• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الفاتحة وتوحيد الربوبية
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    { أحل لكم ليلة الصيام }
    د. خالد النجار
  •  
    من آداب الصيام: الدعاء عند رؤية الهلال وتجديد ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    المستحقون للزكاة وأحكام زكاة الفطر (خطبة)
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أثر المعاصي في الصيام
    عادل علي قاسم
  •  
    صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان بأصحابه ...
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    معجزة النور
    السيد مراد سلامة
  •  
    سؤال وجواب في أحكام الصيام
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    لماذا خلقنا الله؟ (خطبة)
    سعد محسن الشمري
  •  
    حكم اختلاف مطالع الهلال في الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    مقاصد الفاتحة
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    مقولة بحاجة إلى تصحيح مع الدليل والبرهان "كل ...
    د. نبيل جلهوم
  •  
    من آداب الصيام: تعلم أحكام الصيام وما يتعلق به من ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من أسماء الله الوهاب (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    من فضائل شهر رمضان ووجوب صيامه (3)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    تكرار التراجم في صحيح الإمام البخاري ومقتضيات ...
    د. هناء بنت علي جمال الزمزمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

خاتم النبيين (32) أحداث السنة السابعة من الهجرة

خاتم النبيين (32) أحداث السنة السابعة من الهجرة
الشيخ خالد بن علي الجريش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/2/2023 ميلادي - 10/7/1444 هجري

الزيارات: 451

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خاتم النبيين (32)

أحداث السنة السابعة من الهجرة

 

الحمد لله رب العالمين، وأُصلِّي وأسلِّم على مَنْ بَعَثَه الله تعالى رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبه والتابعين، وبعد:

أيها الأكارِم، مرحبًا بكم في برنامجكم خاتم النبيين، أيها الأفاضل، كان حديثنا في الحلقة الماضية عن الكُتُب والرسائل التي أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء خارج الجزيرة العربية، يدعوهم فيها إلى الإسلام، وقد ذكرنا أنه أرسل عليه الصلاة والسلام إلى هرقل وإلى النجاشي، وكذلك أرسل إلى كِسْرى وإلى المقوقس في مصر، وإلى غيرهم، فمنهم من آمن؛ كالنجاشي، ومنهم من كاد أن يسلم ويؤمن؛ كهرقل، ومنهم مَن بقي على غيِّه وضلاله، وختمنا الحلقة بذكر بعض الدروس والعِبَر من تلك الرسائل، وفي حلقتنا لهذا الأسبوع نزدلف إلى أحداث السنة السابعة من الهجرة، فكان من أوائل تلك الأحداث غزوة خيبر، وكانت في آخر شهر الله المُحرَّم من السنة السابعة، وسببها أن خيبر كانت مكانَ تجمُّعٍ لليهود ومركزًا لإثارة القلاقل والفتن، وحيث كان اليهود في خيبر يعتمدون على إمداد قريش لهم، وقد انقطع ذلك الإمداد بحمد الله تعالى في هدنة صلح الحديبية، فتفرَّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم لهؤلاء اليهود في خيبر بعد ذلك الصلح الذي كان فيه عدم إمداد اليهود، فغزا خيبر وهي ذات حصون ومزارع، وقد وعد الله عز وجل نبيَّه عليه الصلاة والسلام بفتح خيبر؛ حيث يقول الله جل جلاله: ﴿ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ﴾ [الفتح: 20]، فلمَّا تجهَّز رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لغزو خيبر جاء الذين تخلَّفُوا عنه في الخروج إلى الحديبية، فلم يأذن لأحَدٍ منهم، وأمر مُناديًا يُنادي ألَّا يخرج معنا إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج معه إلَّا أصحاب الشجرة، وهم ألف وأربعمائة، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة: ((الْتَمِس لي غلامًا من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر))، فالتمس أبو طلحة رضي الله عنه أنس بن مالك رضي الله عنه، وأنس قد قارب البلوغ، فكان يخدمه، فيقول أنس: كثيرًا ما أسمعه وهو يقول: ((اللهُمَّ إني أعوذ بك من الهَمِّ والحزن، والعجز والكَسَل، والبُخْل والجُبْن، وضَلَعِ الدَّيْن، وغَلَبَة الرجال))؛ رواه البخاري ومسلم، وهذا الذكر عظيم، فما أحوجَنا لحفظه وتحفيظه لأولادنا والدعاء به كثيرًا! فهو علاج لكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية والمالية وغيرها.


وفي مسير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ( كان يُصلِّي عليه الصلاة والسلام وهو في مسيره على الدابَّة)؛ رواه مسلم، والمراد بهذه الصلاة هو النفل وليست الفريضة؛ لأن الفريضة لا تُصلَّى على الراحلة إلا في الضرورة، وأخرج البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فسِرْنا ليلًا، فقال رجل لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنياتك? وكان عامر شاعرًا ذا صوتٍ جميلٍ، فجعل يقول من الحداء لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهم النبي عليه الصلاة والسلام، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((مَنِ الحادي?))، قالوا: عامر بن الأكوع، فقال: ((يرحمه الله))؛ متفق عليه.


ولما اقترب الجيش من خيبر باتوا قريبًا منها، ثم استيقظوا وصلَّوا الصبح بغلس، ثم ساروا إلى خيبر، ولما أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على خيبر قال: ((اللَّهُمَّ رب السماوات وما أظلَلْن، ورب الأراضين وما أقلَلْنَ، ورب الشياطين وما أضلَلْنَ، ورب الرياح وما أذريْنَ، فإنَّا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذُ بِكَ من شرِّ هذه القرية، وشرِّ أهلِها، وشرِّ ما فيها))، ثم أتَوا إليهم مع بزوغ الشمس، وكان اليهود قد خرجوا حينها من حصونهم لمزارعهم ومواشيهم، فلمَّا رأوا جيش المسلمين مُقْبِلًا فزعوا وهربوا إلى حصونهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين))؛ رواه البخاري.


وخيبر في ذلك العهد ممتلئة من الحصون؛ لكن أعظم تلك الحصون هي ثمانية، فأول حصن هاجمه جيش المسلمون هو حصن ناعم، وكان رئيسه مرحب اليهودي، فخرج يُنادي بالمبارزة، فخرج إليه عامر بن الأكوع، فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب على ترس عامر، فلم يُصِبْه، وأراد عامر رضي الله عنه أن يضرب مرحبًا في قدمه ليسقط، فانطلق ذباب سيف عامر عليه، فمات عامر رضي الله عنه، فقال بعض الناس: إنه قَتَل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذب مَنْ قال ذلك؛ إنَّ له لأجرين، إنه لجاهِدٌ مُجاهِدٌ))؛ رواه البخاري، وقد وجد المسلمون شِدَّة قويَّةً عند هذا الحصن، وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم الرايةَ لأبي بكرٍ، وقاتل قِتالًا شديدًا، ولم يفتح له، ثُمَّ في اليوم الثاني أعطى الراية لعمر بن الخطاب فقاتل قِتالًا شديدًا، فلم يُفتَح له أيضًا، وظلُّوا تسعة أيام يريدون فتح هذا الحصن فعجزوا عنه، وهو حصن ناعم، وفي ليلة العاشر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأُعطينَّ الرايةَ غدًا رجُلًا يحبُّ اللهَ ورسولَه، ويُحِبُّه اللهُ ورسولُه، ولا يرجع حتى يُفتَح له))، قال عمر: فما أحببْتُ الإمارة إلَّا يومئذٍ؛ لهذه الفضيلة، وقال بريدة رضي الله عنه: وأنا فيمن أنتظرها، فبات الناس تلك الليلة يدوكون ليلتهم ويتحدَّثون أيهم يُعطاها، فهي فضيلةٌ عظيمةٌ؛ حيث يُحِبُّ الله ورسوله، ويُحبُّه الله ورسوله ويفتح الله عليه، فلما أصبحوا? قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أين عليُّ بنُ أبي طالب?))، قالوا: يا رسول الله، هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فجاء به محمد بن مسلمة يقوده، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا له فبرأ تمامًا كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب من حقِّ الله فيه، فوالله، لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم))؛ متفق عليه، فذهب إليهم عليٌّ رضي الله عنه، ومن معه من الصحابة، فأدَّوا ما عليهم تجاه ذلك، فخرج بعد ذلك مرحب بطلب المبارزة قائلًا في أرجوزته:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ
شاكي السلاح بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إذا الليوثُ أقبلتْ تَلَهَّب

 

فبرز إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يرتجز أيضًا قائلًا:

أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ
كَلَيْثِ غَابَاتٍ شَدِيدِ الْقَسْوَرَهْ
أوْفِيهم بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ

 

فضرب عليٌّ مرحبًا، ففلق رأسه فلقتين فقتله، ثم بعد ذلك افتتح الحصن بعد قتل مرحب، وكان ذلك على يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ رواه مسلم.


ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر، وطلب المبارزة فخرج إليه الزبير بن العوام رضي الله عنه، فتبارز فقتله الزبير، ثم خرج رجل بعد ذلك من المسلمين وقاتل قتالًا شديدًا مع المسلمين، فكان يقطف الرؤوس من اليهود، فأعجب به الصحابة رضي الله عنهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هو من أهل النار))، وقاتل هذا الرجل حتى كثرت عليه الجراح وأوجعته، فاستخرج من كنانته سهمًا فقتل نفسه، فأخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالًا، وقال له: ((يا بلالُ، قُمْ فأذِّن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإنَّ الله ليُؤيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر))؛ متفق عليه.


واشتدَّت مقاومة اليهود في هذا الحصن حتى فتحه المسلمون، فخرج اليهود منه هاربين إلى الحصن الثاني؛ وهو حصن الصعب بن معاذ، وكان هذا الحصن هو الحصن الثاني من حيث القوة والمنعة بعد حصن ناعم، فبدأ الحصار عليه حتى فتحه المسلمون خلال ثلاثة أيام.


أيها الكِرام، ما أجمل الاطِّلاع والقراءة في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكِرام رضي الله عنهم! فهي دروسٌ وشمائل وأحكام وأخلاق وتربية وعلم وعمل، ولعلَّنا نختم حلقتنا هذه ببعض الدروس والعِبَر مما سبق ذكره على أمل أننا بإذن الله تعالى سنُكمِل في الحلقة القادمة أحداث تلك الغزوة، فمِن الدروس ما يلي:

الدرس الأول: أن المسلمين عندما منعوا من إكمال نُسُكهم في الحديبية كرهوا ذلك كراهةً شديدةً؛ ولكنه كان خيرًا عظيمًا جاء بتلك الصورة فتمَّ فتح مكة وكتابة الرسائل للملوك والزعماء، وكذلك انتشر الإسلام، وأيضًا انقطع إمداد قريش لليهود، وهذه وأمثالها مصالحُ عظيمةٌ، ويُستفاد من ذلك أيضًا درسٌ عظيمٌ؛ وهو عدم كراهية ما يُقدِّره الله علينا، ولو كرهته نفوسُنا، وقد يحصل لأحدنا شيءٌ ممَّا يكرهه؛ ولكن المؤمن الحق يعلم أن ما اختاره الله تعالى هو الخير، فلا تكره ما يُصيبك من قدر الله تعالى ممَّا لا ترغبه نفسك، فقد يكون الخير فيه وأنت لا تعلم، فلا تغرق في الولولة أو الحزن أو التأسُّف عندما يفوتك مرغوبك، فلا تعلم ما في القَدَر، ولا تعلم أين يكون الخير، أمَّا من قدر فوات هذا المرغوب فهو يعلم كل شيء، وهو أرحم بك وأرأف، فعليك بتسليم الأمر لله تعالى، ولا تقلق ولا تحزن.


الدرس الثاني: أن أنَسًا رضي الله عنه عندما خدم النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة كان يلاحظ أقوال النبي عليه الصلاة والسلام وأفعاله، فيستفيد منها، وهذا منهج قويم؛ فعلينا جميعًا كبارًا وصغارًا أننا إذا صحبنا أحدًا من أهل الفضيلة والإيمان أن نستفيد من سلوكهم وأفعالهم وأقوالهم، فقد يثبت في حياتنا عمل صالح نملأ به موازيننا بسبب صحبة فلان، فما أجمل تربية أنفسنا وصغارنا على ذلك! فهذا سلوك تربوي علمي إيماني كبير في القدوة والاقتداء، وعلى الآباء والأمهات الكِرام توجيه أولادهم إلى استحضار ذلك واستثماره، وهو وجه من أوجه التربية على الخير؛ بل أوصي الآباء الكِرام أنهم إذا أرادوا التعامل مع أهل الفضيلة والتربية أن يجعلوا أولادَهم أحيانًا وسيلةً بينهم وبين هؤلاء ليستفيد الأولاد، وإن أمكن توصية الأولاد بالاستفادة، وأيضًا توصية أصحاب الفضيلة بالإفادة، فهذا نور على نور، والله تعالى يهدي لنوره من يشاء.


الدرس الثالث: في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر للجهاد في فتحها ذكر الراوي أنه كان يُصلِّي النافلة على الدابَّة وهو يسير، وهذه سنة شبه مهجورة في حال السفر عند بعض المسافرين، فإن النافلة تُصلَّى على الدابَّة حال السفر مع السير فيه، ويُومئ المصلِّي برأسه للركوع والسجود كما ورد في حديث ابن عمر، ويُلاحَظ على كثيرٍ من المسافرين أنهم ينشغلون بسفرهم وحديثهم عن تلك السنة، ففي تلك السنة مواضع عظيمة لاستجابة الدعاء، وهي حال السجود، وقد اجتمع مع تلك الحال أيضًا السفر، وهو موضع إجابة، فالإجابة قريبة؛ فلنحافظ على ذلك معاشر المستمعين، فهي مما خفَّ عملُه وعظُمَ أجْرُه وأثره، ولا يُشترَط في تلك السنة استقبال القبلة.


الدرس الرابع: حيث إن الجيش في غزوة خيبر كان مسافرًا من المدينة إلى خيبر، وحيث أرادوا إزالة المَلَل والتَّعَب والكَلَل عنهم، كانوا يرتجزون ببعض الحداء الأشعار، وهذا من المحاسن حتى يزول كلل المسافر وتَعَبُه؛ ولكن هذا مشروط بما هو مباح من الألفاظ والمعاني، وغير مصاحب للمعازف المُحرَّمة والمؤثِّرات الصوتيَّة التي تُشبه المعازف، فكم هو جميل أن يحدو المسافر مع رفاق بحداء يزيل المَلَل والكَلَل، ويفيد سامعيه بمعانيه الجميلة وأدائه الرائع، ومثله الأحاديث الوديَّة بين المسافرين هي مِمَّا تُزيل المَلَل؛ ولكن لا يصحبها شيء من الغيبة أو النميمة أو الكذب أو نحو ذلك، فإن كانت مصاحبة لشيء من آفات اللسان وعلله، فوالله، إنَّ المَلَل والكَلَل أطيب منها وأذكى، وإنَّ ممَّا يزيل المَلَل والكَلَل كذلك مناقشةَ هؤلاء الرفقة خلال سيرهم في سفرهم عن شيء ينفعهم في دينهم ودنياهم، فاجتماعُهم فرصةٌ أن يستفيد بعضُهم من بعض.


الدرس الخامس: قول النبي صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه ((لأن يهدي اللهُ بك رجلًا واحدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ)).


إن مجال دعوة الناس إلى الخير هو ميدان فسيح للتنافس والمنافسة؛ لأن هؤلاء المهتدين على يديك هم رصيدٌ لك في موازينك، ولا تحتقر شيئًا ولو كان يسيرًا، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: ((مَنْ دَلَّ على خيرٍ فله مِثْلُ أجْرُ فاعِلُه))؛ رواه مسلم.


وكلمة ((خير)) هنا نكرة؛ فتشمل الخير كله؛ صغيره وكبيره، وقليله وكثيره؛ ولهذا نماذج كثيرة من الدلالة على الخير، فأحدُهم يقول: عندما كنت في العاشرة من عمري علَّمني أحدُهم سيد الاستغفار، وهو سبب من أسباب دخول الجنة، فكنتُ أُكرِّر سيد الاستغفار كل صباح ومساء مع الأذكار، وقد بلغتُ الآنَ السبعين من عمري وأنا أكرِّره طوال تلك السنين، ويقول الآخر: دلَّني فلان على صيام يوم الاثنين، فبعد تلك الدلالة صمتُه ثلاثين عامًا، وما أزال أصومه، ويقول آخر: أرسل إليَّ أحدُهم رسالةَ جوَّال فيها فضيلة صلاة الضُّحْى، فصليتها بعد تلك الرسالة عشر سنوات وما زلت أُصلِّيها، ويقول الآخر: أقرأ الأذكار الصباحية والمسائية كل يوم وليلة منذ ثلاثين عامًا، علَّمني إيَّاها فلان، ويقول آخر: أقرأ آية الكرسي منذ خمسة وثلاثين عامًا، حفَّظني إيَّاها فلان، فيا بُشْرى هؤلاء وأمثالهم في دلالة الآخرين على الخير، فإن لهم مثل أجورهم.


أخي الكريم، هل فكَّرت أن تجعل لك مشروعًا في هذا الميدان? فما عليك إلا أن تختار الأعمال والأقوال الفاضلة الثابتة مما تيسَّر تنفيذه وعظم أجره، واجعله مشروعًا لك بين أهلك وجيرانك وزملائك، وأيضًا في وسائل التواصُل لديك، فستنهمر عليك الأجور بإذن الله عز وجل وتملأ ميزانك منها، واسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبَّل منك وأن يعينك، ومن أمثلة تلك الأعمال والأقوال ما يلي: ركعتا الضُّحَى، وصلاة الوتر، والتسبيح مئة مرة في اليوم، وأذكار الصباح والمساء، ونحو ذلك مما ثبَتَ في السُّنَّة، فإنهم كثيرون أولئك الذين يعلمون تلك الأعمال؛ ولكنهم يغفلون أو ينشغلون عنها، فإذا خاطبتهم كنت دللتهم على هذا، ونِلْتَ مثل أجورهم، فاجعل ذلك واقعًا عمليًّا لك، فهو تجارةٌ مع الله تبارك وتعالى، وهي رابحةٌ بإذن الله عز وجل ولا تعرف الخسارة.


الدرس السادس: أن قصة هذا الرجل الذي قاتل مع المسلمين ثم قتل نفسه عمدًا قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((هو من أهل النار)) فيه درس عظيم في الثبات على دين الله تعالى، فقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ((يا مُقلِّب القلوبِ، ثبِّت قلبي على دينك، وإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبها كيف يشاء))، فلنحرص جميعًا على أسباب الثبات على الدين، ولعلِّي أذكر شيئًا من تلك الأسباب، فمن ذلك ما يلي: أولًا: الدعاء دائمًا بالثبات على دين الله تبارك وتعالى في الدنيا وفي الآخرة، الثاني: مُجالسة الأخيار الذين يُعينونك على الثبات والتمسُّك، ثالثًا: من أسباب الثبات طلب العلم فهو سلاح متين للتعرُّف على الله تعالى وأحكامه وشرعه، الرابع: من أسباب الثبات على الحَقِّ دعوة الآخرين إلى الخير، فهذه الدعوة هي عبارة عن تثبيت لنفسك على الحق الذي هداك الله تعالى إليه، الخامس من أسباب الثبات: إذا رأيت مُبْتلًى فاحمد الله تعالى وادْعُ له ولا تشمت به، فيُصيبك ما أصابه، السابع من أسباب الثبات: عليك بالإكثار من العمل الصالح؛ فهو من المثبتات والمُعزِّزات، الثامن من أسباب الثبات: القراءة عن الضالِّين لتتجنَّب طُرُقَهم، التاسع من أسباب الثبات: تأمُّل وتدبُّر آيات الله تعالى المتلوَّة والمرئية في ملكوت السماوات والأرض، هذه جملةٌ أيُّها الكِرام من أسباب الثبات لنجعلها واقعًا عمليًّا لنا ولأولادنا وأهلنا، فما أحوجنا إليها!


الدرس السابع: أن الشدة يتبعها الرخاء بإذن الله تعالى، وأن العسر يتبعه اليُسْر، إذا كان ذلك كله فيما يرضي الله عز وجل، فالصحابة رضي الله عنهم وجدوا مشقَّةً شديدةً في الحصن الأول من حصون خيبر؛ ولكن الشدة مع الصبر والعمل تزول، وفي هذا درسٌ عظيمٌ بأن الصبر هو مِفْتاح اليُسْر والرخاء، فنوصي شبابنا وأنفسنا بالصبر على الأعمال دُنْيا وأخرى، ولو كانت شاقَّةً على النفس فإن العاقبة حميدة، وذلك بخلاف من لا يصحب الصبر في أعماله، فقد يُخفِّق ويذهب جهده بلا فائدة تُذكَر، فالصبر مِفْتاح للنتائج والمخرجات الطيبة، وإن كان مذاقُه مُرًّا إلا أنه أحلى من العسل في نتائجه ومخرجاته، وعند عملك لأمور دينك أو دنياك خُذْ بهاتينِ القاعدتينِ الآتيتين، وهما: القاعدة الأولى: فكِّر في المكاسب قبل أن تُفكِّر في المتاعب، والقاعدة الثانية: قاوِم ما تكره لتصل إلى ما تحب، اللهم وفِّقْنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك، وأوصلنا دار السلام بسلام، واغفر لنا ولوالدينا والمسلمين وصلَّى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • خاتم النبيين (27)
  • خاتم النبيين (28)
  • خاتم النبيين (29)
  • خاتم النبيين (30)
  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء
  • خاتم النبيين (33)
  • خاتم النبيين (34) أحداث وقعت بعد غزوة خيبر
  • خاتم النبيين (35) أحداث السنة الثامنة من الهجرة
  • خاتم النبيين (36) أحداث غزوة مؤتة
  • خاتم النبيين (37)

مختارات من الشبكة

  • خاتم النبيين (42) أحداث السنة التاسعة من الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (17) الأحداث بين بدر وأحد، وعددها 15 حدثا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (19) تكميل لأحداث غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (22) بعض الأحداث بين أحد والخندق (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (21) بعض الأحداث بين أحد والخندق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (20) بعض الحكم والأحكام في أحد مع استكمال بعض أحداثها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللعب بالحمام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللعب بالشهاردة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما الموقف من أحداث الساعة وتطورات الأحداث؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • أحاديث في النهي عن عمل قوم لوط وحكم فاعله(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • على خطى أندية إنجليزية: برايتون يقيم إفطارا جماعيا بشهر رمضان
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/9/1444هـ - الساعة: 9:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب