• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحلقة الخامسة: تجليات رحمة الله
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    زيت الزيتون المبارك: فوائده وأسراره والعلاج به من ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الحلقة الرابعة: رحيم بالخلائق والعباد
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    التحذير من الكسل (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الحلقة الثالثة: قالوا وما الرحمن
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحلقة الثانية: لماذا أعرف الله؟
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    تفريج الهم.. وتنفيس الكرب
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    المرض الاقتصادي: أشكاله وآثاره
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    فقه مرويات ضرب الزوجة في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع / خطب منبرية مفرغة
علامة باركود

الشوق إلى الله تعالى (3) علامات المشتاقين إلى الله تعالى

الشوق إلى الله تعالى (3) علامات المشتاقين إلى الله تعالى
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/1/2020 ميلادي - 14/5/1441 هجري

الزيارات: 61745

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشوق إلى الله تعالى (3)

علامات المشتاقين إلى الله تعالى

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الْأَحْزَاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا نَعِيمَ فِي الدُّنْيَا أَعْظَمُ مِنْ نَعِيمِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّتِهِ وَطَاعَتِهِ، وَلَا شَقَاءَ أَشَدُّ مِنْ شَقَاءِ الْجَهْلِ بِهِ سُبْحَانَهُ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّعِيمَ نَعِيمُ الْقَلْبِ، وَالشَّقَاءَ شَقَاءُ الْقَلْبِ، وَالْقَلْبُ بِيَدِ مُقَلِّبِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَإِذَا تَعَلَّقَ الْقَلْبُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ نَعِمَ وَفَرِحَ وَطَرِبَ، وَإِذَا تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ شَقِيَ وَحَزِنَ وَأَسِفَ. وَمِنَ الْخَلْقِ عِبَادٌ لِلَّهِ تَعَالَى تَعَلَّقَتْ قُلُوبُهُمْ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَمُلِئَتْ بِمَحَبَّتِهِ، وَالْأُنْسِ بِهِ، وَالشَّوْقِ إِلَيْهِ؛ فَهِيَ فِي صِلَةٍ مَعَهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الدَّوَامِ.

 

وَلِمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّوْقِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ عَلَامَاتٌ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْرِفَهَا لِيُدْرِكَهَا، وَيَتَعَلَّمَهَا لِيَعْمَلَ بِهَا، فَيَعْلُوَ قَلْبُهُ مِنْ ضَعَةِ الدُّنْيَا إِلَى الرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالدَّارِ الْآخِرَةِ.

 

فَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّ حُبَّهُمْ لَهُ تَعَالَى أَشَدُّ مِنْ حُبِّ الْمُشْرِكِينَ لِمَعْبُودَاتِهِمْ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [الْبَقَرَةِ: 165]، قَالَ قَتَادَةُ: «وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ مِنَ الْكُفَّارِ لِأَوْثَانِهِمْ».

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّهُمْ مِنْ شَوْقِهِمْ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ يَتَفَكَّرُونَ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ، وَيُدْرِكُونَ بِهَذَا التَّفَكُّرِ شَيْئًا مِنْ عَظَمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 190-191]، وَمَا كَانَ إِدْمَانُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَالِ قِيَامِهِمْ وَقُعُودِهِمْ وَاضْطِجَاعِهِمْ إِلَّا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَاضِرٌ فِي عُقُولِهِمْ، مُمْتَلِئَةٌ بِهِ قُلُوبُهُمْ، فَإِذَا تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِهِ ذَكَرُوهُ سُبْحَانَهُ، وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَ عَبَثًا، فَتَوَجَّهَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَيْهِ رَغَبًا وَرَهَبًا، وَلَهِجَتْ أَلْسِنَتُهُمْ بِذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ أَبَدًا.

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: مُلَازَمَتُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ مَنْ أَحَبَّ أَحَدًا أَحَبَّ كَلَامَهُ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الْمَحْبُوبُ هُوَ اللَّه تَعَالَى، وَكَانَ كَلَامُهُ كِتَابَهُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ عِبَادِهِ، فَلَا شَكَّ حِينَئِذٍ أَنَّ كُلَّ مَنِ اشْتَاقَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اشْتَاقَ إِلَى كَلَامِهِ، وَهَذِهِ مِنْ أَبْيَنِ عَلَامَاتِ الشَّوْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلْنَتَأَمَّلْ شَوْقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، قَالَ: فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النِّسَاءِ: 41]، قَالَ لِي: كُفَّ -أَوْ أَمْسِكْ- فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةَ الْوَحِيدَةَ الَّتِي يَشْتَهِي فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَاعَ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِهِ شَوْقًا إِلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، فَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَكَانَ فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَوْقٌ إِلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَوْقِهِمْ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: «كَانَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ يَأْخُذُ الْمُصْحَفَ فَيَضَعُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَبْكِي وَيَقُولُ: كَلَامُ رَبِّي، كِتَابُ رَبِّي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ. وَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُكُمْ مَا شَبِعَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: كَثْرَةُ ذِكْرِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى بِالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْحَوْقَلَةِ؛ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْبَرُ مَنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَكَانَ ذِكْرُهُ أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 45]؛ وَلِعِلْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُهُمْ إِذَا ذَكَرُوهُ، فَمِنْ شَوْقِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي كُلِّ حِينٍ، وَمِنْ شَوْقِهِمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى يَذْكُرُونَهُ فِي كُلِّ حَالٍ ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [الْبَقَرَةِ: 152]. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: «مَا تَنَعَّمَ الْمُتَنَعِّمُونَ بِمِثْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: كَثْرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، فَمِنْ شَوْقِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُمْ يَشْتَاقُونَ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَيُنَافِسُونَ فِيهِ، وَيُسَابِقُونَ عَلَيْهِ ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 61]، ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الْكَهْفِ: 110]، ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 10- 11]. وَأَيْضًا لِعِلْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِمْ بِتَقَرُّبِهِمْ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُمْ يَشْتَاقُونَ إِلَيْهِ وَيُحِبُّونَ قُرْبَهُ عَزَّ وَجَلَّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ: «إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: خُشُوعُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ؛ فَهِيَ سَعَادَتُهُمْ وَأُنْسُهُمْ حَيْثُ مُنَاجَاةُ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ اشْتَاقَ إِلَى صَلَاتِهِ وَأَحْسَنَهَا وَطَوَّلَهَا، وَخَشَعَ فِيهَا، فَهِيَ صِلَتُهُ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 45- 46]. فَهِيَ ثَقِيلَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الْمُشْتَاقِينَ لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُلْهِمَنَا رُشْدَنَا، وَأَنْ يَكْفِيَنَا شُرُورَ أَنْفُسِنَا، وَأَنْ يُصْلِحَ قُلُوبَنَا وَأَعْمَالَنَا، وَأَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 223].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْعُبَّادِ وَالصَّالِحِينَ أَنَّهُمْ مِنْ شَوْقِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَبْكُونَ، وَفِي حَدِيثِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: «رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» وَقَدْ تَفِيضُ عَيْنَاهُ فِي خَلْوَتِهِ شَوْقًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَحَالُ الْخَلْوَةِ حَالُ شَوْقٍ. وَكَانَ مُطَهَّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقُرَّائِهِمْ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ بَكَى شَوْقًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سِتِّينَ عَامًا.

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: الْإِقْلَالُ مِنْ مَلَذَّاتِ الدُّنْيَا، وَالِاقْتِصَارُ مِنْهَا عَلَى مَا يُبَلِّغُ الْعَبْدَ الدَّارَ الْآخِرَةَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ مَنِ انْغَمَسُوا فِي الدُّنْيَا، وَعَاشُوا لِأَجْلِهَا، وَسَمَّاهَا دَارَ الْغُرُورِ. فَالْمُشْتَاقُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَوْمٌ صَرَفَهُمْ شَوْقُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى دَارِ الْخُلُودِ عَنْ دَارِ الْغُرُورِ الَّتِي تَزُولُ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحَدِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ «كَانَ أَوَّلًا مُتْرَفًا، ثُمَّ صَارَ زَاهِدًا عَابِدًا يَبْقَى الْأَيَّامَ لَا يَأْكُلُ فِيهَا شَيْئًا، وَكَانَ يَقُولُ: أَلْهَانِي الشَّوْقُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ».

 

وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّهُمْ فِي الْمَصَائِبِ وَالْكَوَارِثِ يُعْلِنُونَ رُجُوعَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَاسْتِحْضَارُ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَصَائِبِ وَالْأَزَمَاتِ دَلِيلٌ عَلَى الشَّوْقِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 156]. وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إِلَى رَبِّهِ رَاجِعٌ وَهُوَ يَسْتَحْضِرُ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَجَمِيلَ أَفْعَالِهِ فِي خَلْقِهِ اشْتَاقَ إِلَيْهِ، وَإِذَا تَذَكَّرَ إِنْعَامَهُ عَلَيْهِ اشْتَاقَ إِلَيْهِ. وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ [الْعَلَقِ: 8]، فَلَأَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَهُوَ إِلَيْهِ مُشْتَاقٌ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُشْتَاقٍ إِلَيْهِ وَ«مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشوق إلى الله تعالى (1) شوق الأنبياء إلى الله تعالى
  • الشوق إلى الله تعالى (2) شوق الصالحين إلى الله تعالى
  • خطبة: الشوق إلى الله تعالى

مختارات من الشبكة

  • المسكوت عنه في حياة أمير الشعراء أحمد شوقي وصفاته(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مفاتيح القبول في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإقبال على الخير من علامات التوفيق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من علامات حسن الخاتمة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أثر علامة القصيم ابن سعدي رحمه الله على الحركة العلمية المعاصرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن الزهد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غذاء القلوب في الذكر والدعاء لعلام الغيوب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/5/1447هـ - الساعة: 3:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب