• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    التلاعب بالمواريث (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أدب التثبت في الأخبار (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ذلك جزاء المحسنين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    (ولا تهنوا في ابتغاء القوم)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    من معجزاته صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مرجعية الحضارة الإسلامية
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    زعموا وسمعنا.. ونقل الأخبار..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حال الصحابة - رضي الله عنهم - مع القرآن في صلاتهم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حديث: أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من نعم الابتلاء بالمرض (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من مناهج المحدثين... (منهج الإمام مسلم)-الحلقة ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    خطب الاستسقاء (15) أسباب الغيث المبارك
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

العمل للدنيا والآخرة.. بيان ومقارنة (خطبة)

العمل للدنيا والآخرة.. بيان ومقارنة (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/12/2023 ميلادي - 24/5/1445 هجري

الزيارات: 23809

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العملُ للدُّنيا والآخرةِ.. بَيانٌ ومُقارَنةٌ


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدِ انْقَسَمَ النَّاسُ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ لِلدُّنْيَا، وَانْتِظَارِ مَا يَحْصُلُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَتَاعِهَا وَزُخْرُفِهَا وَبَهْجَتِهَا، وَمَا يَقُومُونَ بِهِ مِنْ عَمَلٍ لِلْآخِرَةِ، وَانْتِظَارِ مَا سَيَحْصُلُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الَّذِينَ أَلْهَتْهُمُ الدُّنْيَا، وَصَرَفَتْهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ: وَهُمُ الْكَثْرَةُ الْكَاثِرَةُ، وَالْأَغْلَبِيَّةُ السَّاحِقَةُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ الَّذِينَ كَرَّسُوا حَيَاتَهُمْ لِلْحُصُولِ عَلَى الْأَمْوَالِ، وَالتَّمَتُّعِ بِالشَّهَوَاتِ، وَالِانْغِمَاسِ فِي الْمَلَذَّاتِ، وَلَمْ يُفَكِّرُوا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَمَا يَنْتَظِرُهُمْ فِيهَا مِنْ حِسَابٍ أَوْ عِقَابٍ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ صَدَقَ فِيهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 14]، وَنَعِيمُ الدُّنْيَا إِلَى زَوَالٍ، وَنَعِيمُ الْآخِرَةِ بَاقٍ بِلَا انْتِهَاءٍ، وَلَا انْقِضَاءٍ: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النَّحْلِ: 96]، ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النِّسَاءِ: 77].

 

وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِتَوْجِيهِهِ السَّلِيمِ، وَنُطْقِهِ الْحَكِيمِ – هَذِهِ الْحَقِيقَةَ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ قَالَ: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: "مَالِي، مَالِي!" قَالَ: وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ؛ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ! وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَفِي الْمُقَارَنَةِ؛ بَيْنَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا فَقَطْ، وَيَغْفُلُونَ عَنِ الْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ، وَبَيْنَ مَنْ يَعْمَلُونَ لِهَذِهِ وَتِلْكَ، وَيُقَدِّمُونَ الْعَمَلَ لِلْآخِرَةِ عَلَى الْعَمَلِ لِلدُّنْيَا؛ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 200-202].

 

وَيُبَيِّنُ اللَّهُ مَآلَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الدُّنْيَا فَقَطْ، وَمَآلَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ لِلْآخِرَةِ وَيُؤْثِرُونَهَا عَلَى الدُّنْيَا: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 18-19]، وَفِي مَشْهَدٍ آخَرَ: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشُّورَى: 20].

 

وَالْإِنْسَانُ لَوِ ابْتَغَى الدُّنْيَا وَحْدَهَا؛ فَإِنَّهُ سَيَقْضِي حَيَاتَهُ كُلَّهَا فِي اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى – مُبَيِّنًا قِيمَةَ الدُّنْيَا بِالْقِيَاسِ إِلَى الْآخِرَةِ: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 64].

 

وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُعْلِمُنَا بِأَخْبَارِ الْمَفْتُونِينَ بِالدُّنْيَا، وَيُبَيِّنُ لَنَا سُوءَ عَاقِبَتِهِمْ، فَيَقُولُ: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ﴾ [الْكَهْفِ: 103-106].

 

أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: هُمُ الَّذِينَ عَمِلُوا لِلدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِمْ لِلْآخِرَةِ: لِقِصَرِ أَنْظَارِهِمْ، وَضَعْفِ إِيمَانِهِمْ، وَقِلَّةِ إِدْرَاكِهِمْ، فَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الدُّنْيَا عَلَى أَنَّهَا الْأَصْلُ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ – إِذَا عَمِلُوا لَهَا – فَإِنَّمَا يَكُونُ الْعَمَلُ لَهَا بِشَكْلٍ إِضَافِيٍّ لَا يَمُتُّ إِلَى وَاقِعِ حَيَاتِهِمُ الَّتِي خَلَتْ مِنَ الْوَاجِبَاتِ، وَفَرَغَتْ مِنَ الْمُهِمَّاتِ، وَامْتَلَأَتْ بِالتَّوَافِهِ وَالْمُغْرِيَاتِ؛ كَمَا هُوَ عَلَيْهِ حَالُ الْكَثْرَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ، فَتَرَاهُمْ يُهْمِلُونَ فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَلَا يُؤَدُّونَهَا بِانْتِظَامٍ مَعَ الْجَمَاعَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، وَهُوَ الْقَائِلُ: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النِّسَاءِ: 103]، وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَتَأَخَّرُ فِي الْمَجِيءِ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، أَيْ: بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَفُوتُهُ مُعْظَمُ الْمَوْعِظَةِ الَّتِي يَنْبَغِي عَلَيْهِ الِاسْتِفَادَةُ مِنْهَا.

 

وَيُقَصِّرُونَ فِي بَاقِي أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَشَعَائِرِهِ الْعِظَامِ؛ كَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَكَأَنَّهُمْ - حِينَ يَقُومُونَ بِالْأَعْمَالِ الْقَلِيلَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُمْ - لَا يُؤَدُّونَهَا عَلَى أَنَّهَا فَرَائِضُ وَعِبَادَاتٌ شَرْعِيَّةٌ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَقُومُوا بِهَا؛ وَإِنَّمَا يُؤَدُّونَهَا عَلَى أَنَّهَا مَظَاهِرُ اجْتِمَاعِيَّةٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُشَاطِرُوا مُجْتَمَعَاتِهِمْ فِي تَأْدِيَتِهَا فَقَطْ! وَهَذَا نَاتِجٌ عَنْ ضَعْفِ إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَهَؤُلَاءِ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ – إِنِ اسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ – وَلَمْ يُصَحِّحُوا مَقَاصِدَهُمْ وَنِيَّاتِهِمْ، وَيُقَدِّمُوا الْآخِرَةَ عَلَى الْأُولَى، وَيُوقِنُوا بِأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَأَنَّهَا الْبَاقِيَةُ، وَأَنَّ الدُّنْيَا إِلَى زَوَالٍ وَفَنَاءٍ وَانْتِهَاءٍ.

 

وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعِيبُ عَلَى هَذَا الصِّنْفِ مِنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: ﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ﴾ [الْقِيَامَةِ: 20-21]، وَيَقُولُ: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الْأَعْلَى: 16-17]، وَيَقُولُ – لِلَّذِينَ يُقَدِّمُونَ الْعَمَلَ لِلدُّنْيَا، وَيَتَغَاضَوْنَ عَنِ الْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ: ﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 38].

 

وَالْعَمَلُ لِلْآخِرَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَلِ لِلدُّنْيَا: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [الْقَصَصِ: 77].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: هُمُ الَّذِينَ بَاعُوا الدُّنْيَا مِنْ أَجْلِ الْآخِرَةِ: وَبَذَلُوا حَيَاتَهُمْ فِي طَاعَةِ رَبِّهِمْ وَعِبَادَتِهِ، وَنَيْلِ مَرْضَاتِهِ، وَاشْتَغَلُوا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي جَمِيعِ الْمَجَالَاتِ، وَلَمْ تَفْتِنْهُمُ الدُّنْيَا، وَلَمْ تَشْغَلْهُمْ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَالْعِبَادَاتِ الَّتِي شَرَعَهَا لَهُمْ؛ بَلْ زَادُوا عَلَى الْفَرَائِضِ بِالْحِفَاظِ عَلَى النَّوَافِلِ؛ لِرَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ، الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَهَذَا الْقِسْمُ الْكَرِيمُ يَنْظُرُونَ إِلَى الدُّنْيَا؛ كَمَا قَالَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ؛ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

وَكَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَتَابِعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، يَتَسَابَقُونَ إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَيَتَبَارَوْنَ فِي الطَّاعَاتِ، وَيَتَنَافَسُونَ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا، فَقُلْتُ: "الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ - إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا"، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قُلْتُ: "مِثْلَهُ"، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ! مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قَالَ: "أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، قُلْتُ: "وَاللَّهِ لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا". صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ؛ وَلِذَا نَالَ أَبُو بَكْرٍ ثَنَاءَ رَبِّهِ تَعَالَى: ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴾ [اللَّيْلِ: 17-21].

 

فَلْنَعْمَلْ لِلدُّنْيَا عَلَى قَدْرِ مَقَامِنَا فِيهَا، وَلْنَعْمَلْ لِلْآخِرَةِ عَلَى قَدْرِ بَقَائِنَا فِيهَا، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَا ابْنَ آدَمَ! ‌بِعْ ‌دُنْيَاكَ ‌بِآخِرَتِكَ تَرْبَحُهُمَا جَمِيعًا، وَلَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ فَتَخْسَرَهُمَا جَمِيعًا).

تَاللَّهِ لَوْ عَاشَ الْفَتَى فِي أَهْلِهِ
أَلْفًا مِنَ الْأَعْوَامِ مَالِكَ أَمْرِهِ
مُتَلَذِّذًا مَعَهُمْ بِكُلِّ لَذِيذَةٍ
مُتَنَعِّمًا بِالْعَيْشِ مُدَّةَ عُمْرِهِ
لَا يَعْتَرِيهِ النَّقْصُ فِي أَحْوَالِهِ
كَلَّا وَلَا تَجْرِي الْهُمُومُ بِفِكْرِهِ
مَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَنْ يَفِي
بِنُزُولِ ‌أَوَّلِ ‌لَيْلَةٍ ‌فِي ‌قَبْرِهِ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخوف من الله: نعيم في الدنيا والآخرة
  • أسباب الثبات في الدنيا والآخرة
  • الأمانة بين الدنيا والآخرة
  • الزلزال بين الدنيا والآخرة

مختارات من الشبكة

  • ضعف حديث: (أطفال المشركين خدم أهل الجنة) وبيان مصيرهم في الآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: كيف تقود نفسك للنجاح في الدنيا والآخرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • { قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى }(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • الحديث الحادي عشر: الصدق سبب في نجاح الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الإخلاص والتقوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفة الحكمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ابني يتكاسل عن العمل، فهل أزوجه؟(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/5/1447هـ - الساعة: 14:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب