• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحلقة الثانية: لماذا أعرف الله؟
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    تفريج الهم.. وتنفيس الكرب
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    المرض الاقتصادي: أشكاله وآثاره
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    فقه مرويات ضرب الزوجة في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (إنكم تشركون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    التحذير من الكسل (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    العلاقات الزوجية والأسرة المسلمة (PDF)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    السكينة وسط الضجيج: تأملات شرعية في زمن الصخب ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    إلى كل مشتاق لتحسين الأخلاق (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الخليل عليه السلام (12) دعوات الخليل في سورة ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الحلقة الأولى: بداية رحلة السعادة
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الأوبئة (10) أقسام الناس في الوباء

الأوبئة (10) أقسام الناس في الوباء
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/6/2021 ميلادي - 14/11/1442 هجري

الزيارات: 11680

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأوبئة (10)

أقسام الناس في الوباء


الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

ابْتِلَاءُ الْبَشَرِ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ، لَا يَفِرُّ مِنْهَا أَحَدٌ، وَلَا يَقِي مِنْهَا حَذَرٌ، فَمَنْ صَبَرَ نَالَ الْأَجْرَ، وَمَنْ سَخِطَ رَكِبَهُ الْوِزْرُ ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 35]، وَمِنْ حِكَمِ الِابْتِلَاءِ رَدُّ النَّاسِ إِلَى الْجَادَّةِ، وَدَفْعُهُمْ لِلتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَكَسْرُ غُرُورِ النَّفْسِ وَعُتُوِّهَا ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 168].

 

وَالْأَوْبِئَةُ ابْتِلَاءٌ ابْتَلَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْبَشَرَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَمَا زِلْنَا مُنْذُ عَامٍ وَنَيِّفٍ نَعِيشُ فَوْرَةَ هَذَا الْوَبَاءِ وَسُكُونَهُ وَتَجَدُّدَهُ، وَأُصِيبَ بِهِ مَنْ أُصِيبَ، وَمَاتَ فِيهِ مَنْ مَاتَ، وَنُجِّيَ فِيهِ مَنْ نُجِّيَ، وَحُفِظَ مِنْهُ مَنْ حُفِظَ، وَكُلُّهَا مَقَادِيرُ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ، سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.

 

وَالنَّاسُ فِي الْإِصَابَةِ بِالْوَبَاءِ عَلَى أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٍ:

فَقِسْمٌ أُصِيبُوا بِهِ وَمَاتُوا، فَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، وَيُرْجَى لِمَنْ صَبَرَ مِنْهُمْ وَاحْتَسَبَ أَجْرًا عَظِيمًا؛ لِأَنَّ الْوَبَاءَ مُصِيبَةٌ حَلَّتْ بِهِمْ، فَذَهَبَتْ فِيهِ أَرْوَاحُهُمْ، وَزَالُوا عَنْ دُنْيَاهُمْ. وَيَجِبُ عَلَى ذَوِيهِمُ الصَّبْرُ وَالِاحْتِسَابُ وَالِاسْتِرْجَاعُ، وَالرِّضَا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ؛ لِيَنَالُوا الْأَجْرَ مَوْفُورًا ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 155-157]. وَلَمَّا احْتُضِرَ ابْنٌ لِبِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَيْهَا قَائِلًا: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ فِي ذَهَابِ حَبِيبٍ لَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلَّا الْجَنَّةُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَقِسْمٌ ثَانٍ أُصِيبُوا بِهِ، وَمَا زَالُوا فِي شِدَّتِهِ وَآلَامِهِ، وَهَؤُلَاءِ فِي خَيْرٍ عَظِيمٍ إِنْ هُمْ صَبَرُوا وَلَمْ يَجْزَعُوا، وَرَضُوا وَلَمْ يَسْخَطُوا، وَأَيْقَنُوا أَنَّ ابْتِلَاءَهُمْ بِهِ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ؛ لِتُكَفَّرَ بِالْوَبَاءِ خَطَايَاهُمْ، وَتُرْفَعَ بِصَبْرِهِمْ وَرِضَاهُمْ دَرَجَاتُهُمْ، وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مَنْ وَعَاهَا عَلِمَ أَنَّهُ بِإِصَابَتِهِ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَا دَامَ قَائِمًا بِأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ، مُلْتَزِمًا أَحْكَامَ دِينِهِ عَزَّ وَجَلَّ:

 

وَدَلِيلُ إِرَادَةِ الْخَيْرِيَّةِ لَهُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَدَلِيلُ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ: حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

 

وَدَلِيلُ تَكْفِيرِ خَطَايَاهُ بِالْوَبَاءِ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ: أَجَلْ، كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ، قَالَ: لَكَ أَجْرَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلَّا حَطَّ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَكُلَّمَا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ بِالْوَبَاءِ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ فِي الْجَزَاءِ، وَأَكْثَرَ فِي تَكْفِيرِ الْخَطَايَا؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَعَلَيْهِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى لَأْوَاءِ الْمَرَضِ وَشِدَّتِهِ وَأَلَمِهِ، وَأَنْ يَحْذَرَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ أَوِ الدُّعَاءِ بِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْجَزَعِ وَعَدَمِ الصَّبْرِ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَاشْتَدَّ الْوَجَعُ بِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَالَ: «لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

كَمَا أَنَّ حَيَاةَ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ: إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا». وَسَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَاجْعَلْنَا فِي النَّعْمَاءِ شَاكِرِينَ، وَعَلَى الْبَلَاءِ صَابِرِينَ، وَعِنْدَ الْجَزَاءِ فَائِزِينَ، وَاحْفَظْنَا وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 200].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

لِنَتَأَمَّلْ عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتَهُ عَلَى الْبَشَرِ فِي هَذَا الْوَبَاءِ الَّذِي تَغَيَّرَتْ بِهِ حَيَاةُ الْأَفْرَادِ وَالشُّعُوبِ وَالدُّوَلِ؛ لِنَعْلَمَ ﴿أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 12]، ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 18].

 

وَمِنْ أَقْسَامِ النَّاسِ فِي الْوَبَاءِ: قِسْمٌ ثَالِثٌ أَصَابَهُ الْوَبَاءُ فَشُفِيَ مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَارَفَ عَلَى الْهَلَاكِ وَلَكِنْ كُتِبَ لَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عُمْرٍ، وَآخَرُونَ دُونَ ذَلِكَ. وَعَلَى أَفْرَادِ هَذَا الْقِسْمِ أَنْ يَشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى إِذْ نَجَّاهُمْ وَمَاتَ سِوَاهُمْ، وَيَحْمَدُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَالِجُونَ الْوَبَاءَ وَآثَارَهُ بِأَلَمٍ أَقَلَّ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلْيَتَأَمَّلُوا لُطْفَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ؛ إِذْ ثَبَّتَهُمْ وَصَبَّرَهُمْ وَأَعَانَهُمْ، حَتَّى تَجَاوَزُوا الْأَيَّامَ الْعَصِيبَةَ حِينَ نَزَلَ بِهِمُ الضُّرُّ، فَبِالشُّكْرِ تُقَيَّدُ النِّعَمُ وَتَنْمُو وَتَتَجَدَّدُ ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7]. وَمِنْ شُكْرِ النِّعَمِ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ، وَمُرَاجَعَةُ النَّفْسِ، وَالتَّأَمُّلُ فِي هَوَانِ الدُّنْيَا؛ إِذْ كَادَ يُفَارِقُ أَحِبَّتَهُ، وَتَفُوتُ نَفْسُهُ، وَيَفُوتُهُ مَعَهَا تَوْبَةٌ نَصُوحٌ، وَعَمَلٌ صَالِحٌ مَبْرُورٌ، فَلَا يَكُنْ حَالُهُ بَعْدَ الْإِصَابَةِ بِالْوَبَاءِ وَالشِّفَاءِ مِنْهُ كَحَالِهِ قَبْلَهَا، وَإِلَّا كَانَ مِنَ الْغَافِلِينَ؛ لِأَنَّهُ غَفَلَ عَنْ إِنْذَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ.

 

وَمِنْ أَقْسَامِ النَّاسِ فِي الْوَبَاءِ: قِسْمٌ رَابِعٌ لَمْ يُصَبْ بِهِ أَبَدًا؛ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى أَفْرَادُ هَذَا الْقِسْمِ إِذْ عَافَاهُمْ، وَلْيَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ، وَلْيَسْأَلُوهُ الْعَافِيَةَ عَلَى الدَّوَامِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَعَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يُجَدِّدُوا تَوْبَتَهُمْ، وَيَلْجَئُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ شُئُونِهِمْ، وَيَسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى حَاجَاتِهِمْ ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النُّورِ: 31]، ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 56]، ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غَافِرٍ: 60]. مَعَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ الْوِقَائِيَّةِ مِنَ انْتِشَارِ الْوَبَاءِ أَوِ الْإِصَابَةِ بِعَدْوَاهُ، وَالْعِلَاجِ لِلشِّفَاءِ مِنْهُ بَعْدَ الْإِصَابَةِ بِهِ، فَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَأَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً إِلَّا الْمَوْتَ وَالْهَرَمَ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأوبئة (5) الوقاية والعلاج
  • الأوبئة (6) من منافع كورونا
  • الأوبئة (8) الدعاء لرفع الوباء
  • الأوبئة (9) العبادة في الوباء
  • الأوبئة (11) العدوى بين الإثبات والنفي
  • الأوبئة (12) التنجيم والعرافة والكهانة في الأوبئة
  • من أقوال السلف في الأوبئة والطواعين

مختارات من الشبكة

  • الفرق بين الشبهة والشهوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من تبعات انتشار الوباء(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم)
  • الحرص على الوقت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استجابة الله تعالى لدعائه بتطهير المدينة المنورة من الوباء وأن يبارك فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وسائل الثبات عند حلول الوباء ونزول البلاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة في الوباء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجة العباد إلى الصبر على البلاء في زمن الوباء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعليق رفع الوباء بالثريا لا يصح شرعا ولا نظرا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حاجة المجتمع إلى التضامن في زمن الوباء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرضا في زمن الوباء (خطبة قصيرة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/5/1447هـ - الساعة: 9:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب