• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ محمد خير رمضان يوسفأ. محمد خير رمضان يوسف شعار موقع  الأستاذ محمد خير رمضان يوسف
شبكة الألوكة / موقع أ. محمد خير رمضان يوسف / الكتاب على الأرائك


علامة باركود

الكتاب على الأرائك وبين السنابك (9)

أ. محمد خير رمضان يوسف

تاريخ الإضافة: 20/3/2012 ميلادي - 26/4/1433 هجري
زيارة: 4727

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آداب التحقيق (9)

 

جـ - الثالث من تحقيق النصوص هو الشعر. فلا تكاد تجد كتاباً من كتب التراث إلا وفيه أشعار أو أرجاز، وكلها بالفصحى، إلا ما كان من الموشحات والأدوار والأزجال والهزليات التي ترد فيها كلمات عامية، وتكون على أنغام معينة.

 

ومن مقتضيات تحقيق الشعر معرفة بحوره التي صدر عنها شعراء الجاهلية والإسلام، من الطويل والخفيف والمتقارب وما إليها. ويلزم من هذا – لمن لم يكن له حسٌّ شعري – معرفةُ تقطيع البيت بحركاته وسكناته حتى يتأكد من أنه غير مختلِّ الوزن، من ذلك وزن البحر الطويل:

فعولن مفاعيلن فعول مفاعيلن
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن

 

 

مع مراعاة ما يرد من استثناءات له، مثل: فعول بدل فعولن، ومفاعلن بدل مفاعيلن...

 

و(فَعُولُنْ) يكون تقطيعه هكذا (//5/5). فالسهم (الشَّرطة) للحركة، والدائرة للسكون).

 

ومن لم يعرف بحور الشعر جاز أن يمرَّ به بيت مكسور الوزن وهو لا يدري، كما قد يفوته حركة القافية من سكون أو حركة.

 

ولا بأس على المحقق إذا لم يعرف كل هذا لو وجد مصدراً للبيت ورأى موافقته له، فاطمأنَّ إلى ذلك.

 

أما إذا لم يجده، أو وجده بغير لفظه، فهنا تكمن المشكلة، وتبرز أهمية التحقيق.

 

وما عليه إلا أن يثبته كما هو، ويشير إلى الاختلاف في الهامش.

 

أما كيفية توثيق البيت أو القصيدة فيكون على النحو التالي:

1) إذا ذكر المؤلف أنها للشاعر فلان، فالأفضل توثيقها من ديوانه، وقد طبعت دواوين كثيرة للشعراء السابقين، من جاهليين، وإسلاميين، وأمويين، وعباسيين، وأندلسيين... وغيرهم. والمحقق المدقِّق يتأكد من أن الأبيات للشاعر المذكور حقًا، ففي الكتب أخطاء. فإذا لم يذكر اسم الشاعر، أو ذكر قائلها وليس له ديوان، فإنه يلحق بالفقرة التالية.

 

2) هناك موسوعات للشعر ومصادر عامة جُمع فيها شعر كثير، يمكن البحث فيها، من ذلك: المعلقات السبع (للجاهليين)، ودواوين الحماسة، والمفضليات، وجمهرة أشعار العرب...

 

وكذلك مراجع الأدب العربي عامةً، وشواهد اللغة العربية، المفردة بالتصنيف، أو من خلال مصادرها الأصلية.

 

فالأول مثل عيون الأخبار لابن قتيبة، والكامل في اللغة والأدب للمبرد، والآخر مثل كتاب سيبويه والشواهد المستخرجة منه ومن غيره، وشروح ألفية ابن مالك...

 

3) أما كيفية البحث عن أبيات الشعر، فتكون من خلال القافية، فقد درج أهل الدواوين القديمة، أو من جمعها لهم في عصرنا، على ترتيب القصائد بحسب حروف المعجم، فالأبيات التي يكون آخرها حرف الباء، يكون بعضها عند بعض، وبعدها التي تنتهي بحرف التاء، وهكذا حتى الأخير.

 

وقد أدرك المفهرسون الصعوبة التي يلاقيها الباحث والمحقق عند البحث عن بيت ما، ولو كان المصدر مرتباً على القوافي، فقوافي الميم واللام قد تكون بالعشرات والمئات، ولذلك قسموها. فالقوافي المنتهية بالسكون تبدأ أولاً، ثم التي بالفتحة، فالضمة، فالكسرة، مع اختلاف بين أعمال.

 

والتي تنتهي بحروف زائدة، كالهاء والألف والياء، تعالج بالرجوع إلى الأصل، فالقافية (مآلها) في حرف اللام، و(زمانا) في النون، و(مساره) في الراء.

 

والتي تنتهي بالألف المقصورة، يكون لها موضع خاص، في الأول (عند الألف) أو في الآخر (عند الياء).

 

وقد تنبه بعض المحدَثين إلى أن هناك طريقة أفضل وأسرع وآمن للبحث عن البيت، وذلك بالحرف الأول من البيت الأول من القصيدة أو من كل بيت، بدل القافية، وأكثر الذين يعملون فهارس للأشعار يعتبرون البيت الأول من القصيدة، وليس كل كلمات قوافيها. وقد اضطلعت جامعة أم القرى بهذا العمل، فأصدرت موسوعة رائعة في ذلك، كان لها فائدة كبيرة وحلّ لكثير من الهموم والمتاعب التي يتعرض لها الباحثون، وسمي "موسوعة الشعر العربي" / مجموعة باحثين بمعهد البحوث العلمية.- مكة المكرمة: المعهد، 1419هـ، 4مج.

 

وهذا هو القسم الأول من: الفهرس الهجائي لأوائل الأبيات.

 

وبعدد أجزائه وبالعنوان نفسه صدر القسم الثاني منه: فهرس القوافي مرتبًا على حروف الروي.

 

هذا وقد أنتجت أقراص مدمجة خاصة بالأدب والشعر، وسهل الوصول إلى أبيات الشعر وقائليها ومصادرها، في كثير منها. وكان ما يجده المحقق من صعوبة بالغة في البحث عن بيت أو أبيات، بين عشرات المصادر، وربما لأيام وأسابيع، يجدها في ثوان! فسبحان الذي علم الإنسان ما لم يعلم.

 

والذي رأى هذا وذاك وجرَّبهما يسمى "محققاً مخضرماً"، مثل كاتب هذه السطور، الذي تتبَّع كلمات وأبياتًا بين سطور مجلدات لعدم وجود فهارس لها، ولم يكن يومذاك تخزين معلومات، فإذا وجد مصدراً مطبوعاً محققاً مفهرسًا، هشَّ له وبشّ، وأقام له حفلاً في القلب، وسهر معه وانحنى عليه، وتحسَّس غلافه وصفحاته وكأنه عروس أهدي إليه!

 

تراثنا الأدبي والجريمة:

المطَّلع على كتُب التراث الأدبيَّة يلْحظ في كثيرٍ منها تطرُّقًا إلى جوانب اجتماعيَّة فاسدة، من خلال إيراد قصص وحوادث وأخبار شتى بأسلوب الحكاية، مع تدخل المؤلف في "تزويقها" مما يتعلَّق بنواحي الجنس، والسرقة، والسخرية، والغيبة، وأنواع المشروب، وعادات سيِّئة لفئات وطبقات من المجتمع، قد تكون متدنية أو مجرمة، أو منحرفة، كالمطربين، وقطَّاع الطرق، واللاَّعبين في أسواق النخاسة، والشطار والعيارين، ومزيفي الأوراق والنقود، وما إلى ذلك.

 

وتورد قصصهم هكذا، أو بأسلوب مشوِّق ومطوَّل، مما يترك تأثيرًا في نفوس القراء، وخاصَّة من كان في قلبه مَرَض، ويزيد تأثيرها إذا كانت من أخبار العِشق والجنس بين الغِلمان والجواري ووصفهم، وإيراد أغنياتهم وكلامهم المطرب والمخلِّ بالأدب، كما هو مبثوث في كتاب "الأغاني" للأصفهاني، الذي حُقَّ أن يردَّ عليه الأديب والشاعر الإسلامي وليد الأعظمي بكتاب سمَّاه "السيف اليماني في نحر الأصفهاني". وهناك كتب أخرى مليئة بأمثال هذه الأخبار، وهي مع الأسف لكتَّاب أفاضل، مثل "محاضرات الأدباء" للراغب الأصفهاني، ومثله كتاب ألف ليلة وليلة، ومعظم المجاميع الأدبية، التي تعني الكتب الثقافية العامة.

 

ومن المؤكَّد، الذي يقرّه علماء الاجتماع وغيرهم: أنَّ مثل هذا له تأثير على القارئ، كما تؤثر الكتب السيِّئة في عصرنا على القرَّاء، ولا فرق بين السابق منها وبين المجلاَّت الخليعة في عصرنا، فلكلِّ عصر وسائلُه الإعلامية، وطرق تأثيرها، وقد تنبَّه علماء الاجتماع منذ عقود من الزمن إلى تأثير القصص والروايات على الناس، مثل القصص البوليسيَّة والجنسيَّة والاجتماعية عامَّة، وصار من اللصوص والمجرمين من ينفِّذ بعض الأحابيل التي يفصلها الروائيون على أبطال جرائمهم في رواياتهم وقصصهم، وسمَّوا هذا النوع: أدب الجريمة.

 

وحديثنا هو عن كتب التراث الأدبيَّة التي يتناقلها جيلٌ بعد جيل، ولا شك أن أخبارها السيئة تترك تأثيرًا في فئات كثيرة من المجتمع، وإن لم يتضح لنا جوانبه، وهذا لا يحتاج إلى برهان، وقد تنبَّه إلى هذا الأمر الخطير أديبٌ إسلامي، وضابط أمن كبير، غيور على دِينه وعلى الأمن الثقافي لشباب أمته، وهو من منطقة غامد ببلاد الحرمين، تخرَّج في كلية قُوَى الأمن، وتولى عددًا من المناصب حتى وصل إلى رتبة لواء، وهو شاعر كذلك، اسمه علي صالح الغامدي، وقد قرأ كتبًا كثيرة في الأدب، ومارس مهامَّه الأمنية، وعرف أسباب الجرائم، وأراد ن ينبِّه من خلال موقعه ومسؤوليته وتخصُّصه إلى جرائم الأدب المبثوثة في تراثنا، فألَّف كتابًا عنوانه "الجريمة والأدب"، الذي صدر عن الدار السعودية للنشر بجدة عام 1408هـ، ويقع في 271 ص.

 

وقد اطَّلعت عليه إبَّان صدوره، وأكبرتُ عمل مؤلفه - رحمة الله عليه - وأشدت به وعرفته في مجلَّة، وقد غاب عني الكتاب لأنبِّهَ إلى موضوعاته القيِّمة من جديد، فهو من الكتب الرائعة والمفيدة والمهمة في عصرنا الحاضر، والذي أذكر أنَّه دعا إلى تصفية تراثنا من الأخبار السيئة تلك، ولا أذكر تفصيل ما وضع له من علاج، لكن الحق أنَّها إذا كانت كثيرة ومؤثِّرة، فالأفضل عمل مختصر (تهذيب) لها، والاقتصار على ما ينفع منها فقط، وإذا كانت مبثوثة هنا وهناك، أشير إلى ضررها وانحرافها.

 

ومن المؤسف أن مثل هذا موجود حتى في كتاب "ذم الهوى"؛ لابن الجوزي، ففيه ما هو فاضح وسيئ، ولا يليق إيراده وإن قصد ذمّه، إنما ابن الجوزي - رحمه الله - جمَّاعة، يخلط أحيانًا، وربَّما كتب ولم يراجع ما كتب، ويكون هذا ضربًا من المسوَّدات. رحمه الله، وتقبل منا ومنه صالح العمل.

 

أخبار الكتب:

كان أقدم وأوسع شرح للكتاب الرائع "رياض الصالحين" للإمام النووي هو "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" لابن علان الصديقي - رحمه الله (ت 1057 هـ) - الذي يقع في أربعة مجلدات.

 

وقد صدر شرح جديد واف ومتميِّز له في عام (1430هـ) عنوانه "كنوز رياض الصالحين"، الذي رأس فريقه العلمي حمد بن ناصر العمار، وصدر عن دار إشبيليا بالرياض.

 

واتُّبع فيه أسلوب علمي رصين يتميز بالسهولة واليسر، ويجمع بين الأصالة والمعاصرة، مع الإفادة من جهود السابقين، واستكتبوا لهذا الشَّرْح عددًا من العلماء المعاصرين من عدد من دول العالم، زاد عددهم على (100) عالِم وباحث، وجاءت مجلداته في (22) مجلدًا، وزادتْ صفحاتُه على (13000ص)، وجاوزتْ مصادرُه ومراجعه (1000) مصدر ومرجع، وعُني بمحاور عديدة؛ منها المحور العقدي، والحديثي، والفقهي، والأدبي، والتربوي، والدعوي، وغيرها.

 

وجاء العمل منظَّمًا في توزيع مهامّ القائمين على هذا الشَّرْح والمشاركين فيه، فهناك الإشراف العام على أعمال هذه الموسوعة لرئيس الفريق العلمي، والتقديم، والمقدمة، ولجنة ضبط خطَّة العمل، ولجنة الصيانة العلمية والإخراج، ولجنة المراجعة العامة، ولجنة المحور الحديثي، ولجنة المحور الأدبي، ثم الفقهي، ولجنة شرح الغريب، ولجنة المحور الدعوي، والمحور التربوي، والمراجعة اللغوية، والصَّفّ والإخراج الفني، والباحثون.

 

وكنتُ أودّ أن تبقى المقدّمة كلّها موائمة لهذا العمل الجليل، ولا يتطرَّق إلى ما لا لُزوم له؛ كذكْر الإرهاب والغلو، وما إلى ذلك مما تطفح به وسائلُ الإعلام مما هبَّ ودبَّ، فالأمر يتعلق بالحديث الشَّريف وشرْحه بنظرِ أهل السنة، وكفى.

 

• وصدر كتاب لطيف عنوانه "تحرير الدلايل على مقدار ما يجوز بين الإمام والمؤتم من الارتفاع والانخفاض والبعد والحايل" للشوكاني، بتحقيق عبدالحميد علاو، صدر عن دار ابن حزم ببيروت سنة 1429 هـ، ويقع في 116ص.

 

وفيه جوابه عمَّا ورد في "الأزهار": "ولا يضرُّ قدر القامة ارتفاعًا وانخفاضًا، وبعدًا وحائلاً، ولا فوقها في المسجد، وفي ارتفاع المؤتم لا الإمام فيها".

 

وقد جعله في (19) مسألة، وألحق به المحقِّق كلام المذاهب الأربعة في المسألة، والظاهرية، وفتوى اللجنة الدائمة فيها، وأئمَّة آخرين.

 

فائدة من كتاب:

في كتاب "الطريق إلى الحرية: مذكرات العزي صالِح السنيدار" يقول معدُّ الكتاب ومقدِّمه علي بن عبدالله الواسعي: نحبّ أن نوضِّح لغير اليمنيِّين أنَّ فقيدنا هو محمد بن صالح السنيدار، وكان يُطلق عليه (العزي صالح) ومِن عادة اليمنيين أن جعلوا لكلِّ الأسماء ألقابًا يطلقونها، إما من باب التَّكريم، أو من باب التدليل، فـ (علي) يطلقون عليه لقب (الجمالي)، وينادونه (يا جمالي). و(محمد): (العزي)، و(حسن) و(حسين): (الشرفي).

 

وقد يضيفون إلى اللقب الذي يحلُّ محلَّ الاسم كلمة (الدين) أو (الإسلام) أو (الهدى)، فيقولون: يا جمال الدين، أو يا جمال الإسلام، أو يا جمال الهدى، مما يدلُّ على تغلْغل الرُّوح الدينيَّة في اليمنيِّين. ولعلَّ القارئ من غير اليمنيين لن يستغرب بعد الآن أن يسمعَ اسم العزي صالح، بيْنما سيجد في مكان آخر أنَّه محمد صالح.

 

• الشيخ عطية صقر كانت له سلسلة جيِّدة ينظم فيها فتاويه التي يجيب بها على أسئلة القرَّاء، ويصدرها في كتب عنوانها: "أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام"، وقد صدر جزء منها في السَّنة التي توفِّي فيها (1427 هـ).

 

وممَّا ورد في هذا الجزء (ص 259) سؤال وجِّه إليه، صيغته: ما الحكم الشَّرعي في "البشعة"؛ أي: أن يلحس الرجُل النَّار بلسانِه حتَّى يتبيَّن الحقّ من الباطل؟

 

فأجاب: ليْس في الإسلام ما درج عليه بعضُ النَّاس من اختبار المتَّهم بأن يلسع بالبشعة، وهي الطاسة المحمَّاة بالنار على لسانه، فإن كان بريئًا لم تؤثِّر فيه، وإن كان مدانًا أحرقتْه، وقد علَّل بعض الناس ذلك بأنَّ البريء يكون في حالة طبيعيَّة؛ لأنَّه واثقٌ من براءته، فتفرز غددُه اللعابيَّة اللعاب، فيحول دون إحراق اللِّسان، أو على الأقلّ يخفف من الأثر، أمَّا المتَّهم بحقّ فإنَّ غددَه لا تفرز اللعاب، كما يقال بالعاميَّة (ريقه ناشف)، فيترك الفرصة لتأثير البشعة عليه. ومهما يكن من شيء، فإنَّها ليستْ من الإسلام، وإن حصل بها ضررٌ وجب ضمان الضَّرر؛ حيث لا ضررَ ولا ضرار في الإسلام.

 

• خصَّص الكاتب أحمد بن عبداللطيف القاري صفحةً لأبيات جميلة ومعبّرة قبل أن يبدأ مقدِّمته لكتابه "الانتصار لمذهب الأئمَّة الأخيار في حكمهم على مرويَّات من عرف بالتدليس في الأخبار"، وهي:

قَدْ عُرِفَ المُنْكَرُ وَاسْتُنْكِرَ ال
مَعْرُوفُ فِي أَيَّامِنَا الصَّعْبَهْ
وَصَارَ أَهْلُ العِلْمِ فِي وَهْدَةٍ
وَصَارَ أَهْلُ الجَهْلِ فِي رُتْبَهْ
حَادُوا عَنِ الحَقِّ فَمَا لِلَّذِي
سَارُوا بِهِ فِيمَا مَضَى نِسْبَهْ
فَقُلْتُ لِلأَبْرَارِ أَهْلِ التُّقَى
وَالدِّينِ لَمَّا اشْتَدَّتِ الكُرْبَهْ
لا تُنْكِرُوا أَحْوَالَكُمْ قَدْ أَتَتْ
نَوْبَتُكُمْ فِي زَمَنِ الغُرْبَهْ

 

نقد وتوجيه:

• في مقابل المقدّمات الطويلة المملَّة تعجب أن تجد كتبًا تراثية جديدة محقَّقةً ليس لها مقدِّمات؛ لا تعريفًا بالمؤلِّف ولا كتابه، ولا وصف مخطوطاته وأماكنها، ولا أي شيء!

 

مثل كتاب: "الدر النضيد في المسائل المتعلِّقة بالتجويد" لشهاب الدين أحمد بن عبداللطيف البرلوي، الصادر عن مؤسسة قرطبة بالقاهرة، وقد حقَّقه مكتبُها، الذي وصف بأنه للبحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، وتحتَه اسم فلان، وصدر عام 1426هـ.

 

فكل ما فيه مقدمة من 14 سطرًا، (10) منها حمد وثناء، وثلاثة منها قوله:

"إنَّ هذا هو الكتاب الفلاني للمؤلِّف الفلاني"، والسَّطر الأخير قوله: "اعتمدنا بتوفيق من الله وحده في إصدار هذه الطبعة على نسختين خطيَّتين" فقط لا غير!

 

أما متى ولد المؤلف؟ ومتى مات؟ ومن أين هو؟ وما مؤلفاته؟ فلا توجد!

والمخطوطات ما مصدرها؟ لا يوجد!!

 

• كما صدر كتاب "شرح نظم المقصور والممدود" لابن مالك الأندلسي، شرحه واعتنى به عمار بن خميس، نشر في بيروت سنة 1427هـ، لم يزد الشارِح على قوله في المقدمة: "فهذا شرح مبسَّط على نظم المقصور والممدود للعلاَّمة ابن مالك صاحب الألفية"، وخصَّص صفحةً مستقلَّة للتعريف بالمؤلِّف في سطرين، وثلاث كلمات!

 

وأقول للشارح الكريم: أنت إذا شرحت كتابًا ألا تقول للقارئ: إنَّه في الموضوع الفلاني؟ ماذا لو قلت: إنَّ النظم في الصَّرف، وإنَّ المؤلف سماه: "تحفة المورود بمعرفة المقصور والممدود"، وتحدَّثتَ عن شروحات سابقة له إن وجدت، وكلامًا من هذا القبيل؟!

 

• وصدر كتاب "تبليغ الأمانة في مضار الإسراف والتبرُّج والكهانة" لمؤلفه عبدالحي الكتاني (ت 1382 هـ)، بتحقيق محمد بن عزوز، عن مركز التراث الثقافي بالدار البيضاء، ودار ابن حزم في بيروت، عام 1429 هـ، 316 ص، وفيه فوائد جمَّة فيما يتَّصل بموضوعه، وإنكار على مَن أسرف وتبرَّج.

 

وقد ختم المؤلف كتابه بقصيدة طويلة أثنى بها على كتابِه هذا، وأرَّخ له على عادة مصنفي أو مقرِّظي الكتب في القرون المتأخِّرة، وجاء أوَّلها:

شِعَارُ العِلْمِ تَبْلِيغُ الأَمَانَهْ
وَبِالتَّبْلِيغِ إِخْلاصُ الدِّيَانَهْ
وَفِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرهِيبِ سِرٌّ
لَطِيفٌ يَجْتَلِيهِ ذَوُو الفِطَانَهْ

 

وقال فيها:

وَلَوْلا العَارِفُونَ بِدِينِ رَبِّي
لَثَارَ الجَاهِلُونَ عَلَى الدِّيَانَهْ

 

 

هكذا ذكر المحقِّق أنَّها له، وقد وضعها في مقدِّمة تحقيقه، ولم يوردْها في آخرِ كتاب المؤلف.

 

ومن المؤسِف أن نرى أنَّه يُثني على نفسه ثناء عجيبًا في هذه القصيدة، ويظنُّ نفسه (مجددًا) فيقول في أبيات منها:

(فَعَبْدُالحَيِّ) فَرْدٌ فِي البَرَايَا
إِمَامٌ زَانَتِ التَّقْوَى جَنَانَهْ
عَلَتْ آيَاتُ عِزَّتِهِ الصَّيَاصِي
بِهِ قَدْ جَدَّدَ البَارِي زَمَانَهْ
لَقَدْ أَرْبَى عَلَى الحُفَّاظِ طُرًّا
بِوَافِرِ الاقْتِدَارِ عَلَى الإِبَانَهْ
لَهُ - وَاللَّهِ - فَضْلٌ لا يَرَاهُ
دَجَاجِلَةُ العَشِيرَةِ وَالبِطَانَهْ
حَبَاهُ رَبُّهُ فَخْرًا وَذُخْرًا
وَأَوْلاهُ الرِّعَايَةَ وَالإِعَانَهْ

 

ولكنَّه على رغم علمِه ومصنَّفاته التي يُعترف بقيمتها، فقد كان مواليًا للعدوِّ الفرنسي المحتلّ، وهو كما اختصر القول فيه صاحب "الأعلام": كان على ما فيه من انحِراف عن الجادَّة في سياسته صدْرًا من صدور المغرب، ومرجعًا للمستشرقين خاصَّة.

 

• وصدر كتاب "التداوي بالصوم"، عن دار نشر بالرياض عام 1426هـ، وتصفحتُ الكتاب هكذا سريعًا، فوقعتْ عيني في عدَّة هوامش على "موسوعة الحديث النبوي الشريف"، وهو - كما يعرف القرَّاء - فهرس للأحاديث، فاستغربت جدًّا، كيف يحال الحديث إلى الفهرس لا إلى المصدر الموجود فيه الحديث! والفهرس إنَّما هو إحالة إلى المصدر، وهنا الكتاب يحيل إلى الإحالة لا إلى المصدر!

 

وهكذا ورد في الكتاب (24) مرة، ومتنه أقل من 100ص.

 

وقد يقال أحيانًا: رواه النسائي أو غيره، ويقول إثرها: انظر موسوعة الحديث النبوي الشريف، وقال مرتين أو أكثر: كتاب الأحاديث القدسية، ومرَّات قليلة قيل: رواه الترمذي أو البخاري، هكذا دون توثيق!

 

ولينظرِ القارئ الحصيف كم كتابًا يوجد بعنوان "الأحاديث القدسية"؟ وكم فيها من الأحاديث التي لا تصح؟ ولينظر الباحث إلى هذا "التخلف" في التحقيق والتخريج والتوثيق، ولينظر المسلم كيف أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المقصود بهذه اللامبالاة، وهو الضحية في التشويه. أليس على دور النشر الإسلامية أن تكون أمينة على علوم الإسلام، وعلوم القرآن والحديث خاصة، ولا تقدِّم عليه المال والفائدة؟ وإذا جعلوا في دور نشرهم "فريقًا للبحث العلمي" فيكونون أهلاً لهذا الوصف حقًا، لا كذبًا على المسلمين، ولا يشوهون العلم والبحث، وخاصة إذا كان "دينًا" ... أوليس الدين يحث على الأمانة، و على التحرِّي والصدق؟


ووالله لا أدري كيف تُفسح أمثال هذه الكتب التي تهدف إلى الرِّبح على حساب الدين، دون اعتبار لسنَّة نبينا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم – وعدم حساب لخطورة مثل هذه الأعمال!




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات


 


ترتيب التعليقات

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الآثار العلمية للمؤلف
  • تعريف بالكتب المطبوعة
  • كتب إسلامية مفيدة
  • الكتاب على الأرائك
  • منوعات
  • مقالات ودراسات
  • مشاركات
  • مجلة الكتاب الإسلامي
  • كتب ناطقة
  • الواضح في التفسير
  • مواد مترجمة
  • كلمات في الطريق
  • خطوط دقيقة
  • المسرد في علوم القرآن والتفسير
  • تكملة مؤلفات الحديث
  • لغة القرآن
  • المستدرك على تفسير البغوي
  • كتب للتحميل PDF
  • كتب جديدة في الفقه الإسلامي وأصوله
  • مرئيات
  • الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
  • كتب ورسائل تراثية جديدة
  • عون البصير على فتح القدير
  • وجيز الكلم
  • ثروة قلم
  • قائمة المواقع الشخصية
  • بنر
حقوق النشر محفوظة © 1441هـ / 2019م لموقع الألوكة