• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج الإمام يحيى بن سعيد القطان في توثيق الرواة ...
    أ. د. طالب حماد أبوشعر
  •  
    جذور طرائق التدريس الحديثة في الهدي النبوي ...
    هبة أحمد مصطفى زبير
  •  
    حديث: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    { أياما معدودات }
    د. خالد النجار
  •  
    أنواع الصبر
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    تفسير: (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    سورة البقرة (9) آيات الصيام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أنفقوا فقد جاء شهر الخير (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    الذكر بعد الصلاة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    دمعة الخلوة (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    استقبال شهر رمضان
    الشيخ نشأت كمال
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    من أسباب الوقاية من العين والمس والسحر والشيطان: ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    غنى الخالق عن خلقه وافتقار جميع خلقه إليه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    قبسات من أنوار عفوه وصفحه صلى الله عليه وسلم عمن ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

{الذين هم في صلاتهم خاشعون}

{الذين هم في صلاتهم خاشعون}
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/11/2022 ميلادي - 10/4/1444 هجري

الزيارات: 6050

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾

 

الحمدُ للهِ السَّمِيعِ البَصِيرِ، اللَّطِيفِ الخَبِيرِ، الحَيِيِّ السِّتيرِ، ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1]، أحمدهُ سبحانهُ وأشكرهُ، وأتوبُ إليهِ تعالى وأستغفرهُ، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62].

 

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، ولا ربَّ لنا سواه، ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [التغابن: 3].

 

وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، البشير النذير، والسراج المنير، يا ربِّ صلِّ على النبيِّ المصطفى، أزكى الأنامِ وخيرُ من وَطِئَ الثرى، يا ربِّ صلِّ على النبيِّ وآلهِ، تَعدادَ حباتِ الرمالِ وأَكثَرا، وعلى صحابته الكرام والتابعينَ، ومن تبعهم بإحسانٍ، أمَّا بعدُ:

فإنَّ أعظمَ ما يُوصِي به المرءُ أخاهُ في اللهِ أنْ يوصيهِ بتقوى الله، وأن يتمسكَ بحبلهِ وأن يهتدي بهُداهُ، ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16].

 

﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

معاشرَ المؤمنينَ الكرام، تعلمون أنَّ عبادةَ اللهِ تعالى هيَ الغايةُ من خلقَ المخلوقاتِ جميعًا، ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، ولأجلِ هذه الغايةِ أَرسلَ اللهُ الرُّسُلَ، وأنزلَ الكتُبَ، وبشَّرَ القائِمينَ بها، فقالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [البقرة: 25]، وتوعَّدَ المُستكبِرينَ عنها، فقالَ تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

 

والصّلاةُ أيّها المؤمنون، ركنُ الدِّين الرَّكِينِ، وفريضةُ اللهِ الثابتةِ على المسلمين، وآكدُ وصايا سيدِ المرسلين، وآخرُ ما يُفقدُ من الدِّين، وأول ما يحاسبُ عليه المرءُ يومَ الدين، صلاحُها صلاحُ بقيةِ الأعمال، وفسادُها فسادٌ لبقية الأعمال، المحافظةُ عليها عنوانُ الصِدقِ والإيمان، والتهاونُ بها علامةُ الخذلانِ والخُسران..

 

الصلاةُ أيها المباركون، عنوانُ الفلاحِ، وطريق الصلاح والنجاح، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1-2]، وكيفَ لا يفلِحونَ وهم سيَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، ولا شك أيها الكرام أنه ما من مُسلمٍ إلا وهو يتمنى أن يكونَ من أكثر الناسِ محافظةً على صلاته؛ لأنه يعلمُ أنَّ حياتهُ ستصبحُ أكثرَ سعادةً وسكينةٍ، وراحةً وطمأنينة، فما الذي يحولُ بين البعضِ وبين المحافظة على الصلاة، والإجابة المؤكدة في كتاب الله هو الخشوع يا عباد الله، فالصلاة بلا خشوعٍ, صلاةٌ ثقيلةٌ شاقةٌ، تأمَّل: ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].

 

إذًا فالفلاحُ والسعادة، والراحةُ والطمأنينة، وأنسُ الروحِ وقرةُ العينِ مقرونةٌ بالصلاة الخاشعة، تأمَّل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (وُجعلت قرة عيني في الصلاة)، وقوله عليه الصلاة والسلام: أرحنا بها يا بلال، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يُطيلُ صلاتهُ حتى تتفطَّرَ قدماه.." وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة..

 

الصلاة الخاشعة أيها المباركون نورٌ في القلب، وضياءٌ في الوجه، وزكاءٌ في العقل، وقوةٌ في البدن، وبركةٌ في العمر، ومغفرةٌ للذنوب، وتفريجٌ للكروب، وشفاءً لما في الصدور، ألم تسمع قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ [المعارج:20-22].

 

ألم تتأمَّل قول العزيز الحكيم: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، ألم تتدبر قول الرؤوف الرحيم: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 97-98].

 

ووالله لَوْ أيقن الْمُسْلِمُ بمَا فِي الصَّلَاةِ الخاشعة مِنْ الخيرات والبركات، لأقبل عليها بقلبه وقالبه، تأمل: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]، وجاء في صحيح مسلم: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ»، وفي الصحيحين: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".. أريتم يا عباد الله: فالذُّنُوبُ كُلُّهَا تمحى وتغفرُ, بركعتين خاشعتين، فأيُّ منزلةٍ عظيمة لهذه الصلاة عند الله، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أرأيتُم لو أنّ نهرًا بباب أحدِكم يغتسِل منه كلَّ يومٍ خمسَ مرّات، هل يبقى من درنِه شيء؟" قالوا: لا يبقى من درنِه شيء، قال: "فذلك مثَلُ الصلوات الخمس، يمحو الله بهنّ الخطايا"، وفي الحديث الصحيح: من صلى البردين دخل الجنة، ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله، ومن أدرك تكبيرة الأحرام أربعين يومًا كتبت له براءتان من النار والنفاق، وأن العبد يكون أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، وما من مشكلة إلا والصلاة حلٌّ لها، فإذا أجدَبت الأرض وقحط المطر، وجفَّ الضرع، أُمِرنا أن نفزع إلى الصلاة، وإذا تغيَّرَ مجرى الكونِ واختلَّ نظامُ الشمسِ والقمر أُمِرنا أن نفزعَ إلى الصلاة، وإذا مات المسلمُ وغادرَ الحياة، أُمِرنا أن نودِّعهُ بالصلاة، وإذا اضطرَبت أحوالُ المسلمِ وضاقَ عليهِ أمرهُ, لجأ إلى الصلاة.

 

الصلاةُ يا عباد الله هي العبادةُ الوحيدةُ التي تجبُ على المسلم في كلّ حال، يُصلي قائمًا فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنب، وإلا فعلى أيّ حال، مُستقبلَ القبلة, فإن لم يستطع صلّى لأيّ جهة، وإن عجزَ عن أي شرطٍ من شروطها، صلّى على أيّ حالٍ يتيسر له، فطالما كان العقل موجودًا فإنَّ الصلاة لا تسقطُ بحال؛ قال تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238].

 

والخلاصة يا عباد الله أن مَنْ خَشَعَ فِي صَلَاتِهِ وَجَدَ لها أُنسًا ولَذَّةً، وطمأنينةً وَرَاحَةً، وَوالله ليجدنَّ لها شَوْقًا ورغبة، واقبالًا ومحبة، وبذلك تصلحُ أحواله، وتستقيمُ أموره، وَمَنْ قَرَأَ سِيَرَ الْخَاشِعِينَ، وَرَاقَبَ أَحْوَالَهُمْ وَجَدَ ذَلِكَ واضحًا فِيهِم، ومن لم يخشع في صلاته: حُرم من ذلك كلِّه، وثقُلَ عليه أدائها، حتى يتكاسلَ ويصعبُ عليهِ القيامُ لها، وعندها فيخشى عليه أن يكون ممن قال الله عنهم: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا لَّذَّةَ المناجاة، وَحَلَاوَةَ وأنس الصَّلَاةِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

أقول ما تسمعون....

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، أما بعدُ:

فاتقوا الله أيها المؤمنون، ﴿ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35]..

 

معاشر المؤمنين الكرام، من أراد أن يعرف قدْرهُ ومنزلتهُ عند الله تعالى، فلينظر إلى قدر الصلاةِ ومنزلتها عندهُ، سواءً بسواء، وفي الحديث القدسي الصحيح: قال الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقربَ إلي شبرًا تقربتُ منه ذراعًا، وإن تقربَ مني ذراعًا تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"..

 

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى عباد الله، وَاجْتَهِدُوا فِي تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ؛ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا بِقَدْرِ خُشُوعِهِ فِيهَا، ومن أراد أن يخشعَ في صلاته فليحرص على حُضورِ قلبِه فيها، ومن أراد أن يحضرَ قلبه في صلاته فعليه أن يهتمَّ لها، فمتى أهمَّكَ أمرٌ حضرَ قلبُكَ فيه، وكل هذا يَحْتَاجُ مِنَ الْعَبْدِ إِلَى تَهْيِئَةٍ واستعدادِ, وبذلٍ لبعضِ الأسبابِ السهلة بَدءًا بَإِحْسَان الْوُضُوءِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى السِّوَاكِ، وَعَلَى أَذْكَارِ الْوُضُوءِ، وأذكارِ دخولِ المسجدِ والخروجِ منه، وَعلى التَّبْكِير إِلَى الْمَسْجِدِ، وَالْحِرْصِ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَالدُّنُوُّ مِنَ الْإِمَامِ، وَالتُّؤَدَةِ فِي صَلَاةِ السنة، وقراءةِ شيءٍ من القرآن الكريم أو الذكرِ والدعاءِ والتسبيح... وكذلك اسْتِحْضَارِ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عند الْوُقُوفِ بين يديه في اِلصَّلَاةِ، وَاسْتِحْضَار هَيْبَةِ الْوُقُوفِ أَمَامَهُ، واستشعارِ لَذَّةِ مُنَاجَاتِهِ وتَدَبُّر ما يقوله فِي ركوعه وَسجُودِه وجلوسه، وَأن يوقنَ باستجابة دُعَاءِهِ فِيها، وَلَا سِيَّمَا فِي السُّجُودِ، واستحضارِ أنَّ الله الكريم المنعم، هو الذي أمره بهذه الصلاة، وهو الذي وفقه وشرحَ صدرهُ ونوَّرَ قلبه، وأعانهُ على القيام إليها، وهو الذي يسَّرَ لهُ وضوؤه وقوَّاه عليه، وهو الذي أتي به إلى المسجد ليُصلِّي ويذكُرَ ربه، ثم هو الذي يتكرَّمُ بالقبول ويشكُرُ سعيهُ ويتقبل صلاتهُ، وَاسْتِحْضَارُ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ مُنْذُ خَلَقَهُ وَأَوْجَدَهُ، فَإِنَّ مَنْ أَغْدَقَ عَلَيْهِ كُلَّ هَذِهِ النِّعَمِ، وَدَفَعَ عَنْهُ مِنَ المصائب والنِّقَمِ مَا يَعْلَمُ وَمَا لَا يَعْلَمُ، لَحَرِيٌّ أَنْ يَخْشَعَ لَهُ الْعَبْدُ فِي مِحْرَابِهِ، وَاسْتِحْضَارُ عظمةِ الْمَوْقِفِ بين يدي اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَليَتَذَكَّر أَنَّ من خافَ في هذا الموقف، أمِن في ذاك الموقف، ففي الحديث القدسي الصحيح: (وعزتي لا أجمعُ على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين، إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة)، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88-89]، وَالْخُشُوعُ مِنْ دَلَائِلِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ..

 

أحبابي في الله، قلةٌ قَليلة مَن يَجهَلُ مَا الذي ينبغي عليه فعله، وَمَا الذي لا يَنبغي له، أكثرنا إن لم يكن كلنا يعلم ما هو الحلال وما هو الحرام، وما هو الصحيح وما هو الخطأ، وَلَكِنَّنَا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ مَاسَّةٍ، إِلى خُطواتٍ عمليةٍ يصلُح به وَاقِعُنَا، وتستقِيمُ به أُمورُنا، ويرضى بهِا عنَّا ربُّنا، فمتى تقوى الإرادة، وتشْتدُ العزيمةُ، ونُتبِعِ القولَ العمل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف:2-3]، ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الحديد:16-17].

 

ويا بن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبِب مَن شئت فإنك مفارقه، واعمَل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • الخشوع في الصلاة (الذين هم في صلاتهم خاشعون)
  • الذين هم في صلاتهم خاشعون (بطاقة)
  • تفسير: (الذين هم في صلاتهم خاشعون)
  • الذين هم في صلاتهم خاشعون (بطاقة 2)
  • {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون}

مختارات من الشبكة

  • الصلاة المريحة وقوله تعالى (الذين هم في صلاتهم خاشعون)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/9/1444هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب