• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    التلاعب بالمواريث (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أدب التثبت في الأخبار (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ذلك جزاء المحسنين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    (ولا تهنوا في ابتغاء القوم)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    من معجزاته صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مرجعية الحضارة الإسلامية
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    زعموا وسمعنا.. ونقل الأخبار..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حال الصحابة - رضي الله عنهم - مع القرآن في صلاتهم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حديث: أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من نعم الابتلاء بالمرض (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من مناهج المحدثين... (منهج الإمام مسلم)-الحلقة ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    خطب الاستسقاء (15) أسباب الغيث المبارك
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

تقوية القلب على لزوم الحق (خطبة)

تقوية القلب على لزوم الحق (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/2/2025 ميلادي - 7/8/1446 هجري

الزيارات: 9326

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تقوية القلب على لزوم الحق


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ، الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَضِيَ لِعِبَادِهِ الْإِسْلَامَ، وَهَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ، وَعَلَّمَهُمُ الْقُرْآنَ، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ مَا أَجَلَّهَا، وَمِنَّةٌ مَا أَعْظَمَهَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أُوذِيَ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَأُخْرِجَ مِنْ بَلَدِهِ، وَعُذِّبَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ؛ فَمَا لَانَتْ عَزِيمَتُهُ، وَلَا ضَعُفَتْ هِمَّتُهُ؛ بَلْ بَلَّغَ رِسَالَتَهُ، وَأَدَّى أَمَانَتَهُ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُمْ؛ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، وَمَسْئُولُونَ عَنْهُ يَوْمَ بَعْثِكُمْ وَجَزَائِكُمْ؛ فَأَعِدُّوا لِلسُّؤَالِ جَوَابًا بِتَقْوِيَةِ الْإِيمَانِ وَكَثْرَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 43-44].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ عَظِيمِ الِابْتِلَاءِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَ الْإِيمَانِ فِي الدُّنْيَا مُحَاوَلَةُ صَرْفِهِمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْهُ، مِنْ قِبَلِ أَعْدَائِهِمْ، تَارَةً بِإِغْرَاقِهِمْ فِي الشَّهَوَاتِ، وَتَارَةً بِقَذْفِهِمْ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْكَذِبِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُتَمَسِّكِينَ بِهِ، وَحِينَ يَرَى الْمُؤْمِنُ الْحَمَلَاتِ الشَّرِسَةَ عَلَى شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، وَالْمُلْتَزِمِينَ بِهَا؛ يُوقِنُ أَنَّ مَكْرَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ كَبِيرٌ، وَأَنَّ كَيْدَهُمْ عَظِيمٌ، وَهُوَ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا ﴾ [نُوحٍ: 22]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴾ [الطَّارِقِ: 15].

 

وَإِزَاءَ هَذِهِ الْحَمَلَاتِ الْمُنَظَّمَةِ ضِدَّ الْإِسْلَامِ يَتَسَلَّلُ الْخَوْفُ وَالْيَأْسُ وَالْقُنُوطُ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْقُلُوبِ؛ فَمِنْهَا قُلُوبٌ تُفَارِقُ الْإِسْلَامَ -عَوْذًا بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ- وَتَنْقَلِبُ إِلَى عَدُوٍّ حَاقِدٍ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا قُلُوبٌ تَنْتَكِسُ لِتُعِينَ الْبَاطِلَ عَلَى الْحَقِّ؛ إِيثَارًا لِلسَّلَامَةِ أَوْ طَلَبًا لِلدُّنْيَا، وَمِنْهَا قُلُوبٌ تَضْعُفُ عَنْ مُقَاوَمَةِ الْبَاطِلِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى الْحَقِّ، وَتَنْكَفِئُ عَلَى نَفْسِهَا وَدُنْيَاهَا؛ خَوْفًا مِنَ الْبَاطِلِ وَصَوْلَتِهِ، وَيَأْسًا مِنْ عُلُوِّ الْحَقِّ وَرِفْعَتِهِ، وَمِنْهَا قُلُوبٌ لَا يَزِيدُهَا تَسَلُّطُ الْبَاطِلِ عَلَى الْحَقِّ إِلَّا صَلَابَةً فِي الْحَقِّ، وَيَقِينًا بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَتَمَثَّلُ أَهْلُ هَذِهِ الْقُلُوبِ مَقُولَةَ أَفْضَلِ رَجُلٍ فِي أَوَاخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَلْقَى الدَّجَّالَ الْأَعْوَرَ فَيَكْشِفُ لِلنَّاسِ حَقِيقَتَهُ، فَيَنْشُرُهُ الدَّجَّالُ إِلَى نِصْفَيْنِ «ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ، فَيَسْتَوِي قَائِمًا، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: مَا ازْدَدْتُ ‌فِيكَ ‌إِلَّا ‌بَصِيرَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَمَا أَعْظَمَ تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتِي تُمَيِّزُ الْبَاطِلَ مِنَ الْحَقِّ، فَتَلْزَمُ الْحَقَّ وَلَا تَرْهَبُ الْبَاطِلَ مَهْمَا كَانَتْ قُوَّتُهُ وَكَيْدُهُ وَمَكْرُهُ؛ لِيَقِينِهَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 81]، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقُلُوبِ.

 

وَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِتَقْوِيَةِ قَلْبِهِ فِي الْمِحَنِ وَالشَّدَائِدِ، وَحَالَ تَسَلُّطِ أَهْلِ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ؛ لِئَلَّا يَمِيلَ قَلْبُهُ إِلَى الْبَاطِلِ:

وَمِمَّا يُقَوِّي الْقَلْبَ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ: الْيَقِينُ بِأَنَّ الْقُوَّةَ وَالْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا، وَأَنَّ الْأَمْرَ أَمْرُهُ، وَأَنَّ الْمُلْكَ مُلْكُهُ، وَأَنَّ الْقَدَرَ قَدَرُهُ؛ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بِأَمْرِهِ، وَلَا يُقْضَى شَأْنٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ؛ ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 154]، ﴿ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [يُونُسَ: 65]، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الْمُلْكِ: 1]، مَعَ اسْتِحْضَارِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُحِبُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَنْصُرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُرِيدُ مِنْهُمُ الثَّبَاتَ عَلَى دِينِهِمْ، وَالصَّبْرَ عَلَى الْأَذَى فِيهِ، وَعَدَمَ الْخُضُوعِ لِلْبَاطِلِ مَهْمَا كَلَّفَ الْأَمْرُ: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 120]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 56]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الْحَجِّ: 78].

 

وَمِمَّا يُقَوِّي الْقَلْبَ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ: حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلَا سِيَّمَا إِذَا تَكَالَبَ الْأَعْدَاءُ عَلَى دِينِهِ لِمَحْوِهِ، وَعَلَى حَمَلَتِهِ لِإِبَادَتِهِمْ، وَقَدْ أَظْهَرَ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ حُسْنَ ظَنِّهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى حِينَ حُوصِرُوا مِنْ أَعْدَائِهِمْ لِقَتْلِهِمْ؛ فَكَلِيمُ الرَّحْمَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَهُ؛ طُورِدُوا مِنْ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ حَتَّى بَلَغُوا الْبَحْرَ فَكَانَ أَمَامَهُمْ، وَكَانَ الْعَدُوُّ وَرَاءَهُمْ؛ حَتَّى أَيْقَنَ أَتْبَاعُ مُوسَى أَنَّهُمْ هَالِكُونَ لَا مَحَالَةَ، وَلَكِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَسْتَحْضِرُ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ الْعَصِيبِ مَعِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ؛ لِيُعْلِنَهَا فِي قَوْمِهِ؛ مُطَمْئِنًا لَهُمْ، وَمُثَبِّتًا لِأَقْدَامِهِمْ، وَرَابِطًا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَمُزِيلًا وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ عَنْهُمْ؛ ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 61-62]، فَشَقَّ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَسِيرُ فِيهِ هُوَ وَقَوْمُهُ؛ ﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ﴾ [طه: 77]، وَحِينَ حَاصَرَ الْمُشْرِكُونَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ، وَخَافَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُبْصِرُوهُمْ؛ طَمْأَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَتَذْكِيرِهِ بِمَعِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ ‌اللَّهُ ‌ثَالِثُهُمَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى قُرْآنًا يُتْلَى: ﴿ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التَّوْبَةِ: 40].

 

وَمِمَّا يُقَوِّي الْقَلْبَ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ: اسْتِحْضَارُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ الْعِزَّةَ وَالْغَلَبَةَ وَالنَّصْرَ لِلْمُؤْمِنِينَ: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 8]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 21]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غَافِرٍ: 51]، وَجَعَلَ اللَّهَ تَعَالَى نَصْرَ الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الرُّومِ: 47]، وَهِيَ كَلِمَةٌ مِنْ كَلِمَاتِهِ سَبَقَتْ فِي قَدَرِهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 171-173]، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَرْبِطُ عَلَى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُزِيلُ خَوْفَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيُبَدِّدُ رَهْبَتَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ.

 

وَمِمَّا يُقَوِّي الْقَلْبَ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ: النَّظَرُ فِي سِيَرِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمَا كَادَهُ لَهُمْ أَعْدَاؤُهُمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَيْدِ وَالْمَكْرِ، فَارْتَدَّ كَيْدُهُمْ وَمَكْرُهُمْ عَلَيْهِمْ، وَظَهَرَ دِينُ اللَّهِ تَعَالَى، وَانْتَصَرَ أَوْلِيَاؤُهُ بَعْدَ مَوْجَاتٍ مِنَ الِابْتِلَاءِ وَالتَّمْحِيصِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 70]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ قَوْمِ صَالِحٍ لَمَّا تَآمَرُوا عَلَى قَتْلِهِ: ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 50-52]، وَخَاطَبَ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 30]، فَبَقِيَ دِينُ اللَّهِ تَعَالَى وَهَلَكَ أَعْدَاؤُهُ؛ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَنْ قَذَفَ الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ أَنَّ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ بِإِمْكَانِهِمُ الْقَضَاءُ عَلَى الْإِسْلَامِ، بِمَا أُوتُوا مِنْ أَنْوَاعِ الْقُوَّةِ السِّيَاسِيَّةِ وَالْعَسْكَرِيَّةِ وَالِاقْتِصَادِيَّةِ وَالْإِعْلَامِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ وَالْمُخَابَرَاتِيَّةِ، وَهَالَهُ مَا أُعْطُوا مِنْ قُدُرَاتٍ هَائِلَةٍ فِي كَافَّةِ الْمَجَالَاتِ، مَعَ ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ وَتَفَرُّقِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ وَتَأَخُّرِهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَجَالَاتِ؛ فَلْيُوقِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ حَافِظُ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الَّذِي قَضَى بِنَشْرِهِ فِي أَرْجَاءِ الْمَعْمُورَةِ، وَلَوْ تَخَلَّى عَنْهُ كُلُّ الْمُسْلِمِينَ؛ فَكَيْفَ وَهُمْ لَمْ يَتَخَلَّوْا عَنْهُ بِأَجْمَعِهِمْ، بَلْ فِيهِمْ مَنْ يَدْعُو إِلَيْهِ، وَيُدَافِعُ عَنْهُ، وَيَرُدُّ حَمَلَاتِ الْأَعَادِي عَلَيْهِ، وَهُمْ كَثِيرٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَقَدْ بَشَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِانْتِشَارِهِ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَفِي زَمَنٍ مَضَى قَبْلَ آلَافِ السِّنِينَ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ وَزَوْجِهِ سَارَّةَ وَابْنِ أَخِيهِ لُوطٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَالْآنَ كَمْ أَتْبَاعُ مِلَّةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْأَرْضِ؟ وَحِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ إِلَّا زَوْجُهُ خَدِيجَةُ، وَصَدِيقُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ عَمِّهِ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَكَمْ هُمْ أَتْبَاعُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَنِنَا؛ فَلَا يَهُولَنَّ مُؤْمِنًا كَيْدُ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَلَا مَا يُدَبِّرُونَهُ مِنْ مَكْرٍ وَكَيْدٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ، وَيَجْعَلُ تَدْبِيرَهُمْ تَدْمِيرًا عَلَيْهِمْ، وَكَيْدَهُمْ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النِّسَاءِ: 76]، وَفِي بَدْرٍ الْكُبْرَى أَغْرَى الشَّيْطَانُ مُشْرِكِي مَكَّةَ بِالْقِتَالِ، ثُمَّ تَخَلَّى عَنْهُمْ لِيَلْقَوُا الْهَزِيمَةَ وَالْمَوْتَ: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 48]، وَهَذَا هُوَ مَصِيرُ مَنْ يُحَارِبُ دِينَ اللَّهِ تَعَالَى كَائِنًا مَنْ كَانَ، سَيَتَخَلَّى عَنْهُ أَنْصَارُهُ وَحُلَفَاؤُهُ أَشَدَّ مَا يَكُونُ حَاجَةً لَهُمْ، فَيَبُوءُ بِالْخِذْلَانِ وَالْخُسْرَانِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القوة في العبادة (خطبة)
  • عرفة والنحر والتشريق (خطبة)
  • القلب المريض بالنفاق (خطبة)
  • فقه التعامل مع ازدحام السيارات (خطبة)
  • عداوة الكفار للمؤمنين (خطبة)
  • النصر بالصبر (خطبة)
  • نزول الرب تبارك وتعالى
  • محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التفاف الرعية بالراعي ونبذ الفرقة والشقاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قواعد قرآنية في تقوية الحياة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: فضائل التقوى(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • من درر العلامة ابن القيم عن التقوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدعة الاحتفال بالمولد النبوي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تحريم الخمر وعلاقته بالإيمان والتقوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخرائط الذهنية في تكوين المناعة الفكرية: منقول من كلام السادة العلماء وذوي الفضل والتقوى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التقوى خير زاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الإخلاص والتقوى(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/5/1447هـ - الساعة: 14:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب