• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحصيل الأجر في حكم أذان الفجر لعبد الغني النابلسي
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    قراءة في كتاب: "المرجحات: نحو تأصيل قواعد الترجيح ...
    فريد لطفي أحمد
  •  
    تاريخ الدولة الأموية
    د. خالد النجار
  •  
    من التراث اليمني: كتاب العواصم من القواصم في الذب ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    بقايا الحصاد، بحوث ومحاضرات لمحمد عبد الرحمن ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    قصة هود عليه السلام (2)
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    موادعة اليهود
    د. محمد منير الجنباز
  •  
    عرض معجم السيرة النبوية
    ثروت محمد سليمان
  •  
    تقنية ChatGPT ومستقبل البحوث العلمية
    محمد فرح متولي
  •  
    إمداد المسلم بشرح مختصر المنذري لصحيح مسلم لعبيد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    ملامح من حياة العالم اللغوي الدكتور فاضل صالح ...
    د. شاذلي عبد الغني إسماعيل
  •  
    بغية الأريب من معاني نظم العمريطي "نهاية التدريب" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    القراءة في عصر إدمان الدوبامين
    محمد أبو الفتوح
  •  
    بذل المال في طلب العلم لأحمد فتحي البكيري
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    قصة هود عليه السلام (1)
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    المؤاخاة بين الأوس والخزرج
    د. محمد منير الجنباز
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

صور من العلاقات الزراعية في العراق إبان القرن الثامن عشر (دراسة في وثائق تاريخية جديدة)

صور من العلاقات الزراعية في العراق إبان القرن الثامن عشر (دراسة في وثائق تاريخية جديدة)
أ. د. عماد عبدالسلام رؤوف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/8/2015 ميلادي - 26/10/1436 هجري

الزيارات: 8196

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صور من العلاقات الزراعية في العراق إبان القرن الثامن عشر

(دراسة في وثائق تاريخية جديدة)

 

لتاريخ العلاقات الزراعية أهمية خاصة في دراسة تاريخ العراق الاجتماعي والاقتصادي في العصر الحديث؛ ذلك أن هذه العلاقات تمثل الخلفية الاقتصادية المباشرة لتطور المجتمع في الريف الزراعي، كما أنها من جهة أخرى تمثل الخلفية غير المباشرة للتطور الاجتماعي، بل والسياسي أيضًا، في المدينة نفسها.

 

وصعوبة دراسة هذه العلاقات تَكمُن في أنها تستند - بصفة وحيدة تقريبًا - إلى الوثائق الزراعية، بخلاف الحال عند دراسة أحوال المدن في تلك الحقبة؛ حيث يسدُّ المؤرِّخون المعاصرون بعض النقص في مواد البحث الأولية بما يدوِّنونه من تواريخَ مختلفة؛ فإن اهتمام المؤرِّخين كان قاصرًا - بصفة عامة - على (المدينة) دون أن يمتد إلى الريف، بعلاقاته وأوضاعه، وتركيبه الاجتماعي والاقتصادي.

 

ووَفقًا للقاعدة التاريخية القائلة بأن (لا تاريخَ بغير وثائق) فإنَّ جوانبَ مهمَّة من أحوال الريف تبقى دون تاريخ أصلاً، وسبب ذلك يعود إلى أن قِسمًا كبيرًا من علاقاته الزراعية لم يُنظَّم بموجب وثائقَ بالمرة، وإنما جرى بحسب الأعراف السائدة في الحِقَب السابقة، والاتفاقات الشفوية فحَسْب، وليس تعليلُ هذه الظاهرة بعَسير؛ فوَسط حالةٍ من الأمية المطلقة كانت تَسود الريف ومعظمَ مجتمعات المدن - يُصبح من الصعب تنظيمُ مثل هذه الوثائق التي تَستدعي دِرايةً معينة في أمور (المعاملات).

 

وفي ظل انقِطاع الصِّلات الحقيقية بين المدينة والريف، وغيبة الأولى عن ممارسة دَورها الفعلي خارجَ أسوارها أو جوارها على الأكثر، تُصبح العلاقات الزراعية القائمةُ بين الفلاحين أو العشائر الزراعيَّة، والقبائل البدوية - علاقات مبنيَّة على أساس تَوازن القُوى عمَليًّا، دون أن تستند في تثبيتها إلى صيغ قانونية مدوَّنة.

 

ولما كانت سَعة الأرض الزراعية في العراق أكثرَ بكثير من حجم الكثافة السكانية فيها - لا سيَّما في تلك الحقبة؛ "حيث لم يَزِد عدد السكان الريفيين الذين يعتمدون على الأرض للزراعة والرعي على نصف المليون تقريبًا"[1] - فإن مساحاتٍ كبيرةً من تلك الأراضي لم تكن تُعاني (مشاكلَ زراعية) أصلاً، ومِن ثَم لم تكن ثمة حاجةٌ - غالبًا - إلى تثبيت حدود ملكيَّات المزارعين وحقوقهم في وثائقَ مُصدَّقة مُلزِمة.

 

ومن ناحية أخرى فإنَّ أنواعًا مختلفة من العلاقات الزراعية - لا سيما المغارسة - لم تكن منطبقة في أحيان كثيرة على القواعد الشرعية، مما كان يحول دون توثيقها، فإذا ما كُتبت واحتِيجَ إلى تصديقها لدى جهة شرعية، استُعين على هذا الأمر بما يُعرف (بالحِيَل الشرعية)؛ حتى يَمنح ذلك (شكلاً) شرعيًّا يجوز الاعترافُ به والمصادقة عليه.

 

ويَزيد من صعوبة البحث في هذه الوثائق ودراستها أنه لم يكن ثَمة تصنيفٌ خاص بها، حتى بعدَ مصادقتها مِن طرف المحكمة الشرعية، فلا تميِّز سجلاتُ المحاكم الشرعية بين الوثائق الزراعية وغيرها من الوثائق المتنوعة الأخرى؛ كالأحوال الشخصية والوقفيات، وعقود البيع والشراء، وسائر المعاملات؛ ولذا فإننا نجد عقود المزارعة والمغارسة والمساقاة واستئجار الأرض الزراعية وبَيعها والعمل الزراعي - مختلطةً مع غيرها من الوثائق بشكل يُصعِّب تَمييزها إلاَّ بعد دراستها وتحليل محتواها.

 

وعلى الرغم من أن عدد هذه الوثائق - بافتراض وجودها جميعًا - لا يُغطِّي - في تقديرنا - المساحاتِ الزراعيةَ التي كان يَجري فيها التعامل أصلاً إلاَّ بنسبة ضئيلة جدًّا؛ فإن من شأن ما تبقَّى منها - إذا ما دُرس ونُشرَ - الكشفَ عن جملةِ أمورٍ مهمة في تاريخ التطور الاجتماعي والاقتصادي للعراق إبَّان العصرِ العثماني؛ فهي توضِّح طبيعة الملكية الزراعية في الريف، وسُبلَ انتقالها وتحوُّلِها، وأنماط العلاقات التعاقدية بين مالك الأرض والفلاَّح مِن جهة، وبين الحكومة ومالك الأرض مِن جهة أخرى، وطبيعة واجبات الفلاحين تُجاه المالك وأنواعها، ومقدار أجور العمَّال في الحقل أو البستان، ونِسَب مقاسمة الحاصل.

 

ولا ريب في أن دراسةً كهذه ضروريةٌ تمامًا لفَهْم تطور المدينة ذاتِها؛ فكثيرٌ مما كانت تتعرَّض له المدن من ظروف هذا التطور تَكمُن أسبابه في أعماق الريف، كما أنَّ غير قليل مما كان يُصيب الريفَ من تبدُّل في علاقاته الزراعية كان يَرجع في أصوله إلى ما كان يَمر به مجتمعُ المدينة مِن تغيُّرات.

 

ولقد عثَرنا في أثناء بَحثنا في هذا المجال على جملةٍ من الوثائق التاريخية التي تَكشف لأول مرَّة عن أنماطٍ من التعامل الزراعي كانت سائدةً في ريف العراق إبَّان القرن الثامنَ عشر، وفيها إشاراتٌ مهمة إلى عددٍ من الظواهر والأعراف الشائعة في الريف الزراعي في خلال تلك الحقبة.

 

وهذه الوثائق مكتوبةٌ بلغة عربيةٍ تتفاوت قوَّة وضعفًا، وفيها من الألفاظ والمصطلحات ما لا يُستهان به؛ كأسماء بعض العملات وتحديد قَيِمها، ومقاييس الطول المستعملة في تلك الأيام، وما إلى ذلك من أمور تُفيد الباحثَ في تاريخ العراق الاقتصادي على وجه خاص، وهي محفوظة في المكتبة القادرية ببغداد[2].

 

ويمكن تصنيف هذه الوثائق على النحو الآتي:

الوثائق ذوات الارقام (1) و (2) و (3) ثلاثةُ عقود مُغارَسة بين (سعيد بك بن سليمان باشا) والي بغداد بولاية أبيه، وبوكالة (محمد سعيد بك) وبعض الفلاحين، على غَرس مُقاطَعات من أرض الهندية قُرب الحلة، مؤرَّخة في سنة 1213هـ/ 1798م.

 

الوثيقة رقم (4) عقد ضمان أو التزام - بمعنى إجارةٍ للأرض ووساطة زراعية - بين والي بغداد وأحد الملتزمين، لقُرًى في الحلة، مؤرَّخ في السنة نفسِها.

 

الوثيقة رقم (5) عقد مُزارَعة بين والي بغداد وعشيرة البو هيكل على زراعة منطقة محددة من أرض مقاطعة الهندية، مؤرخ في السنة نفسها.

 

الوثيقة رقم (6) عقد عمل زراعي بين الحاج (محمد سعيد أفندي) قاضي الحلة واثنين من الفلاحين على العمل في أحد البساتين في الحلة، مؤرخ في السنة نفسِها.

 

الوثيقتان (7) (8) عقد بيع يرد على عقار بين المرأة (خانة بنت جمعة) بوكالة الحاج (عباس بن أحمد)، واثنين من الفلاحين، على بستان في قرية أم العتايق من قرى الحلة، مؤرخ في سنة 1220 هـ (1805م).

 

وتعود هذه الوثائق إلى عهد والي بغداد سليمان باشا الكبير (1194 - 1217هـ/ 1780 - 1802م) وخلفه علي باشا (1217 - 1222هـ/ 1802 - 1807م)؛ أي: الثلث الأخير من حكم المماليك في العراق؛ (حكَموا من 1162 إلى 1247هـ/ 1749 - 1831م)[3]، وهي الحقبة التي شهدَت تحوُّل المماليك فيها من فئة بيروقراطية - عسكرية تعتمد في معاشها على ما تتَقاضاه من خزينة الولاية من رواتب، إلى طبقةٍ مالكة لها مَواردُها الاقتصادية من مِلكياتها العقارية الواسعة، وزاحمَت خلالها الطبقاتِ المالكةَ الأخرى، لا سيما تلك التي تمثِّل الملكياتُ الزراعية الكبيرة مصدرَ ثروتها الأساس.

 

ويُفهَم من استقراء الوقفيَّات العديدة التي وقَفَتها أُسَر المماليك على مساجد بغداد، وعلى ذراريِّهم - أن تلك الأُسَر كانت تتجه في استثمار أموالها في اتجاهين رئيسين: الأرض، والتجارة.

 

وكان معظمُ أصحاب الأموال يوزِّعون استثماراتهم تلك - بنسبةٍ متعادلة تقريبًا - بينَ الملكيات الزراعية والملكيات المتعلقة بأعمال تجارية بحتة[4].

 

ويَظهر أن شيوع عقود المغارَسة بين المماليك والفلاحين في هذه السنين، كان يَعود إلى رغبة المماليك في زيادة استثمارهم للأراضي الزراعية الواسعة التي بحوزتهم؛ بهدفِ تحقيق أكبر ربحٍ ممكن؛ لإعادة توظيفه في مجالاتٍ تِجارية وعقارية داخل المدن نفسها.

 

وفيما يأتي نصوص هذه الوثائق المهمة، ننشرها كاملة، ملحِقين كل وثيقة منها بما تقتضيه من تحليل ودراسة[5]:

 

الوثيقة (1)

[عقد مُغارَسة][6]


"سبب تحرير هذه الوثيقة الشرعية، والنميقة الصَّريحة المرعيَّة، يُعرب مضمونها عن ذِكر ما هو:

أنه قد حضَر الرجل المدعوُّ محمدَ بن حمد بطَوعِه وحسن اختياره من غيرِ جَبرٍ ولا إكراه، وطلَبَ المغارَسة الآتيةَ ذِكرُها مع حضرة أفندينا الأسعد الأمجد سعيد بك الممجد[7]، نجل الوزير الأعظم، والدستور المكرَّم، حضرة أفندينا ولي النِّعم سليمان باشا والي بغداد المفخَّم، أدام الله تعالى دولتَه، في مقاطعة الهندية الواقعة في جانب الشامية قربَ الحلة المحميَّة؛ على أن يُغارِسَه في زراعة بُستانٍ مشتمل على نخيلٍ وكُرومٍ وآصالٍ وأشجار.

 

وحيث إن النجيب سعيد بك المومَى إليه لم يَبلُغ حينئذٍ حدَّ الحلُم، تصدَّى لهذا العقد حضرةُ أفندينا المشار إليه؛ بحسب ولايته الخاصة عليه، فأقرَّ للمَغارس المذكورة من أرض المقاطعة المزبورة أربعةَ آلاف ذراع طولاً بذراع الكِرباس[8]، وألفي ذراع عرضًا، مُعيَّنة عند المغارس المذكور محمد، فباعه بحبِّ ولايته الميمونة من الأرض المذكورة المفروزة خُمسَيها مشاعًا غير مَقسوم، بمبلغٍ قدرُه وبيانه ألفُ قرش رايج، فصارت هذه الأرضُ المرسومة مشتركةً بينهما بطريق الشيوع: ثلاثة أخماس إلى جانب المشار إليه سعيد بك، وخُمسان للمغارس المذكور.

 

ثم إن المزبورة يَقتضي لها بناءَ جُدران، وزرْعَ أشجارٍ ونخيلٍ وفُسْلان، وتعاهَد بسَقيِها وحفر سَواقيها ومساقيها وغَرسها وخدماتِها، فقوَّم بناء جدرانها وقيمة أشجارها وفُسلانها بقيمة معينة، فسلَّم المغارس محمد المذكور ما يترتَّب على استحقاقه قيمة بناء الجدران وقيمة الأشجار والفُسلان، إلى جانب شَريكه سعيد بك المومى إليه؛ ليصرفها مع مَصارف استحقاقه من بناء الجدران وإشراء الأشجار والفُسلان.

 

ثم إن محمدًا المذكور أجَّر نفسَه إلى مدة عشرين سنة من جانب المومى إليه بالمبلغ المتقدِّم ذِكرُه، وهو ألف قرش قيمة خُمسي الأرض المذكورة؛ على أن يَعمل في هذه الأرض جميعَ ما يُطلَب من الفلاحين في البساتين؛ من الغرس والسقي والرفس[9]، وحفر السواقي والمساقي وتعاهدها بالحفظ والخدمة. [و] بمَنه وكرمه تعالى جميع ما يحصل مِن نَماء هذه المغارسة يُقسم على خمسِ حصص؛ ثلاث منها لجانب المشار إليه سعيد بك، وحصَّتان للمغارس المذكور.

 

ثم إن الحاكم الموقع اسمه أعلى الكتاب[10] حكَم بصحة المغارسة حكمًا شرعيًّا مَرعيًّا صحيحًا. وكان ذلك في اليوم الثالث والعشرين من شهر صفر الخير، لسنة ثلاث عشرة ومائتين وألف.

 

تحليل الوثيقة:

1 - إن ظاهرة إثبات عقود المغارسة كتابةً بهذا التفصيل ظاهرةٌ تَستلفت النظر في هذه الحقبة؛ إذ كان المعتاد حتى في ظل القانون المدني أن يُصار إلى اتفاقٍ شِفاهي، وهو الأمر الذي كان سببًا في ضياع حقوق المغارسين غالبًا.

 

2 - إن عقد المغارسة عند الحنفيَّة - بخلاف المذاهب الإسلامية الأخرى[11] - عقدٌ فاسد؛ أي: إنه لا يَنعقد وإنما يكون الحكمُ على أن الشجر لربِّ الأرض، وللمُغارس قيمة غَرسه يوم الغرس، وأجر مثل عمله؛ أي: أجر المثل[12].

 

والحيلة الشرعية الواردة في الوثيقة هو أن يَبيع صاحبُ الأرض إلى العامل أو المغارس بثمن معلوم، ثم يُؤذنه بإنفاقه في غَرس نصيبه. ومما يؤكِّد انطواء هذا العقد على حيلة شرعية أن بدل البيع قُرِّر بذات المبلغ المقرَّر للمغارس كأجرٍ له عن الغرس.

 

3 - إن الشيوع شرطٌ واجب به لصحة العقود الزراعية عمومًا؛ كالزراعة والمساقاة، وبهذا المعنى نصَّت المادة 1444 من مجلة الأحكام العدلية: "يُشترط أيضًا كما في الزراعة أن تكون حصة العاقدين في عَقد المساقاة جزءًا شائعًا؛ كالنصف والثلث".

 

الوثيقة (2)

[عقد المغارسة]

 

"السبب الداعي لتحرير الكتاب الشرعي، والأمر الباعث لتسطير الخطاب المرعي - هو:

أنه حضر الرجل المدعو عمران بن عسكر، وطلب المغارسة والشركة الآتي ذكرهما مع حضرة جناب الأكرم الأفخم سعيد بك المفخم، نجل الوزير المبجل حضرة أفندينا سليمان باشا، أدام الله أيام سعوده، ومتعنا والأنام بطول بقائه ووجوده.

 

وحيث إن المومى إليه سعيد بك لم يَبلُغ حينئذ، تصدى عنه والده الوزير المشار إليه، فوكل من جانب الأكرم مصرف[13] بابه الحاج محمد سعيد أفندي[14] المحترم وكالةً مطلقة، بشهادة الأكرمين: لطف الله أفندي[15]، ومحمد بك شاوي زاده[16] المحترمين، فحضر الوكيل المومى إليه، وأحضر المغارس المزبور، وأفرز له من أرض مقاطعة الهندية طولها ذراع بالذراع الحديد البغدادي الكرباسي[17]، وعرضها ثمانمائة ذراع بالذراع المذكور، فباعه نصفه مشاعًا غير مقسوم بمبلغ قدره ألف قرش من الرايج في الوقت، بيعًا صحيحًا شرعيًّا.

 

ثم إنهما اتفقا على أن يَغرسا جميع الأراضي المزبورة نخلاً وآصالاً من الميواة[18] أنواعًا، ويصرف كل منهما على قدر استحقاقه وما يخصه من بناء الجدران وقيمة التال[19] والأشجار، فلما تم ذلك أجَّر المزبور حسين نفسه من البيك المشار إليه بأن يقوم بجميع ما يحتاج إليه البك المشار إليه من الغروس المذكورة من السقي والحرث، والتحويض والتسميد، والتلقيح والتعكيس، والتركيس وحفر الحقبور[20] للتال والآصال، من تاريخ الورقة إلى مُضيِّ عشرين سنة بالمبلغ المطلوب من قيمة نصف الأرض المزبورة، وذلك ألف قرش.

 

فبِمَنِّ الله تعالى وبمنه[21] إذا بعث بالنَّماء والخير من الغروس المذكورة يُقسم الحاصل مناصفة؛ نصف لحضرة أفندينا البك المومى إليه، ونصف للمزبور عمران. وأما ما يَزرعه المزبور عمران من الخضر والمخاضير، والقطن والحنطة، والشعير وأنواع الحبوب - فهو له خاصة دون البيك المشار إليه، بيعًا وشراكة صحيحتين صريحتين شرعيتين مرعيتين، جرَت بينهم بالطَّوع والرضا.

 

وكان ذلك في سلخ ربيع الأول ثلثة (ثلاثة) عشر ومائتين وألف".