الوهابية ليست فرقة ولا جماعة ولا مذهبا جديدا (PDF)

الوهابية ليست فرقة ولا جماعة ولا مذهباً جديداً

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً وبعد:

فبين الحين والآخر يتكلم بعض من لا خلاق له من أهل البدع والأهواء ويطعن في بعض أئمة السلف المتقدمين والمتأخرين، وينبذهم ببعض الألقاب السيئة المنفرة ليصد الناس عنهم وعن دعوتهم الطيبة المباركة، ومن هؤلاء الأئمة الفضلاء والمشايخ النبلاء؛ شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- المولود عام (1115هـ) والمتوفى عام (1206هـ)، فقد قام بعض المعادين لدعوته الصحيحة بتنفير الناس منه بقول (الوهابية، ووصفه بأنه تكفيري، وأنه مصدر الإرهاب!) وبين الحين والآخر يطلع علينا بعض أذناب هؤلاء، ويجددون الطعون في هذا الإمام العلم الكبير، حتى إن بعضهم -قبحه الله- قال: (لعنة الله على الوهابية!) وبعضهم أخرجهم من دائرة أهل السنة والجماعة! ومن أغرب الغرائب وأعجب العجائب أن بعض هؤلاء الجهال قال: (الوهابية هم من قتل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم!

ولا شك أن هذا الكلام الذي قاله أعداء الشيخ؛ من النكارة بمكان، ومن أبطل الباطل، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب من الأئمة المجددين، ودعوته صحيحة قائمة على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وكان قد انتشرت في زمانه البدع والشركيات من عبادة القبور ونحوها فحارب كل ذلك ودعا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يكون مرجعهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وكتب المؤلفات الكثيرة في ذلك ليبين للناس الحق ومن ثم يعملون به ويتركون الباطل، وعلى رأس ذلك كتابه القيم (كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) الذي ألَّفه على نسق صحيح الإمام البخاري -رحمه الله- فهو يذكر الباب وتحته آية أو حديث، وقد قام بشرحه عدد كبير من أهل العلم ما بين مطول ومتوسط ومختصر، ولا شك أن مؤلفاته العديدة في جميع أنواع العلوم الشرعية مع ضبطها وتحريرها؛ لتدل دلالة واضحة على أنه كان موسوعة علمية بجدارة.

فتصدى أهل الباطل للشيخ وذلك لأنه لم يرق لهم ما يدعوهم إليه، فحاربوه وعادوه وآذوه لتموت دعوته، فصبر على ذلك حتى مكَّن الله له وانتشرت دعوته في الآفاق، وصار إماماً كبيراً يقتدى به ويرجع إليه.

والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب لم يدع الناس لنفسه حتى يقال (وهابية) أو أنه كوَّن جماعة ونحو ذلك، وإنما يدعو الناس للتمسك بالكتاب والسنة والعمل بهما على فهم السلف الصالح، فلا عبرة حينئذ بالألقاب السيئة التي يطلقها هؤلاء عليه وعلى دعوته المباركة، فإن من عادة أهل البدع والأهواء في كل زمان أن يطلقوا الألقاب السيئة على أهل الحق لينفروا الناس عنهم وعن دعوتهم، ودعوة الشيخ مباركة كما قلت آنفاً قائمة على كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح، فهل يحذر ممن كان هذا منهجه؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.

وكيف يخرج هؤلاء الحمقى الشيخ محمداً بن عبد الوهاب وأتباعه عن دائرة أهل السنة؛ وهم لم يخالفوا السنة في شيء؟! والشيخ من كبار الأئمة المتأخرين الداعين إلى توحيد الله والتمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولزوم ما كان عليه السلف الصالح، فهل من كان هذا حاله؛ يخرج عن دائرة أهل الستة والجماعة؟! ومن أوَّل صفات ربِّ العالمين وعطلها وحرف في معانيها وقال بالإرجاء والتجهم والتصوف بكل معانيه من غناء ورقص والقول بوحدة الوجود والحلول وغير ذلك من البدع والكفريات؛ يقال أنه من أهل السنة! ألا قبح الله الجهل وأهله.

وقد أعجبني قديماً ما قرأته أن بعض أهل البدع رمى الإمام الشافعي -رحمه الله- بأنه رافضي فقال الشافعي:

إن كان رفضاً حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي

وعلى غرار ذلك قال بعض الشعراء في الدفاع عن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب لما نبذه أهل الأهواء والبدع بالوهابية:

إن كان تابع أحمد متوهباً فأنا المقر بأنني وهابي

إذاً: فالشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب لم يخالف أصول الشريعة الإسلامية إطلاقاً، وإنما كان متمسكاً بها، ويحترم أهل العلم من أئمة السلف، وكتبه الكثيرة تشهد بذلك، ولا شك أن خصومه هم من يخالف أصول الشريعة، ولا يحترمون أهل العلم من أئمة السلف الصالح، وإنما يتبعون أهواءهم لذلك ضلوا الطريق.

وأما زعمهم بأن الوهابية فرقة أو جماعة أو مذهب جديد؛ فزعم باطل ولا شك، فالوهابية ليست فرقة ولا جماعة ولا مذهباً جديداً، وإنما كان الشيخ يدعو الناس إلى توحيد الله تعالى والتمسك بكتابه وسنة نبيه بفهم السلف الصالح، وكان في الفقه على مذهب الحنابلة، ولم يكن متعصباً لهم، وإنما إذا ثبت عنده الدليل على خلاف قول المذهب أخذ بالدليل وتقلده وحث الناس عليه.

وأما زعم هؤلاء بأن الوهابية هي منشأ التكفير والإرهاب في المجتمعات! فهذا زعم باطل أيضاً، لأن الشيخ لم يدع إلى التطرف والتخريب البتة، فدعوته ليست سياسية ليحقق مطامع خاصة، وإنما دعا إلى عبادة الله وحده لا شريك له؛ أي لإنقاذ الناس من الشرك ومن ثم الخلود في النار.

ولم يكن الشيخ تكفيرياً، وإنما كغيره من أئمة السلف يكفر من كفره الله ورسوله، فهل يلام أحد على اتباعه لله ورسوله! سبحانك هذا بهتان عظيم.

ولا شك أن أصحاب هذه الفرية هم الصوفية عباد القبور، والمدافعون عنهم بالباطل، لأنهم غارقون في الأعمال الشركية فأغاظهم تحذير الشيخ -رحمه الله- منهم ومن أفعالهم وبيانه أن هذه الأعمال شركية وأن أصحابها مشركون.

كذلك أيضاً فإن من جملة أعداء الشيخ الذين يحاولون إلصاق التهم به؛ أصحاب العقائد المنحرفة كالمعتزلة والأشاعرة والماتريدية وغيرهم كالعلمانيين، فإن جميع هؤلاء يبغضون عقيدة السلف الصالح، ويزينون للناس كذباً وزوراً أن ما هم عليه هو عقيدة السلف! وكذبوا في ذلك، لأنهم لو كانوا حقاً على ذلك لما رفضوا الأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على بطلان عقائدهم كما هو معروف عنهم.

وأما قول بعضهم: (الوهابية هم من قتل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم!) فالذي يظهر أن قائل ذلك كذاب أشر، وجاهل جهلاً مركباً، فأين مولد الشيخ من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم؟! والبلية الكبرى أن بعض الناس يروج عليه هذا الكلام الباطل، وذلك لبعد الناس عن العلم الصحيح ومعرفة التاريخ.

فالخلاصة أن الوهابية ليست فرقة ولا جماعة ولا مذهباً جديداً كما يفتري ذلك أهل البدع والأهواء، وإنما هم أصحاب عقيدة ومنهج صحيح، وقد بارك الله تعالى في دعوة هذا الإمام الكبير فبلغت الآفاق، وانتفع بعلمه إلى يومنا هذا خلق كثير جداً لا يحصي عددهم إلا الله تعالى، وقد بارك الله في ذريته فصار كثير منهم أئمة يقتدى بهم، وانتفع الكثير أيضاً من علمهم خاصة فيما يتعلق بمباحث الاعتقاد والتحذير من الشرك.

هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

وكتبه

أبو عبد الله

وائل بن على بن أحمد آل عبد الجليل الأثري

السبت: 1 / ذو الحجة / 1437هـ

3/ سبتمبر / 2016م

alsalafy1433@hotmail.com