• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم من مزاعم الددو ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الحذر من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    القسط الهندي من دلائل النبوة وأفضل ما يتداوى به
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    خطب الجمعة: نماذج وتنبيهات (PDF)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    في وداع سماحة شيخنا المفتي عبدالعزيز آل الشيخ
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الأحكام الفقهية للممارسات الجنسية الممنوعة في ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الفتور داء خطير (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الشدة.. والفرج..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة (أم الكتاب 1)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الدعوات التي تقال عند عيادة المريض
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أعذار المعترضين على القرآن (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    إدمان تكنولوجي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    معرفة الصحابة لمنزلة القرآن وإدراكهم لمقاصده ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    السماحة في التعاملات المالية في الإسلام (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    مهاجرو البحر لهم هجرتان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

لا تقنطوا من رحمة الله (خطبة)

لا تقنطوا من رحمة الله (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/2/2024 ميلادي - 19/8/1445 هجري

الزيارات: 30038

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ يَظُنُّ الْبَعْضُ – عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنْ سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَظِيمِ فَضْلِهِ عَلَى عِبَادِهِ - أَنَّ الْمَقْصُودَ: هُوَ فَتْحُ الْبَابِ لِلْعَاصِينَ وَالْمُذْنِبِينَ، لِلِاسْتِرْسَالِ فِي الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ! وَهَذَا فَهْمٌ خَاطِئٌ، وَلَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ؛ فَضْلًا عَنْ مُسْلِمٍ - يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزَّلْزَلَةِ: 7، 8]؛ وَيَقُولُ أَيْضًا: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 47].

 

وَالْمَقْصُودُ مِنْ بَيَانِ سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ: تَذْكِيرُ النَّاسِ بِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَرَحْمَتِهِ بِهِمْ، وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ بِمَنْطِقِ الْحُبِّ، وَالرَّحْمَةِ، وَالْحِكْمَةِ، وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ؛ كَمَا عَرَضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النَّحْلِ: 125]؛ وَكَمَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَدْيِهِ الْعَظِيمِ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَإِنَّ فَتْحَ بَابِ التَّوْبَةِ أَمَامَ الْعُصَاةِ وَالْمُذْنِبِينَ – كَمَا فَتَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ فِيهِ تَحْفِيزٌ لَهُمْ؛ لِكَيْ يَتُوبُوا، وَيُرَاجِعُوا أَنْفُسَهُمْ، وَيَرْجِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَهُوَ الْقَائِلُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82].

 

وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالطَّبِيعَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَأَعْلَمُ بِمَا رَكَّبَ فِي الْإِنْسَانِ مِنْ شَهْوَةٍ، وَأَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُذْنِبُ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَظَلَّ "بَابُ التَّوْبَةِ" مَفْتُوحًا عَلَى مِصْرَاعَيْهِ، أَمَامَ الْعُصَاةِ وَالْمُذْنِبِينَ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ [أَيْ: كَثِيرُ الْخَطَأِ]، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ [أَيِ: الرَّجَّاعُونَ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ مِنَ الْمَعَاصِي كُلِّهَا]» حَسَنٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَاَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا؛ لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ؛ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ حَضٌّ عَلَى الذُّنُوبِ، وَالْوُلُوجِ فِي الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ، ثُمَّ يَتُوبُ الْعَبْدُ مِنْهَا - بَعْدَ ذَلِكَ - فَتَنْمَحِي! وَإِنَّمَا فِيهِ: الْحَثُّ عَلَى التَّوْبَةِ، وَالْإِقْلَاعُ نِهَائِيًّا عَنْ كُلِّ مَا يُغْضِبُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَيُحِبُّ عَبْدَهُ الَّذِي يُبَادِرُ بِالتَّوْبَةِ، وَيُصَحِّحُ مَسَارَ حَيَاتِهِ – حِينَ تَزِلُّ قَدَمُهُ، وَيَقَعُ فِي الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَيِّ سَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَمْقُتُ التَّائِبِينَ، وَلَا يَكْرَهُهُمْ، وَلَا يَطْرُدُهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ؛ بَلْ يُدْنِيهِمْ إِلَيْهِ، وَيُحِبُّهُمْ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 222].

 

وَالْإِنْسَانُ – بِجِبِلَّتِهِ وَطَبِيعَتِهِ – يَتَخَبَّطُ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَبَيْنَ الذَّنْبِ وَالتَّوْبَةِ، وَتَأَمَّلُوا – هَذَا الْحَدِيثَ الْقُدُسِيَّ: قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي" فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا؛ فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: "أَيْ رَبِّ! اغْفِرْ لِي ذَنْبِي" فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا؛ فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: "أَيْ رَبِّ! اغْفِرْ لِي ذَنْبِي" فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا؛ فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ؛ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. بَابُ: (قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَإِنْ تَكَرَّرَتِ الذُّنُوبُ وَالتَّوْبَةُ).

 

فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: «اعْمَلْ مَا شِئْتَ»؛ مَا يُفِيدُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَنْ يُحَاسِبَهُ عَلَى الْمَعَاصِي الَّتِي سَيَرْتَكِبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ يَعُودُ إِلَى التَّوْبَةِ كُلَّمَا أَذْنَبَ، وَلَا يُصِرُّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، وَمَنِ الَّذِي يَحُولُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَحْمَةِ رَبِّهِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. آيَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ تُبَشِّرُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، وَلُطْفِهِ بِعِبَادِهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزُّمَرِ: 53]. قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (﴿ ‌لَا ‌تَقْنَطُوا ‌مِنْ ‌رَحْمَةِ ‌اللَّهِ ﴾ أَيْ: لَا تَيْأَسُوا مِنْهَا؛ فَتُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ؛ وَتَقُولُوا: "قَدْ كَثُرَتْ ذُنُوبُنَا، وَتَرَاكَمَتْ عُيُوبُنَا، فَلَيْسَ لَهَا طَرِيقٌ يُزِيلُهَا، وَلَا سَبِيلَ يَصْرِفُهَا"! فَتَبْقَوْنَ - بِسَبَبِ ذَلِكَ - مُصِرِّينَ عَلَى الْعِصْيَانِ، مُتَزَوِّدِينَ مَا يُغْضِبُ عَلَيْكُمُ الرَّحْمَنَ، وَلَكِنِ اعْرِفُوا رَبَّكُمْ بِأَسْمَائِهِ الدَّالَّةِ عَلَى كَرَمِهِ وَجُودِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا؛ مِنَ الشِّرْكِ، وَالْقَتْلِ، وَالزِّنَا، وَالرِّبَا، وَالظُّلْمِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ. ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾؛ أَيْ: وَصِفَةُ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَصْفَانِ لَازِمَانِ ذَاتِيَّانِ، لَا تَنْفَكُّ ذَاتُهُ عَنْهُمَا، وَلَمْ تَزَلْ آثَارُهُمَا سَارِيَةً فِي الْوُجُودِ، مَالِئَةً لِلْمَوْجُودِ، تَسِحُّ يَدَاهُ مِنَ الْخَيْرَاتِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَيُوَالِي النِّعَمَ عَلَى الْعِبَادِ وَالْفَوَاضِلَ فِي السِّرِّ وَالْجِهَارِ، وَالْعَطَاءُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْمَنْعِ، وَالرَّحْمَةُ سَبَقَتِ الْغَضَبَ وَغَلَبَتْهُ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَسُنَّةِ الرَّسُولِ الرَّحِيمِ - عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ؛ يَجِدُ أَنَّ آيَاتِ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ، وَالْعَذَابِ الشَّدِيدِ، إِنَّمَا تَنْصَبُّ دَائِمًا عَلَى أَدْمِغَةِ الْكَافِرِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ؛ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ: ﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سَبَأٍ: 17]، ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 72]، ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 145]، ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [الْفَتْحِ: 6].

 

وَاللَّهُ تَعَالَى إِذَا خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ – وَحَتَّى مَعَ زَلَّاتِهِمْ، وَوُقُوعِهِمْ فِي الْأَخْطَاءِ؛ نَجِدُ أَنَّ خِطَابَهُ يَتَّسِمُ بِالْمَحَبَّةِ، وَالرَّحْمَةِ وَالْمَوَدَّةِ، وَالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [النُّورِ: 21]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [التَّحْرِيمِ: 8].

 

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي؛ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي؛ غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا [أَيْ: مَا يُقَارِبُ مِلْأَهَا]، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا؛ لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» حَسَنٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ:

1- خَطَرُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ؛ لِأَنَّهُ الذَّنْبُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ.

2- فَضِيلَةُ التَّوْحِيدِ؛ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ.

 

3- سَعَةُ فَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِغْفَرَةُ ذُنُوبِ عِبَادِهِ.

 

4- مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ: دُعَاءُ اللَّهِ، وَرَجَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ يَأْسٍ.

 

5- فَضْلُ الِاسْتِغْفَارِ مَعَ التَّوْبَةِ، وَأَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلتَّائِبِ ذُنُوبَهُ وَلَوْ بَلَغَتْ فِي الْكَثْرَةِ مَا بَلَغَتْ.

 

6- الْمَغْفِرَةُ تَكُونُ بِالشُّرُوطِ الْمَعْرُوفَةِ، مَعَ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ الْمَعْرُوفَةِ.

 

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ، وَحِلْمٌ، وَكَرَمٌ عَظِيمٌ، وَمَا لَا يُحْصَى مِنْ أَنْوَاعِ الْفَضْلِ، وَالْإِحْسَانِ، وَالرَّأْفَةِ، وَالرَّحْمَةِ، وَالِامْتِنَانِ. وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ؛ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ إِذَا وَجَدَهَا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

فَهَذِهِ هِيَ الرِّحَابُ الْوَاسِعَةُ لِرَحَمَاتِ اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ، وَالَّتِي يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَ سَاحَتَهَا وَعَظَمَتَهَا لِلتَّائِبِينَ وَالْعَائِدِينَ إِلَى مَرْضَاةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا تقنطوا من رحمة الله

مختارات من الشبكة

  • لا تقنطوا من رحمة الله(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • لا تقنطوا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مجلس قرآني حول البشارات الربانية في قوله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • حين تمطر السماء.. دروس من قطرات الماء! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صور من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يدعو إلى الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاة سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله: الأثر والعبر (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • بيان اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (85)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس (84)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/4/1447هـ - الساعة: 15:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب