• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    { قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى }
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    كلام الرب سبحانه وتعالى (1) الأوامر الكونية.. ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    سبيل الإفلاس التجسس على الناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    المبادرة لمكارم الدين والدنيا وضرر التأجيل
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    تفريغ الشهوة عند ثورانها في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    تميز منهج الصحابة رضي الله عنهم في تلقي القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    قراءات اقتصادية (68) الانهيار الكبير
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم من مزاعم الددو ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الحذر من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    القسط الهندي من دلائل النبوة وأفضل ما يتداوى به
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    خطب الجمعة: نماذج وتنبيهات (PDF)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    في وداع سماحة شيخنا المفتي عبدالعزيز آل الشيخ
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الأحكام الفقهية للممارسات الجنسية الممنوعة في ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الفتور داء خطير (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

عالميتنا الإسلامية أم عولمتهم المتوحشة (خطبة)

عالميتنا الإسلامية أم عولمتهم المتوحشة (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/2/2024 ميلادي - 5/8/1445 هجري

الزيارات: 7585

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عالَمِيَّتُنا الإسلامية أم عَوْلَمَتُهم المُتَوحِّشَة؟!


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالْإِسْلَامُ: هُوَ الْمَنْهَجُ الْعَالَمِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَلَا مَنْهَجَ يُضَاهِيهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ مُحَاكَاتُهُ فِي شُمُولِهِ، وَمُرُونَتِهِ، وَاتِّسَاعِهِ، وَمُنَاسَبَتِهِ: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 85].

 

وَالْعَوْلَمَةُ: مَشْرُوعٌ بَشَرِيٌّ، قَاصِرٌ فِي شَكْلِهِ وَمَضْمُونِهِ، وَحَاصِلُهُ: سُهُولَةُ الِانْتِقَالِ فِي السِّلَعِ، وَالْأَفْكَارِ، وَرَفْعِ الْحَوَاجِزِ بَيْنَ الشُّعُوبِ وَالْأُمَمِ؛ نَتِيجَةً لِلتَّقَدُّمِ التِّكْنُولُوجِيِّ الْمُعَاصِرِ، وَمَا تَمَّ ابْتِكَارُهُ مِنْ صِيَغٍ لِلتَّعَامُلِ الدَّوْلِيِّ؛ وَمِنْ ذَلِكَ: "التَّكَتُّلَاتُ الْإِقْلِيمِيَّةُ الدَّوْلِيَّةُ"، وَ"مُنَظَّمَةُ التِّجَارَةِ الْعَالَمِيَّةِ"، وَ"الشَّرِكَاتُ الْعَابِرَةُ لِلْقَارَّاتِ". وَقَدْ رَافَقَ ذَلِكَ اسْتِغْلَالُ "الْقُوَى الْكُبْرَى" لِهَذِهِ الْإِمْكَانَاتِ الْمُتَاحَةِ لِمَصَالِحِهَا، مِمَّا مَكَّنَهَا مِنَ السَّيْطَرَةِ وَالْهَيْمَنَةِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ الْإِنْسَانِيَّةِ. وَالْعَوْلَمَةُ – بِهَذِهِ الصُّورَةِ – تُمَثِّلُ تَحَدِّيًا صَارِخًا لِلْأُمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ؛ بِمَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ رِسَالَةٍ إِلَهِيَّةٍ، وَمَا أَقَامَتْهُ مِنْ حَضَارَةٍ إِنْسَانِيَّةٍ رَاشِدَةٍ، حَقَّقَتِ الْخَيْرَ لِلْإِنْسَانِ فِي كُلِّ آفَاقِ الْحَيَاةِ.

 

وَمِنْ أَهَمِّ الْفُرُوقِ بَيْنَ "عَالَمِيَّةِ الْإِسْلَامِ" وَ"الْعَوْلَمَةِ الْمُعَاصِرَةِ":

1- لَيْسَ فِي "الْإِسْلَامِ" مَنْ يُشَرِّعُ مِنَ الْبَشَرِ، فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُشَرِّعُ الْأَعْظَمُ، بِخِلَافِ "الْعَوْلَمَةِ"؛فَهِيَ عَادَاتٌ وَتَقَالِيدُ نَشَأَتْ فِي دَوْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ "الْمُصْدِرِ لِلْقَرَارِ"، تَفْرِضُهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ الْبَشَرِيِّ قَسْرًا! وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ مُمَارَسَاتٍ، وَسُلُوكِيَّاتٍ، وَعَادَاتٍ، وَأَخْلَاقٍ مُنْحَرِفَةٍ، يَرْفُضُهَا الدِّينُ الْإِسْلَامِيُّ، ثُمَّ الْعَقْلُ السَّلِيمُ.

 

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: الْفَوْضَى الْجِنْسِيَّةُ، وَاضْطِرَابُ نِظَامِ الْأُسْرَةِ، وَشُرْبُ الْخُمُورِ، وَالشُّذُوذُ الْجِنْسِيُّ، وَالْإِجْهَاضُ، وَتَحْدِيدُ النَّسْلِ، وَالِاعْتِرَافُ بِالشَّاذِّينَ جِنْسِيًّا، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

 

2- تُحَارِبُ "الْعَوْلَمَةُ" الْفَضِيلَةَ وَأَهْلَهَا، وَتَعْتَبِرُهُمْ أُنَاسًا مُتَخَلِّفِينَ، لَا يُوَاكِبُونَ حَضَارَةَ الْعَصْرِ، وَتِقْنِيَّةَ الْغَرْبِ! وَكُلُّ مُجْتَمَعٍ يُصِرُّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِقِيَمِهِ، يُحَارِبُونَهُ بـ"حُقُوقِ الْإِنْسَانِ"، وَهُوَ "السِّلَاحُ الْخَبِيثُ" الَّذِي حَقَّقَتْ بِهِ الْعَوْلَمَةُ أَهْدَافَهَا الِاسْتِعْمَارِيَّةَ الْخَفِيَّةَ؛ حَيْثُ جَعَلَتْ لَهَا الْحَقَّ فِي اتِّخَاذِ "إِجْرَاءَاتٍ تَأْدِيبِيَّةٍ"، مِنْ خِلَالِ "هَيْئَةِ الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ" ضِدَّ مَنْ يَتَطَاوَلُ عَلَى هَذِهِ الْحُقُوقِ الْمَزْعُومَةِ!

 

3- عَالَمِيَّةُ الْإِسْلَامِ: تَضْمَنُ لِلْإِنْسَانِ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهِيَ دَعْوَةُ خَيْرٍ لِلْمُجْتَمَعِ الْبَشَرِيِّ؛ لِيَلْتَقِيَ عَلَى أُسُسٍ رَاسِخَةٍ فِي الْعَقِيدَةِ، وَالتَّشْرِيعَاتِ، وَالْأَخْلَاقِ، وَفِيهَا مُسَاوَاةٌ بَيْنَ الْبَشَرِ، دُونَ فَرْضِ عَادَاتِ قَوْمٍ وَتَقَالِيدِهِمْ عَلَى آخَرِينَ.

 

وَأَمَّا الْعَوْلَمَةُ: فَهِيَ تَهْوِي بِالْإِنْسَانِ إِلَى الْجَحِيمِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا أَيُّ نَوْعٍ مِنَ الْمُسَاوَاةِ؛ لِتَسَلُّطِ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الْبَشَرِ - غَيْرِ مُؤَهَّلَةٍ - لِقِيَادَةِ النَّاسِ.

 

4- عَالَمِيَّةُ الْإِسْلَامِ: تُقِرُّ بِوُجُودِ فَوَارِقَ وَاخْتِلَافَاتٍ بَيْنَ النَّاسِ؛ فِي اللُّغَةِ، وَالْعَادَاتِ وَالتَّقَالِيدِ، وَاللِّبَاسِ، وَغَيْرِهَا، طَالَمَا لَا تُخَالِفُ "الْمَنْهَجَ الْإِسْلَامِيَّ" الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِلْجَمِيعِ، وَهَذَا مَا نُلَاحِظُهُ فِي أَقْطَارِ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ؛ فَمَثَلًا: فُرِضَ الْحِجَابُ عَلَى نِسَاءِ الْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ، فَغَطَّتِ الْمَرْأَةُ جَسَدَهَا، وَلَكِنْ كُلٌّ حَسَبَ زِيِّهِ الْخَاصِّ فِي بَلَدِهِ.

 

5- تَجْعَلُ "عَالَمِيَّةُ الْإِسْلَامِ" الْعَالَمَ قَرْيَةً كَوْنِيَّةً وَاحِدَةً؛ يَتَمَتَّعُ الْإِنْسَانُ فِيهَا بِحَقِّ الِاخْتِيَارِ، وَيَسُودُ فِيهَا الْبِرُّ وَالْقِسْطُ، وَيَتَفَيَّأُ الْإِنْسَانُ فِيهَا ظِلَالَ الْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ، وَتُصَانُ فِيهَا حُرُمَاتُ الْمُخَالِفِينَ وَحُقُوقُهُمْ. وَأَمَّا "الْعَوْلَمَةُ" فَتَجْعَلُ الْعَالَمَ غَابَةً كَوْنِيَّةً وَاحِدَةً؛ يَأْكُلُ فِيهَا الْقَوِيُّ الضَّعِيفَ بِصُورَةٍ لَا تُظْهِرُ غَوْغَائِيَّتَهُمْ، وَلَا افْتِرَاسَهُمْ، وَلَا هَمَجِيَّتَهُمْ.

 

6- تُقَدِّمُ "عَالَمِيَّةُ الْإِسْلَامِ" مَشْرُوعًا حَضَارِيًّا رَائِدًا، قَاعِدَتُهُ: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 256]، تَحْتَ "خَيْمَةِ الْإِسْلَامِ" الَّتِي تَرْعَى حُقُوقَ الْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ، حَتَّى يَتَفَيَّأَ الْعَالَمُ ظِلَالَ الرَّحْمَةِ الْعَامَّةِ، وَيَفِيءَ إِلَيْهَا مِنْ هَجِيرِ الظُّلْمِ، وَرَمْضَاءِ الْأَثَرَةِ، وَالْجَشَعِ، وَالْأَنَانِيَّةِ.

 

7- تَحْمِلُ "الْعَوْلَمَةُ" فِي - إِطَارِهَا اللَّادِينِيِّ – بُذُورَ الْفَشَلِ، وَعَوَامِلَ الِانْهِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَوَامَ لِلظُّلْمِ، وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ، فَكَمْ مِنْ حَضَارَاتٍ صَالَتْ ثُمَّ انْهَارَتْ: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴾ [الْفَجْرِ: 6-8].

 

8- تَقُومُ "عَالَمِيَّةُ الْإِسْلَامِ" عَلَى أَسَاسِ تَكْرِيمِ بَنِي آدَمَ جَمِيعًا، وَأَسَاسِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَفِي التَّكْلِيفِ، وَالْمَسْؤُولِيَّةِ، وَالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِي بُنُوَّتِهِمْ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 13]؛ فَالْقُرْآنُ يُقَرِّرُ "الْمُسَاوَاةَ الْعَامَّةَ" بَيْنَ النَّاسِ دُونَ إِلْغَاءٍ لِلْخُصُوصِيَّاتِ.

 

وَأَمَّا الْعَوْلَمَةُ: فَهِيَ فَرْضٌ لِهَيْمَنَةِ "الدُّوَلِ الْمُصْدِرَةِ لِلْقَرَارِ" عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ؛ إِنَّهَا مُعَامَلَةُ السَّادَةِ لِلْعَبِيدِ، وَالْعَمَالِقَةِ لِلْأَقْزَامِ؛ فَالْعَوْلَمَةُ اسْمٌ مُهَذَّبٌ لِلِاسْتِعْمَارِ فِي ثَوْبِهِ الْجَدِيدِ.

 

9- عَالَمِيَّةُ الْإِسْلَامِ: هِيَ انْفِتَاحُ الْأُمَمِ عَلَى بَعْضِهَا، فِي إِطَارِ التَّوَاصُلِ الْحَضَارِيِّ، وَتَبَادُلِ الْمَعَارِفِ، وَالِاكْتِشَافِ، وَصِيَاغَةِ عَلَاقَاتٍ تَقُومُ عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الْاحْتِرَامِ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَالتَّعَدُّدِيَّةِ. وَأَمَّا الْعَوْلَمَةُ: فَمَا هِيَ إِلَّا عَصَا الْإِلْغَاءِ؛ إِلْغَاءِ "الْآخَرِ" تَمَامًا، وَفَرْضِ "الْأَنَا".

 

10- تَدْعُو "الْعَوْلَمَةُ" إِلَى تَذْوِيبِ الْفَوَارِقِ بَيْنَ الْبَشَرِ فِي كَافَّةِ الْمَجَالَاتِ، وَهَذَا يُخَالِفُ سُنَّةَ الِاخْتِلَافِ: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هُودٍ: 118-119]، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ ﴾ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ يُفِيدُ مَعْنَى الِاسْتِمْرَارِ؛ ﴿ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ أَيْ: لِسَبَبِ ذَلِكَ خُلِقُوا؛ لِيَخْتَلِفُوا وَيَتَمَيَّزُوا، ثُمَّ يُحَاسَبُوا، كُلُّ فَرِيقٍ بِمَا يَخْتَارُ.

 

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي دَعْوَتِهِ الْعَالَمِيَّةِ – لَمْ يُكْرِهِ النَّاسَ عَلَى اعْتِنَاقِ الْإِسْلَامِ - وَهُوَ الْحَقُّ، فَكَيْفَ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَفْرِضُوا ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ عَنْوَةً؟!

 

11- تُفَرِّغُ "الْعَوْلَمَةُ" الْهُوِيَّةَ الْجَمَاعِيَّةَ مِنْ كُلِّ مُحْتَوًى، وَتَدْفَعُ إِلَى التَّفَتُّتِ؛ لِرَبْطِ النَّاسِ بِعَالَمِ اللَّاوَطَنٍ، وَاللَّاأُمَّةٍ، وَاللَّادَوْلَةٍ، أَوْ تُغْرِقُهُمْ فِي أُتُونِ الْحَرْبِ الْأَهْلِيَّةِ!

 

وَمِنَ الْعَجِيبِ: أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الدُّوَلِ – غَيْرِ الْإِسْلَامِيَّةِ – نَدَّدَتْ بِمَشْرُوعِ الْعَوْلَمَةِ وَحَارَبَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُرِيدُ أَنْ تَفْقِدَ ثَقَافَتَهَا، وَلَا تَرْغَبُ بِأَيِّ تَدَخُّلَاتٍ فِي خُصُوصِيَّاتِهَا، أَوِ الْمَسَاسِ بِلُغَتِهَا، وَتَقَالِيدِهَا، وَمَا نَشَأَتْ عَلَيْهِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَالَمِ أَجْمَعَ؛ لِيَكُونَ رَحْمَةً مُهْدَاةً لِلْعَالَمِينَ: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 107]. فَعِنْدَمَا يَقُومُ الْمُسْلِمُونَ بِدَعْوَةِ الْعَالَمِ إِلَى الْإِسْلَامِ – بِلِسَانِ حَالِهِمْ، وَمَقَالِهِمْ – فَهُمْ لَا يَخَافُونَ مِنْ غَزْوٍ قَادِمٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَمْتَلِكُونَ مَا يَرُدُّهُ عَلَى أَدْبَارِهِ؛ فَالدِّينُ الْإِسْلَامِيُّ قُوَّتُهُ فِي ذَاتِهِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مُجَابَهَةِ الْغَزْوِ مَهْمَا كَانَتْ جِهَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْلُو، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 110]؛ وَلَا يَزَالُ الْمُسْلِمُونَ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ؛ مَا دَامُوا مُسْتَمْسِكِينَ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِمْ.

 

وَفِي الْوَقْتِ الرَّاهِنِ: لَا يَسْتَطِيعُ الْمُسْلِمُونَ الْفِرَارَ مِنَ الْعَوْلَمَةِ، أَوْ رَفْضَهَا، أَوِ الْهَرَبَ مِنْ حِصَارِهَا وَضَغْطِهَا، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ - فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ – أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهَا، مُطَأْطِئِ الرُّؤُوسِ، فَلَا بُدَّ مِنْ حِمَايَةِ النَّاشِئَةِ مِنْ "طُوفَانِ الْعَوْلَمَةِ"؛ بِالِاسْتِمْسَاكِ بِالدِّينِ، وَتَوْعِيَةِ الْأَجْيَالِ، وَتَحْصِينِهَا عَقَائِدِيًّا، وَفِكْرِيًّا، وَثَقَافِيًّا.

 

وَالْعَوْلَمَةُ نَفْسُهَا - تُسَاعِدُ عَلَى انْتِشَارِ الْإِسْلَامِ، بِنَحْوٍ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ نَظِيرٌ، وَأُمَّتُنَا أُمَّةُ دَعْوَةٍ، لَيْسَتْ مُنْغَلِقَةً عَلَى نَفْسِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 104]، وَمَضْمُونُ الدَّعْوَةِ ثَابِتٌ، وَوَسَائِلُهَا وَآلِيَّاتُهَا تَتَغَيَّرُ وَتَتَطَوَّرُ بِتَطَوُّرِ الْحَيَاةِ.

 

وَإِلْغَاءُ الدِّينِ مِنْ حَيَاةِ النَّاسِ غَيْرُ مُمْكِنٍ الْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بِغَيْرِ دِينٍ إِنْسَانٌ بِلَا جُذُورٍ، وَلَا أَمَلٍ، إِنْسَانٌ مَكْشُوفٌ مُخْتَرَقٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَاقِدُ الْيَقِينِ وَالرِّضَا، يَحُوطُهُ الشَّكُّ وَالسَّخَطُ، يَعِيشُ فِي الْحَيَاةِ مَحْرُومًا مِنْ سِرِّ الْحَيَاةِ؛ وَهُوَ الدِّينُ.

 

وَالَّذِي يُمَيِّزُ "الْأُمَّةَ الْإِسْلَامِيَّةَ" أَنَّهَا تَمْلِكُ مُقَوِّمَاتٍ، وَقِيَمًا رَاسِخَةً، تُؤَهِّلُهَا لِإِسْعَادِ الْبَشَرِيَّةِ، وَإِنْقَاذِهَا مِنَ الْهَلَاكِ، فِي ظِلِّ انْتِشَارِ "الْعَوْلَمَةِ الْمُتَوَحِّشَةِ"، فَأُمَّتُنَا تَمْلِكُ: قِيَمَ الْعَدْلِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَحُقُوقَ الْإِنْسَانِ - الَّتِي يُنَادِي بِهَا "مُرَوِّجُو الْعَوْلَمَةِ". وَتَمْلِكُ: الْمُقَوِّمَاتِ، وَالطَّاقَاتِ، وَالْإِمْكَانَاتِ الْمَادِّيَّةَ وَالْمَعْنَوِيَّةَ، مَا يَجْعَلُهَا فِي طَلِيعَةِ الْأُمَمِ، وَيَمْنَحُهَا مَكَانَتَهَا فِي الصَّدَارَةِ الَّتِي أَرَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهَا. وَمِنْ هَذِهِ الْمُقَوِّمَاتِ: "الْقُوَّةُ الْعَدَدِيَّةُ"، "وَالْقُوَّةُ الْمَادِّيَّةُ"، "وَالْقُوَّةُ الرُّوحِيَّةُ"، "وَالْقُوَّةُ الْفِطْرِيَّةُ"، وَغَيْرُهَا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التربية الأخلاقية الإسلامية "حياة للمجتمع"
  • الاحتكار والرأسمالية والإجراءات الوقائية في الشريعة الإسلامية
  • مصر والحضارة الإسلامية
  • الأمة الإسلامية وآليات مواجهة الكوارث المختلفة
  • المدارس الإسلامية بين التبعية والذاتية
  • دور الزكاة في تحقيق التنمية والانتعاش الاقتصاديين للبلدان الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • معنى عالمية الدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العولمة وتشويه الغيب في وعي المسلم المعاصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التوحيد عليه نحيا ونموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة النصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة الإندونيسية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • سبيل الإفلاس التجسس على الناس (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/5/1447هـ - الساعة: 11:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب