• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من مناهج المحدثين... (منهج الإمام مسلم)-الحلقة ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    خطب الاستسقاء (15) أسباب الغيث المبارك
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من مناهج المحدثين... (سنن الإمام النسائي)-الحلقة ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    من مناهج المحدثين... (منهج الإمام الذهبي) - ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    من مناهج المحدثين... (منهج الامام مسلم)-الحلقة ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    قراءات اقتصادية (70): "رأسمالية الشوگر دادي"
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    إثبات النبوة (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الإسلام العظيم رحمة للعالمين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مواقف الغرب من الحضارة الإسلامية
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الدجال.. خطره وزمانه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث في العدة والإحداد
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    قوانين برايانت في الإدارة الأكاديمية
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    قراءات اقتصادية (69) انهيار الاقتصاد العالمي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    إجلال النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - للقرآن ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة (أين الله)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    إثبات النبوة (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

سجود الشكر: آداب وأحكام (خطبة)

سجود الشكر: آداب وأحكام (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/3/2025 ميلادي - 5/9/1446 هجري

الزيارات: 3851

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سجود الشكر: آداب وأحكام

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالشُّكْرُ: هُوَ ظُهُورُ أَثَرِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ؛ ثَنَاءً وَاعْتِرَافًا، وَعَلَى قَلْبِهِ؛ شُهُودًا وَمَحَبَّةً، وَعَلَى جَوَارِحِهِ؛ انْقِيَادًا وَطَاعَةً.

 

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَشْكُرُ بِهِ الْمُسْلِمُ رَبَّهُ تَعَالَى – عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ، أَوِ انْدِفَاعِ النِّقَمِ، أَنْ يَخِرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا؛ فَيَضَعُ أَشْرَفَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَيُنَكِّسُ جَوَارِحَهُ خُضُوعًا وَتَذَلُّلًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَشُكْرًا لَهُ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ الْمُتَجَدِّدَةِ، وَيَذْكُرُهُ بِأَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الشُّكْرِ؛ فَيَكُونُ قَدْ شَكَرَ الْمُنْعِمَ جَلَّ فِي عُلَاهُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ. وَحَدِيثُنَا عَنِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِسُجُودِ الشُّكْرِ، وَهِيَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

1- سُجُودُ الشُّكْرِ سُنَّةٌ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ[1].

 

وَاسْتَدَلُّوا:

أ- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضَى اللَّهُ عَنْهُمَا؛ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَّ سَاجِدًا حِينَ جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْيَمَنِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ» صَحِيحٌ – (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) فِي "السُّنَنِ". وَقَالَ: (وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ).

 

ب- عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ، أَوْ بُشِّرَ بِهِ؛ خَرَّ سَاجِدًا، شَاكِرًا لِلَّهِ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

ج- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَانِي فَبَشَّرَنِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شُكْرًا» حَسَنٌ لِغَيْرِهِ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

2- لَا يُسْتَحَبُّ السُّجُودُ لِلنِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ: كَنِعْمَةِ الْإِسْلَامِ، وَنِعْمَةِ الْعَافِيَةِ، وَنِعْمَةِ الْحَيَاةِ، وَنِعْمَةِ الْغِنَى عَنِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ نِعَمَ اللَّهِ دَائِمَةٌ لَا تَنْقَطِعُ، فَلَوْ سَجَدَ لِذَلِكَ لَاسْتَغْرَقَ عُمْرَهُ فِي السُّجُودِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ شُكْرُ هَذِهِ النِّعَمِ بِالطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ[2]، قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَإِنْ قُلْتَ: نِعَمُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ لَا تَزَالُ وَارِدَةً عَلَيْهِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ؟ قُلْتُ: الْمُرَادُ النِّعَمُ الْمُتَجَدِّدَةُ الَّتِي يُمْكِنُ وُصُولُهَا، وَيُمْكِنُ عَدَمُ وُصُولِهَا؛ وَلِهَذَا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ إِلَّا عِنْدَ تَجَدُّدِ تِلْكَ النِّعَمِ، مَعَ اسْتِمْرَارِ نِعَمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِ، وَتَجَدُّدِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ)[3].

 

3- يُسْتَحَبُّ السُّجُودُ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ نِعْمَةٍ عَامَّةٍ، أَوِ انْدِفَاعِ بِلِيَّةٍ عَامَّةٍ: فَمِثَالُ النِّعْمَةِ الْعَامَّةِ: انْتِصَارُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ. وَمِثَالُ انْدِفَاعِ بَلِيَّةٍ عَامَّةٍ: انْقِطَاعُ وَبَاءٍ خَطِيرٍ، أَوْ رُجُوعُ عَدُوٍّ أَرَادَ أَنْ يُدَاهِمَ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ.

 

4- يُسْتَحَبُّ السُّجُودُ عِنْدَ حُدُوثِ نِعْمَةٍ خَاصَّةٍ: كَأَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ وَلَدًا، أَوْ يَجِدَ ضَالَّتَهُ، أَوْ يُنَجِّيَهُ اللَّهُ مِنْ هَلَكَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ[4]. وَاسْتَدَلُّوا: بِأَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَجَدَ - فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ‌لَمَّا ‌بُشِّرَ ‌بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقِصَّتُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا.

 

5- لَا يُشْتَرَطُ لِسُجُودِ الشُّكْرِ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ، وَطَهَارَةُ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ عَنِ النَّجَاسَةِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ: وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ؛ كَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَابْنِ حَزْمٍ، وَابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَابْنِ الْقَيِّمِ، وَالشَّوْكَانِيِّ، وَالصَّنْعَانِيِّ، وَرَجَّحَهُ مِنَ الْمُعَاصِرِينَ: ابْنُ بَازٍ، وَابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ[5].

وَقَالُوا: إِنَّ اشْتِرَاطَ الطَّهَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ- لِسُجُودِ الشُّكْرِ- يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَلَمْ يَأْتِ دَلِيلٌ فِي الْقُرْآنِ، أَوِ السُّنَّةِ، أَوِ الْإِجْمَاعِ، أَوِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ عَلَى إِيجَابِ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ نُوجِبَ أَحْكَامًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا[6]، وَفِي تَأْخِيرِ السُّجُودِ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْتَسِلَ زَوَالٌ لِسِرِّ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ السُّجُودُ مِنْ أَجْلِهِ[7].

 

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (سُجُودُ الشُّكْرِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ الْمُنْتَظَرَةِ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ السُّنَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِعْلِهِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ[8]، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ[9]، مَعَ وُرُودِ الْخَبَرِ السَّارِّ عَلَيْهِمْ بَغْتَةً، وَكَانُوا يَسْجُدُونَ عَقِبَهُ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِوُضُوءٍ، وَلَمْ يُخْبِرُوا أَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَدْهَمُ الْعَبْدَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَلَوْ تَرَكَهَا لَفَاتَتْ مَصْلَحَتُهَا)[10] ، وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (جِنْسُ الْعِبَادَةِ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ، بَلْ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ، فَكَذَلِكَ جِنْسُ السُّجُودِ يُشْتَرَطُ لِبَعْضِهِ، وَهُوَ السُّجُودُ الَّذِي لِلَّهِ؛ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ، وَسَجْدَتَيِ السَّهْوِ، بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَسُجُودِ الشُّكْرِ، وَسُجُودِ الْآيَاتِ.

 

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْ سُجُودِ السَّحَرَةِ لَمَّا آمَنُوا بِمُوسَى عَلَى وَجْهِ الرِّضَا بِذَلِكَ السُّجُودِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُتَوَضِّئِينَ، وَلَا يَعْرِفُونَ الْوُضُوءَ؛ فَعُلِمَ أَنَّ السُّجُودَ الْمُجَرَّدَ لِلَّهِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مُتَوَضِّئًا)[11].

 

6- الْأَوْلَى وَالْأَكْمَلُ الْوُضُوءُ لِسُجُودِ الشُّكْرِ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ فِي جَمِيعِ أَحْيَانِهِ[12].

 

7- صِفَةُ سُجُودِ الشُّكْرِ وَكَيْفِيَّتُهُ:

أ- لَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لِسُجُودِ الشُّكْرِ: فَلَيْسَ لِهَذَا الْقِيَامِ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ، جَاءَ فِي فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ: (لَا نَعْلَمُ دَلِيلًا عَلَى شَرْعِيَّةِ الْقِيَامِ مِنْ أَجْلِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)[13].

 

ب- لَيْسَ لِسُجُودِ الشُّكْرِ تَكْبِيرٌ: لَا فِي أَوَّلِهِ، وَلَا فِي آخِرِهِ؛ لِعَدَمِ ثُبُوتِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ[14].

 

ج- لَا يَجِبُ لِسُجُودِ الشُّكْرِ ذِكْرٌ مُعَيَّنٌ: وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ بِذِكْرٍ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ، وَيُكْثِرُ مِنْ شُكْرِ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ، قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ شُكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ سُجُودُ الشُّكْرِ)[15].

 

د- لَا يَجِبُ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ تَشَهُّدٌ أَوْ سَلَامٌ: قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَأَمَّا سُجُودُ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ: فَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ، ‌أَنَّ ‌فِيهِ ‌تَسْلِيمًا، وَلَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ مِنْهُ)[16] ، وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَمْ يَرِدْ فِي الْأَحَادِيثِ غَيْرُ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسُّجُودِ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ كَبَّرَ، وَلَا أَنَّهُ سَلَّمَ، فَالْمَشْرُوعِيَّةُ تَتِمُّ بِمُجَرَّدِ فِعْلِ السُّجُودِ)[17].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِسُجُودِ الشُّكْرِ:

8- لَا يَجُوزُ السُّجُودُ لِلشُّكْرِ – إِذَا بُشِّرَ بِمَا يَسُرُّهُ – وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: لِأَنَّ سَبَبَ السُّجُودِ لَيْسَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَا، بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، فَإِنْ سَجَدَ -جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ أَوْ نَاسِيًا؛ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَكْثَرِ الْحَنَابِلَةِ[18]. قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَا يَسْجُدُ لِلشُّكْرِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ السَّجْدَةِ لَيْسَ مِنْهَا؛ فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ)[19].

 

9- يَجُوزُ أَنْ يَسْجُدَ لِلشُّكْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِالْإِيمَاءِ: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مَرْكَبَةٍ أَوْ طَائِرَةٍ أَوْ سَفِينَةٍ، وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ[20]؛ قِيَاسًا عَلَى صِحَّةِ الْإِيمَاءِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ- وَهُوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ[21]، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِيمَاءَ بَدَلًا عَنِ السُّجُودِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَشُقُّ فِيهِ السُّجُودُ أَوْ يَتَعَذَّرُ[22].

 

10- يَجِبُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ لِلْمَاشِي: إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ سِوَى مُجَرَّدِ الْمَشْيِ؛ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ[23]، فَإِنْ وُجِدَ مَانِعٌ آخَرُ؛ كَحَرَارَةِ الشَّمْسِ- وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ- وَقْتَ الزِّحَامِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ الْإِيمَاءُ؛ لِمَشَقَّةِ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ؛ وَقِيَاسًا عَلَى سُجُودِ الْمَرِيضِ، وَالْمُجَاهِدِ عِنْدَ الْتِحَامِ الصُّفُوفِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ[24].

 

11- يَجُوزُ قَضَاءُ سُجُودِ الشُّكْرِ الَّذِي فَاتَهُ: إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَدَائِهِ فِي وَقْتِهِ، أَوْ نَسِيَهُ[25]. دَلِيلُهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ؛ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلاَةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَانِ!» فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. إِذًا؛ يُقْضَى سُجُودُ الشُّكْرِ قِيَاسًا عَلَى قَضَاءِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ.

 

12- مِنْ أَهَمِّ فَوَائِدِ سُجُودِ الشُّكْرِ:

أ- حِفْظُ النِّعْمَةِ وَزِيَادَتُهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7].

 

ب- دَوَامُ التَّعَلُّقِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 101].

 

ج- الِاعْتِرَافُ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ الْإِلَهُ الْحَقُّ، الَّذِي بِيَدِهِ الْأَمْرُ كُلُّهُ.

 

د- حِفْظُ اللَّهِ تَعَالَى لِلشَّاكِرِ مِنْ شُرُورِ الْخَلْقِ؛ كَالْحَسَدِ، وَالْكَيْدِ، وَالظُّلْمِ، أَوْ مِنْ شَرِّ نَفْسِهِ؛ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ هَذِهِ النِّعَمَ فِي مَعْصِيَةِ الْمُنْعِمِ جَلَّ وَعَلَا.

 

ه- خُضُوعُ الشَّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ، وَاعْتِرَافُهُ بِنِعْمَتِهِ، وَالثَّنَاءِ بِهَا عَلَيْهِ.



[1] انظر: المجموع، (4/ 68)؛ الإِنصاف، (2/ 200)؛ الدر المختار، (1/ 329)؛ جواهر الإِكليل، (2/ 67).

[2] انظر: أعلام الموقعين، لابن القيم (2/ 410).

[3] السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، (ص 175).

[4] انظر: المجموع، (4/ 68)؛ المبدع، (2/ 34)؛ الفتاوى الهندية، (1/ 127).

[5] انظر: المُحلى، (1/ 8؛ مجموع الفتاوى، (23/ 166)؛ تهذيب سنن أبي داود، (1/ 53)؛ نيل الأوطار، (3/ 129)؛ سبل السلام، (2/ 415).

[6] انظر: مجموع الفتاوى، (23/ 169).

[7] انظر: مواهب الجليل، (ص 71)؛ المغني، (2/ 359)؛ المجموع، (4/ 68).

[8] منها حديث البراء رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرّ ساجدًا حين جاءه كتاب عليٍّ رضي الله عنه من اليمن بإِسلام هَمْدان. رواه البيهقي في "السنن": (2/ 369)، وقال: "هذا إِسناد صحيح، قد أخرج البخاري صدره فلم يسقه بتمامه، وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه".

[9] كما في قصة كعب بن مالك رضي الله عنه في حديث توبته؛ وأنه لَمَّا بلغته البِشارةُ خرَّ ساجدًا. أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (769).

[10] تهذيب سنن أبي داود، (1/ 42).

[11] مجموع الفتاوى، (23/ 166)؛ سجود التلاوة معانيه وأحكامه، لابن تيمية (ص73).

[12] انظر: مجموع الفتاوى، (21/ 279).

[13] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء، (7/ 265)، رقم الفتوى: (9328).

[14] انظر: البحر الزخار، (1/ 286)؛ نيل الأوطار، (3/ 129).

[15] السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، (ص 286).

[16] الفتاوى الكبرى، (1/ 348).

[17] السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، (ص 175).

[18] انظر: المجموع، (4/ 68)؛ الإِنصاف، (2/ 201)؛ المبدع، (2/ 34).

[19] المغني، (2/ 372).

[20] انظر: الوجيز مع شرحه، للرافعي (4/ 206)؛ مغني المحتاج، (1/ 218).

[21] انظر: المجموع، (1/ 73)؛ المغني، (2/ 370)؛ الإِنصاف، 02/ 200).

[22] انظر: سجود الشكر صفته وأحكامه، د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، (ص 125).

[23] انظر: المجموع، (4/ 68)؛ روضة الطالبين، (1/ 325)؛ المغني، (2/ 370).

[24] انظر: سجود الشكر صفته وأحكامه، (ص 129).

[25] انظر: المجموع، (1/ 69)؛ روضة الطالبين، (1/ 323)؛ المغني، (2/ 359).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سجود الشكر: مشروعيته وصفته

مختارات من الشبكة

  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الشكر والشاكرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب النعمة وواجبنا نحوها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: وقفة شرعية (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب الجنائز - (و) الآداب الخاصة بتشيع الجنازة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب الجنائز - (هــ) الآداب الخاصة بصلاة الجنازة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية -آداب الجنائز - (ط) الآداب الخاصة بالعدة والإحداد (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية -آداب الجنائز - (ز) الآداب الخاصة بدفن الميت (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية -آداب الجنائز - (حـ) الآداب الخاصة بالتعزية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/5/1447هـ - الساعة: 15:40
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب