• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مقاومة السمنة في السنة النبوية (Word)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أشهد أن نبيـنا وسيدنا محمدا قد بلغ رسالة ربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    وجعل بينكم مودة ورحمة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تعظيم شعائر الله تعالى (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وحدة الصف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    استغاثة النساء في القرى بالأموات
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    جواب لسائل يقول أمي عاملة دوشة في البيت
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    وصف جنات النعيم وأهلها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أهم مراجع التثقيف القانوني للمحامين والمستشارين ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    حديث: يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاما أسود
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من حقوق الوالدين
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وفاة سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    خطبة النعي وأحكامه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

لماذا كان المؤمنون ضعفاء؟ (خطبة)

لماذا كان المؤمنون ضعفاء؟ (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/4/2025 ميلادي - 2/11/1446 هجري

الزيارات: 10402

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لماذا كان المؤمنون ضعفاء؟


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُوَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَدَبَّرَهُمْ بِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِفَضْلِهِ وَجُودِهِ وَكَرَمِهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ دَلَّ الْخَلْقَ عَلَيْهِ، وَحَبَّبَهُمْ إِلَيْهِ، وَابْتَلَاهُمْ بِدِينِهِ، وَهَدَاهُمْ إِلَى سَبِيلِهِ؛ فَمَنْ آمَنَ سَعِدَ وَفَازَ، وَمَنْ كَفَرَ خَسِرَ وَخَابَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى، وَالرَّسُولُ الْمُجْتَبَى، وَالشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ يَوْمَ الْحِسَابِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ فَلَا تَعْصُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِهِ فَلَا تُفْلِتُوهُ، وَخُذُوا بِدِينِهِ فَلَا تَتْرُكُوهُ؛ فَإِنَّ الْمَوْعِدَ قَرِيبٌ، وَالْحِسَابَ عَسِيرٌ، وَالْجَزَاءَ كَبِيرٌ؛ فَإِمَّا خُلْدٌ فِي النَّعِيمِ، وَإِمَّا عَذَابٌ فِي الْجَحِيمِ؛ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ ‌أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّسُلَ لِيَهْدُوا النَّاسَ؛ اتَّبَعَهُمْ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَالْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ، وَاسْتَنْكَفَ عَنِ اتِّبَاعِهِمُ السَّادَةُ وَالْأَشْرَافُ وَالْأَغْنِيَاءُ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ دَعَاهُمْ: ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ ‌أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴾ [هُودٍ: 27]. يَقُولُونَ: «وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ سَفَلَتُنَا مِنَ النَّاسِ دُونَ الْكُبَرَاءِ وَالْأَشْرَافِ فِيمَا نَرَى وَيَظْهَرُ لَنَا»، وَلَقَدْ «كَانَ الْمَلَأُ الْمُسْتَكْبِرُونَ مِنَ الْأَقْوَامِ، الْمَغْرُورُونَ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ، هُمْ أَوَّلَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ آيَاتِ رَبِّهِمْ، وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ فِي اتِّبَاعِهِمْ لَهُمْ غَضًّا مِنْ عَظَمَتِهِمْ، وَخَفْضًا مِنْ عُلُوِّ رِيَاسَتِهِمْ، وَوُقُوفًا مَعَ الدَّهْمَاءِ». وَلَمْ يَرْتَضُوا أَنْ يَكُونُوا تَابِعِينَ لِلرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ لِأَنَّ عُلُوَّهُمْ وَكِبْرِيَاءَهُمْ وَسُلْطَتَهُمْ تَأْبَى عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونُوا تَابِعِينَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا مَتْبُوعِينَ؛ كَمَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ لِمُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا ‌لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ ﴾ [يُونُسَ: 78]، وَفِي سُورَةٍ أُخْرَى قَالَ قَوْمُ نُوحٍ لَهُ: ﴿ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ ‌الْأَرْذَلُونَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 111].

 

إِنَّ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ تُنَالُ بِالدِّينِ لَآمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ عَلَى قَدْرِ صَلَاحِهِ لَصَلُحَ الْعِبَادُ كُلُّهُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِحِكْمَتِهِ جَعَلَ الدُّنْيَا فِتْنَةً لِلْعِبَادِ، وَاخْتِبَارًا لَهُمْ؛ فَهِيَ تُنَالُ بِالْكَسْبِ وَالْعَمَلِ فِي مَجَالَاتِهَا، كَمَا أَنَّ الْآخِرَةَ تُنَالُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ فُتِنَ الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ، وَقَاسُوا الْقِيَاسَ الْبَاطِلَ؛ إِذْ قَالُوا: لَوْ صَلُحَ دِينُ هَؤُلَاءِ لَصَلُحَتْ دُنْيَاهُمْ، أَوْ لَوْ كَانَ دِينُهُمْ حَقًّا لَأُعْطُوا مِنَ الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنَّا، وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ لِئَلَّا يَكُونَ مُشْكِلًا عَلَى أَهْلِ الْقُرْآنِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ ‌الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 73]، «وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنْفُسَهُمْ أَحْسَنَ مَنَازِلَ وَمَتَاعًا مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ أَوْلَى مِنْهُمْ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَنَّ اتِّبَاعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُوهُمْ إِلَيْهِ»، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا ﴾ [مَرْيَمَ: 74].

 

لَقَدْ ظَنَّ الْكُفَّارُ - وَبِئْسَ مَا ظَنُّوا - أَنَّ إِمْهَالَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ، وَإِغْدَاقَ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ، وَدَفْعَ النِّقَمِ عَنْهُمْ، وَبَحْبُوحَةَ عَيْشِهِمْ؛ ظَنُّوا أَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى رِضَا اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَصِحَّةِ مُعْتَقَدِهِمْ، وَسَلَامَةِ مَنْهَجِهِمْ؛ وَهَذَا مِنَ الْغُرُورِ الَّذِي يُرْدِيهِمْ، وَيَزِيدُهُمْ كُفْرًا إِلَى كُفْرِهِمْ؛ ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا ‌نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 55-56]، ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 205-207]. إِنَّ ضَعْفَ الْمُؤْمِنِينَ فِي كُلِّ الْأُمَمِ، وَمَعَ كُلِّ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ كَانَ فِتْنَةً لِلْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ؛ إِذْ جَعَلُوا ضَعْفَهُمْ وَفَقْرَهُمْ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ دِينِهِمْ، وَخَطَأِ طَرِيقِهِمْ، وَفَسَادِ مَنْهَجِهِمْ، وَلَمْ يُدْرِكُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْتَلِيهِمْ بِذَلِكَ، وَيَبْتَلِي الْمُؤْمِنِينَ بِهِ؛ لِئَلَّا تُطْلَبَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ؛ وَلِكَيْ لَا يَلْزَمَ الدِّينَ الْحَقَّ إِلَّا مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ، وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا؛ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ ‌فَتَنَّا ‌بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ﴾، فَكَانَ الْجَوَابُ عَلَيْهِمْ: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 53]؛ «أَيْ: أَلَيْسَ هُوَ أَعْلَمُ بِالشَّاكِرِينَ لَهُ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ، فَيُوَفِّقُهُمْ وَيَهْدِيهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ، وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 69]». وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَلْوَانِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»، وَكَانَ هِرَقْلُ مَلِكُ الرُّومِ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَسَأَلَ أَبَا سُفْيَانَ عَنْ أَتْبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

إِنَّ الْمَلَأَ مِنَ النَّاسِ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ، مِمَّنْ كَفَرُوا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَتَّبِعُوا الرُّسُلَ؛ زَعَمُوا أَنَّ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَوْ كَانَ خَيْرًا لَتَبِعُوهُمْ فِيهِ، وَلَمَا سَبَقَهُمْ إِلَيْهِ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَالْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا ‌سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى مَقُولَتَهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ ‌قَدِيمٌ ﴾ [الْأَحْقَافِ: 11].

 

وَلَا عَجَبَ -وَهَذِهِ نَظْرَتُهُمْ لِلرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ- أَنْ يُكَذِّبُوهُمْ، وَيَسْخَرُوا مِنْهُمْ، وَيَسْتَهْزِئُوا بِهِمْ، وَيَتَضَاحَكُوا فِي مَجَالِسِهِمْ وَمُنْتَدَيَاتِهِمْ عَلَيْهِمْ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ ‌لَضَالُّونَ ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 29-32]، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخَاطِبُ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ رَفَضُوا الْإِيمَانَ بِسَبَبِ ضَعْفِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَفَقْرِهِمْ، فَيَقُولُ سُبْحَانَهُ لَهُمْ: ﴿ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ ‌سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 110-111]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 34-36].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُلْهِمَنَا رُشْدَنَا، وَأَنْ يَكْفِيَنَا شُرُورَ أَنْفُسِنَا، وَأَنْ يُعِيذَنَا مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَفْرَحُ كَثِيرٌ مِنَ الْمَغْرُورِينَ بِالدُّنْيَا مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ بِانْفِتَاحِهَا عَلَيْهِمْ، وَيَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ لِصِحَّةِ مَنْهَجِهِمْ، وَسَلَامَةِ مُعْتَقَدِهِمْ، وَلِسَانُ حَالِ أَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ: ﴿ وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى ﴾ [فُصِّلَتْ: 50]، وَقَالَ الْآخَرُ: ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ [الْكَهْفِ: 36].

 

«وَهَذَا كُلُّهُ جَهْلٌ مِنْهُمْ، يَظُنُّونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا أَعْطَاهُمُ الْغِنَى وَالْجَاهَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ، وَأَنَّ لَهُمْ مَكَانَةً عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ وَشَرَفًا اسْتَحَقُّوا بِهِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا كَذَّبَهُمْ مِرَارًا فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ الْكَاذِبَةِ». كَمَا أَنَّ بَعْضَ ضِعَافِ الْإِيمَانِ يَحْتَجُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي قَدَرِهِ بِلِسَانِ الْحَالِ أَوِ الْمَقَالِ، إِنْ رَأَى كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا أَوْ مُرْتَدًّا فُتِحَتْ لَهُ الدُّنْيَا بَيْنَمَا أُغْلِقَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعَابِدُ الْمُصَلِّي الطَّائِعُ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَحِمَهُ فَاخْتَارَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ، فَيُسِيئُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ إِذَا رَأَى حَالَ أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْفَقْرِ وَالتَّخَلُّفِ وَالذُّلِّ وَالْهَوَانِ شَكَّ فِي دِينِهِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَكَأَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا خُلِقَ لِدَارِ الدُّنْيَا، فَأَيْنَ هُوَ إِيمَانُ هَؤُلَاءِ بِالدَّارِ الْآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَالْعَذَابِ الدَّائِمِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ‌ضُعَفَاءُ ‌النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ؟! قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ: فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

فَثِقُوا -عِبَادَ اللَّهِ- بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ، وَظُنُّوا بِرَبِّكُمْ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَارُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ إِلَّا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ، مَهْمَا كَانَ بُؤْسُهُ وَابْتِلَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا، وَلَوْ كُشِفَ الْقَدَرُ لِلْمُؤْمِنِ لَمَا حَادَ عَنِ اخْتِيَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَلَا تَغْتَرُّوا بِبَهْرَجِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا، وَنَعِيمِهِمْ فِيهَا، فَإِنَّهُ نَعِيمٌ مُنَغَّصٌ بِالْهَمِّ وَالْقَلَقِ وَالْخَوْفِ، وَهُوَ إِلَى زَوَالٍ، وَالنَّعِيمُ نَعِيمُ الْقَلْبِ، وَالْعَذَابُ عَذَابُ الْقَلْبِ؛ ﴿ لَا ‌يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 196-198].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فرحة عند فطره (خطبة)
  • منها أربعة حرم (خطبة)
  • تجار الآلام (خطبة)
  • أيام المنافع (خطبة)
  • محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • لماذا لا أدري لكن لماذا؟(استشارة - الاستشارات)
  • لمـاذا؟!(مقالة - موقع الدكتور وليد قصاب)
  • وقفة بين جيلين: سابق بالخيرات وظالم لنفسه (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا أنا دون غيري؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا أغني (قصيدة تفعيلة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • فاقدو الطفولة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • همم وقمم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفة بين جيلين: سابق بالخيرات وظالم لنفسه (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا نحج؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • لماذا يدمن الشباب؟(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/4/1447هـ - الساعة: 14:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب