• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف: فدليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    لقاء حول الفتوى والاجتهاد (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خمسون قاعدة في فقه البيوع (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    تدبر سورة العاديات (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

شرف الانتماء بين الحقيقة والادعاء (خطبة)

شرف الانتماء بين الحقيقة والادعاء (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/11/2023 ميلادي - 9/5/1445 هجري

الزيارات: 10438

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرفُ الانْتِماء.. بين الحقيقةِ والادِّعاء

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: مَا أَكْثَرَ الْمُتَفَاخِرِينَ بِالِانْتِمَاءِ لِلْمَذَاهِبِ وَالْأَئِمَّةِ، وَالْمُنْتَسِبِينَ لِلْفَضَائِلِ وَالْمُفَاخِرِينَ بِهَا، وَالْمُدَّعِينَ لِلْكَمَالِ، وَقَدِيمًا كَانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يَزْعُمُونَ – زُورًا – أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ! ‌فَأَكْذَبَهُمُ ‌اللَّهُ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 34].

 

وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ هُمُ الَّذِينَ يَنْتَمُونَ إِلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَيَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِمْ، وَيُوَافِقُونَهُمُ اعْتِقَادًا وَمَنْهَجًا، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌أُصُولُ ‌السُّنَّةِ ‌عِنْدَنَا التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ، وَتَرْكُ الْبِدَعِ).

 

وَمِنْ أَوْضَحِ عَلَامَاتِ أَهْلِ الْبِدَعِ: تَرْكُ الِانْتِسَابِ وَالِانْتِمَاءِ إِلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْمُعْتَزِلَةُ ‌تُفَسِّقُ ‌مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ طَوَائِفَ، وَتَطْعَنُ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَفِيمَا رَوَوْهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تُخَالِفُ آرَاءَهُمْ وَأَهْوَاءَهُمْ؛ بَلْ تُكَفِّرُ أَيْضًا مَنْ يُخَالِفُ أُصُولَهُمُ الَّتِي انْتَحَلُوهَا مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، فَلَهُمْ مِنَ الطَّعْنِ فِي عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَفِي عِلْمِهِمْ مَا لَيْسَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَلَيْسَ انْتِحَالُ مَذْهَبِ السَّلَفِ مِنْ شَعَائِرِهِمْ؛ وَإِنْ كَانُوا يُقَرِّرُونَ خِلَافَةَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ).

 

فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ الْمُفْلِحِينَ؛ فَلْيَكُنْ فِي جَانِبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَكُنْ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ؛ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِذَا كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي جَانِبٍ، فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ ‌يُفْضِي ‌إِلَى ‌الْمُشَاقَّةِ وَالْمُحَادَّةِ، وَهَذَا أَصْلُهَا، وَمِنْهُ اشْتِقَاقُهَا؛ فَإِنَّ الْمُشَاقَّةَ أَنْ يَكُونَ فِي شِقٍّ، وَمَنْ يُخَالِفُهُ فِي شِقٍّ، وَالْمُحَادَّةُ أَنْ يَكُونَ فِي حَدٍّ، وَهُوَ فِي حَدٍّ.

 

فَكُنْ فِي الْجَانِبِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ؛ فَإِنَّ لِذَلِكَ عَوَاقِبَ هِيَ أَحْمَدُ الْعَوَاقِبِ وَأَفْضَلُهَا، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْفَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي دُنْيَاهُ قَبْلَ آخِرَتِهِ).

 

وَالْمُسْلِمُونَ لَا يَتَّسَمَّوْنَ إِلَّا بِالِاسْمِ الَّذِي اصْطَفَاهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ﴾ [الْحَجِّ: 78]. فَانْتَسِبْ –يَا عَبْدَ اللَّهِ- إِلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ؛ فَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَا عَيْبَ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ مَذْهَبَ السَّلَفِ، وَانْتَسَبَ إِلَيْهِ، ‌وَاعْتَزَى ‌إِلَيْهِ [أَيْ: تَفَاخَرَ بِالِانْتِمَاءِ وَالِانْتِسَابِ إِلَيْهِ]؛ بَلْ يَجِبُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ).

 

وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ – فِي حَقِيقَةِ انْتِسَابِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ وَتَنَاصُرِهِمْ: (وَلَا يُشْرَعُ اجْتِمَاعُ ‌طَائِفَةٍ ‌وَتَحَزُّبُهُمْ عَلَى التَّنَاصُرِ الْمُطْلَقِ، بِحَيْثُ يَنْصُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؛ بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ اتِّبَاعُ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ يَجِبُ مُوَالَاةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَتَنَاصُرُهُمْ وَتَعَاوُنُهُمْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى).

 

وَالسُّؤَالُ الْمُلِحُّ هُوَ: كَيْفَ نَكُونُ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ الْمُفْلِحِينَ؟ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ ‌الْمُؤْمِنَ ‌دَائِمًا مَعَ اللَّهِ عَلَى نَفْسِهِ وَهَوَاهُ وَشَيْطَانِهِ وَعَدُوِّ رَبِّهِ، وَهَذَا مَعْنَى كَوْنِهِ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ وَجُنْدِهِ وَأَوْلِيَائِهِ؛ فَهُوَ مَعَ اللَّهِ عَلَى عَدُوِّهِ الدَّاخِلِ فِيهِ وَالْخَارِجِ عَنْهُ؛ يُحَارِبُهُمْ وَيُعَادِيهِمْ وَيُغْضِبُهُمْ لَهُ سُبْحَانَهُ؛ كَمَا يَكُونُ خَوَاصُّ الْمَلِكِ مَعَهُ عَلَى حَرْبِ أَعْدَائِهِ).

 

عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ الْعُبُودِيَّةَ اسْمُنَا وَوَصْفُنَا، فَنَحْنُ عُبَيْدُ اللَّهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ ﴾ [الْفُرْقَانِ: 63]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 56]. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَمَّا الْعُبُودِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ: فَلَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا بَاسْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَعَانِي أَسْمَائِهَا، فَإِنَّهُ ‌مُجِيبٌ ‌لِدَاعِيهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، فَلَهُ مَعَ كُلِّ أَهْلِ عُبُودِيَّةٍ نَصِيبٌ يَضْرِبُ مَعَهُمْ بِسَهْمٍ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِرَسْمٍ وَلَا إِشَارَةٍ، وَلَا اسْمٍ وَلَا بِزِيٍّ، وَلَا طَرِيقٍ وَضْعِيٍّ اصْطِلَاحِيٍّ؛ بَلْ إِنْ سُئِلَ عَنْ شَيْخِهِ؟ قَالَ: الرَّسُولُ. وَعَنْ طَرِيقِهِ؟ قَالَ: الِاتِّبَاعُ. وَعَنْ خِرْقَتِهِ؟ قَالَ: لِبَاسُ التَّقْوَى. وَعَنْ مَذْهَبِهِ؟ قَالَ: تَحْكِيمُ السُّنَّةِ. وَعَنْ مَقْصُودِهِ وَمَطْلَبِهِ؟ قَالَ: ﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 52]، وَعَنْ رِبَاطِهِ؟ قَالَ: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ﴾ [النُّورِ: 36]. وَعَنْ نَسَبِهِ؟ قَالَ: أَبِي الْإِسْلَامُ لَا أَبَ لِي سِوَاهُ … إِذَا افْتَخَرُوا بِقَيْسٍ أَوْ تَمِيمِ).

 

وَالِانْتِسَابُ الْأَعْظَمُ هُوَ انْتِسَابُ الْعَبْدِ إِلَى رَبِّهِ؛ وَقَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ؛ ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 668]. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هَذِهِ هِيَ النِّسْبَةُ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ؛ وَهِيَ ‌نِسْبَةُ ‌الْعُبُودِيَّةِ ‌الْمَحْضَةِ... وَهَذِهِ النِّسْبَةُ هِيَ الَّتِي تَنْفَعُ الْعَبْدَ، فَلَا يَنْفَعُهُ غَيْرُهَا فِي الدُّورِ الثَّلَاثَةِ؛ أَعْنِي: دَارَ الدُّنْيَا، وَدَارَ الْبَرْزَخِ، وَدَارَ الْقَرَارِ؛ فَلَا قِوَامَ لَهُ وَلَا عَيْشَ وَلَا نَعِيمَ وَلَا فَلَاحَ إِلَّا بِهَذِهِ النِّسْبَةِ، وَهِيَ السَّبَبُ الْوَاصِلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى نَسَبُوا أَنْفُسَهُمْ – زُورًا – إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ! ‌فَأَكْذَبَهُمُ ‌اللَّهُ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 67]. ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾! ‌فَأَكْذَبَهُمُ ‌اللَّهُ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 18]. وَقَالُوا: ﴿ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ﴾ [الْبَقَرَةِ: 111]! فَنَفَى اللَّهُ هَذِهِ الْمَزَاعِمَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ﴾ [النِّسَاءِ: 123].

 

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 68]. قَالَ جَمَالُ الدِّينِ الْقَاسِمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَا يَخْفَى أَنَّهُمْ إِذَا أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ‌لَمَّا ‌تَتَقَاضَى ‌إِقَامَتُهُمَا الْإِيمَانَ بِهِ، إِذْ كَثُرَ مَا جَاءَ فِيهِمَا مِنَ الْبِشَارَاتِ بِهِ وَالتَّنْوِيهِ بِاسْمِهِ وَدِينِهِ، فَإِقَامَتُهُمَا عَلَى وُجُوهِهِمَا تَسْتَدْعِي الْإِسْلَامَ الْبَتَّةَ). وَمَعَ ذَلِكَ انْتَسَبَ الْيَهُودُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَانْتَسَبَ النَّصَارَى إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ وَقَدْ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا شَرِيعَةَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ!

 

وَمَا أَكْثَرَ فِرَقَ الْقِبْلَةِ الَّتِي تَنْتَسِبُ إِلَى السُّنَّةِ، وَهُمْ مُبْتَدِعَةٌ مُفَارِقُونَ لِلْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذَكَرَ اخْتِلَافَ أُمَّتِهِ وَتَفَرُّقَهُمْ إِلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً؛ ذَكَرَ الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ، وَنَصَّ عَلَى الْجَمَاعَةِ؛ لِيَجْتَنِبَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُفَارَقَتَهَا، وَلِيَلْزَمَ الْجَمَاعَةَ، وَيَنْتَسِبَ إِلَيْهَا حَقِيقَةً، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الْجَمَاعَةُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَفِي رِوَايَةٍ: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

وَمَا أَكْثَرَ اَلَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْأَئِمَّةِ وَالْمَذَاهِبِ؛ وَهُمْ مُضَادُّونَ لَهُمْ فِي عَقِيدَتِهِمْ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَيَنْتَمُونَ إِلَى مَذْهَبٍ تَسْمِيَةً، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهُ مَعْنًى!).

 

فَكُلُّ الْفِرَقِ الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّهَا عَلَى السُّنَّةِ؛ مُطَالَبَةٌ بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ عَلَى ذَلِكَ؛ وَفِرَقُ الْقِبْلَةِ كُلُّهَا تَنْتَسِبُ لِلْإِسْلَامِ، وَتَشْهَدُ "أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ"، وَلَكِنْ لِنَنْظُرْ فِي انْتِسَابِهَا؛ هَلْ هُوَ فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَلَقِّي الْعِلْمِ، وَالْعَقِيدَةِ، وَالْأَحْكَامِ مِنْ سُنَّتِهِ الَّتِي بَيَّنَتْ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ؟

 

وَالْخُلَاصَةُ: أَنَّ الِانْتِسَابَ إِلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ لَا يَكُونُ هَوًى؛ كَمَا يَنْتَسِبُ الْحِزْبِيُّونَ لِأَحْزَابِهِمُ الَّتِي صَنَعُوهَا، وَيَجْعَلُونَ مَنْ تَحَزَّبَ مَعَهُمْ سَلَفِيًّا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَحَزِّبًا مَعَهُمْ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لَهُمْ، وَرُبَّمَا قَالُوا: هُوَ عَدُوٌّ لِلسَّلَفِيَّةِ! فَهَذَا مِنَ التَّحَزُّبِ الْجَاهِلِيِّ، وَلَيْسَ مِنَ الِانْتِسَابِ لِمَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ. قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُخْبِرُ عَنْ هَذِهِ الْفِرَقِ ‌بِحُكْمِ ‌الظَّنِّ ‌وَالْهَوَى، ‌فَيَجْعَلُ طَائِفَتَهُ وَالْمُنْتَسِبَةَ إِلَى مَتْبُوعِهِ الْمُوَالِيَةَ لَهُ هُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَيَجْعَلُ مَنْ خَالَفَهَا أَهْلَ الْبِدَعِ، وَهَذَا ضَلَالٌ مُبِينٌ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ: لَا يَكُونُ مَتْبُوعُهُمْ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الانتماء الجميل
  • غريزة الانتماء
  • منظومة الانتماء في الإسلام
  • ضعف الانتماء للإسلام
  • الانتماء وحب الأوطان

مختارات من الشبكة

  • الشرف الذي يتقاصر دونه كل شرف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الشرف(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملخص بحث: الانتماء للوطن بين الحقوق والواجبات وأثره في السلم الاجتماعي(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: الانتماء للوطن ما بين عوامل تؤثر فيه أو تتأثر به في ظل الشريعة الإسلامية(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: الانتماء للوطن في عصر العولمة .. رؤية إسلامية نقدية(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • الإعلام بين ميثاق الشرف المهني، وفوضوية الواقع(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قيام الليل في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/3/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب