌فتيانٌ ‌حَزاوِرة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا))[14]، وحزاورة: جمع الحَزور؛ وهو الغلام إذا اشتد وقوي وحزم.

 

وكان صلى الله عليه وسلم يرسل الدعاة والقضاة، ويعلمهم فقه الأولويات في الدعوة إلى الله تعالى؛ عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذ بن جبل إلى اليمن، فقال: ((‌إنك ‌ستأتي ‌قومًا ‌أهلَ ‌كتاب، فإذا أتيتهم فادعُهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوك بذلك، فأخبرهم أن عليهم خمس صلوات في يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن عليهم صدقةً تُؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائمَ أموالهم، واتقِ دعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله عز وجل حجاب))[15].

 

سادسًا: ضربه صلى الله عليه وسلم الأمثالَ:

معاشر الأحباب، وكان من طرق ومناهج التعليم عند النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يضرب لهم الأمثال؛ ليُقرب لهم المعاني المعنوية إلى معانٍ حسية ملموسة، فيفهموا منها مراده صلى الله عليه، وتقتربَ الصورة في أذهانهم.

 

إن الاستعانة بما يشاهده الناس ويقع تحت متناول حواسهم، أسلوبٌ يعين أكثر على الفهم، ويسهِّل عملية التعليم بشكل أسرع، ويساعد على فهم المراد؛ فعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ ‌القائم ‌على حدود الله والمُدهن فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر، فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها يصعدون فيستقون الماء، فيصبون على الذين في أعلاها، فقال الذين في أعلاها: لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا، فقال الذين في أسفلها: فإنا ننقبها من أسفلها فنستقي، فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم، نجَوا جميعًا، وإن تركوهم غرقوا جميعًا))[16].

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

أما بعد:

سابعًا: تحفيز الأذهان بالسؤال:

ولقد كان المعلم الأول صلى الله عليه وسلم يحفز الهمم والأذهان؛ حتى تتعلم وتستوعب ما يريده صلى الله عليه وسلم؛ عن أبي هريرة أن رسول الله عليه السلام، قال: ((‌أتدرون ‌ما ‌المُفلس؟ قالوا: يا رسول الله، المفلس فينا من لا يملك درهمًا له، قال: المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصيام وصلاة وزكاة، ويأتي قد قذف هذا، وشتم عِرض هذا، وضرب هذا، وأكل مال هذا، فيقعد فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنِيت حسناته قبل أن يقضي الذي عليه من الخطايا، أُخذ من خطاياهم فطُرحن عليه، ثم طُرح في النار))[17].

 

ثامنًا: التأهيل والتعليم لتحمل المسؤولية:

إخوة الإسلام، ولقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يُعد أصحابه لتحمُّل المسؤولية، ويدربهم على ذلك، وهو ما يُعرف الإنسان بدورات إعداد القادة وتأهيلهم.

 

فكان صلى الله عليه وسلم يكلف أصحابه بالأمور، ثم ينظر صلى الله عليه وسلم إلى نتيجة عملهم ويُثني عليهم؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن، قال له: كيف تقضي إذا غلبك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله، قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد، قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب صدره، وقال: الحمد لله الذي وفَّق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله))[18].

 

عن عبدالله بن عمرو، قال: ((جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص: اقضِ بينهما، قال: وأنت ها هنا يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: علامَ أقضي؟ قال: إن اجتهدت فأصبت لك عشرة أجور، ‌وإن ‌اجتهدت ‌فأخطأت ‌فلك أجر واحد))[19].

 

عن عقبة بن عامر قال: ‌((جاء ‌رجلان ‌يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: قم يا عقبة اقضِ بينهما، قلت: يا رسول الله، أنت أولى بذلك مني، فقال: وإن كان كذلك، قال: فقلت: علام أقضي؟ قال: إنك إن قضيت فأصبتَ، فلك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت، فلك أجر واحد))[20].

 

الدعاء...



[1] أخرجه مسلم في الصحيح 2/ 1102، 1103، كتاب الطلاق (18)، باب: بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقًا.

[2] أخرجه ابن ماجه (1/83، رقم 229)، قال البوصيري (1/32): هذا إسناد فيه بكر وداود، وعبدالرحمن، وهم ضعفاء؛ (ضعيف) انظر حديث رقم: 4242 في ضعيف الجامع.

[3] أخرجه أحمد (2/252، رقم 7421)، ومسلم (4/2074، رقم 2699)، وأبو داود (4/287، رقم 4946)، والترمذي (5/195، رقم 2945)، وابن ماجه (1/82، رقم 225)، وابن حبان (2/292، رقم 534).

[4] جامع الأحاديث (19/ 152) أخرجه عبدالرزاق (1/204، رقم 793)، وأحمد (4/239، رقم 18118)، وابن ماجه (1/82، رقم 226)، وابن حبان (1/285، رقم 85)، والطبراني (8/56، رقم 7352)، والحاكم (1/180، رقم 340) وقال: هذا إسناد صحيح، والحديث صححه الألباني في صحيح الترغيب ح: 85.

[5] أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (1/202)، وصححه الألباني.

[6] رواه أحمد والطبري بإسناد جيد واللفظ له، وابن حبان، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وصححه الألباني.

[7] جامع بيان العلم وفضله مؤسسة الريان (1/ 315)، تاريخ دمشق (32/ 443) عبدالحميد بن باديس وجهوده التربوية (1/ 83)، مروج الذهب (1/ 430)، تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر (1/ 83)، جمهرة خطب العرب (2/ 419)، روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (1/ 34).

[8] مسند أحمد (39/ 176 ط الرسالة)، وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 432 و8/ 33 و11/ 19، 20، والدارمي (1503)، ومسلم (537).

[9] أخرجه البخاري (6025)، ومسلم (284) (98)، والنسائي 1/ 47 و175.

[10] مسند أحمد (7/ 135 ط الرسالة)، وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 70، ومسلم (2821).

[11] رواه البخاري 6/ 90 في الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((نُصرت بالرعب مسيرة شهر))، وفي التعبير، باب رؤيا الليل، وباب المفاتيح في اليد، وفي الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بُعثت بجوامع الكلم))، ومسلم رقم (523) في المساجد في فاتحته.

[12] أخرجه أبو داود 3654 واللفظ له، والبخاري 3374.

[13] أخرجه البخاري (94) و(95) و(6244).

[14] سنن ابن ماجه (1/ 42 ت: الأرنؤوط)، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 2/ 221، وعبدالله بن أحمد بن حنبل في السنة (799) و(825)، والطبراني في الكبير (2678).

[15] أخرجه البخاري (1395)، والترمذي (625، 2014)، والنسائي (2434)، وابن ماجه (1783)، وابن خزيمة.

[16] مسند أحمد (30/ 310 ط الرسالة)، وأخرجه البخاري (2686)، والبيهقي في السنن 10/ 91، وفي الشعب (7576).

[17] مسلم (4/ 1996 رقم 2580)، البخاري (5/ 97 رقم 2442).

[18] أخرجه أبو داود 2/ 327، كتاب الأقضية، باب: اجتهاد الرأي في القضاء، حديث 3592، 3593، والترمذي 3/ 616، كتاب الأحكام، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي، حديث 1327، 1328، وأحمد 5/ 230، 242، وأبو داود الطيالسي 1/ 286 منحة، وعبد بن حميد في المنتخب من المسند ص 72، رقم 124، والدارمي 1/ 60.

[19] مسند أحمد (29/ 359 ط الرسالة)، وأخرجه ابن عبدالحكم في فتوح مصر ص 228، والدارقطني 4/ 203؛ قال الحافظ: وفيه فرج بن فضالة وهو ضعيف؛ [التلخيص 4/ 180].

[20] مسند الروياني (1/ 200)، وهو حديث ضعيف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم
  • من مائدة العقيدة: وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه
  • من استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم
  • من مائدة العقيدة: وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به
  • محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع (خطبة)
  • خطبة: معالم القدوة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • الأصناف الذين وصى بهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خيرا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاطلاع والانتفاع بما قال فيه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: من استطاع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه الله تعالى(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تحريم رفع الصوت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في الفطر والأضحى"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حب الأطفال للرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/3/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب