خطوة نحو استشراف المستقبل
ضمن مبادرات تطوير مهارات الشباب السعودي وقَّعت «جامعة الملك سعود» اتفاقية شراكة مع «مجموعة الجريسي التجارية» وذلك لتدريب 1000 طالب وطالبة في برنامج الشراكة الطلابية، في خطوة تستهدف تهيئة الطلاب لسوق العمل، وإكسابهم المعارف والمهارات اللازمة، وإثراء ثقافتهم المهنية، لتعويدهم على العمل وتحمل المسؤولية، وغرس مفاهيم وأخلاقيات العمل في نفوس الطلاب الذين يمثلون جيل الشباب الذي سيتحمل مستقبلاً مسؤولية بناء الوطن.
إن القارئ المتمعن للاتفاقية يجد أنها تصب في الإستراتيجية التي تتبناها المملكة والتي تستشرف الاقتصاد بجميع أبعاده؛ فهي تأتي استجابة للتغيرات في البيئة الاجتماعية والديمغرافية والهيكلة الاقتصادية التي تعيشها المملكة العربية السعودية، حيث نلحظ ارتفاع نسبة الشباب في التكوين الديمغرافي في المملكة الذي يُتوقع له الزيادة في السنوات القادمة؛ لذا فإن رجل الأعمال الواعي سوف يستشعر أثر هذه التركيبة على الصناعة بخاصة والاقتصاد بعامة، وذلك فيما يتعلق بمتطلبات سوق العمل وعلاقته بالتعليم؛ إذ أن جميع ظروف المرحلة توحي بضرورة الاستثمار في الدراسات التقنية والمهنية بسبب التركيز على التقنية ورأس المال.
فمنذ الحرب العالمية الثانية وتركيز الأفراد في المجتمعات المتقدمة ينصبُّ على صرف جزء كبير من دخولهم على المستلزمات الإلكترونية، ويبدو أن أحد الأسباب الرئيسة لنمو الاقتصاد الياباني بعد الحرب العالمية الثانية يعود في الدرجة الأولى إلى أن اليابانيين استقرؤوا هذه التوجهات استقراء جيدًا، واستطاعوا من خلالها استشراف مستقبل السوق. وفي وقتنا الحاضر فإن الاحتياج إلى المعلومة خلّف الحاجة إلى أجهزة الحاسب الآلي، بالتالي فإن الحاجة إلى التقنية رتَّب احتياجًا إلى التعليم المهني.
إن القراءة المنهجية التي تناولناها آنفًا، بالإضافة إلى استشراف مستقبل الصناعة وفرصها وتوجهاتها في المملكة تستوجب من جميع مؤسساتها بمختلف قطاعاتها الاستثمارية صياغة مستقبلها من خلال البحوث والتقنية بكل تأكيد، وأيضًا - وهذا لا يقل أهمية عن البحث والتطور التقني في الآلة - ضرورة العمل على تنمية مهارات العاملين وتدريبهم، وعندها يمكن تحويل أية مخاطر عدم استقرار إلى فرص استثمارية تصب بالنهاية في تنمية الاقتصاد، وبالتالي إلى نمو اقتصاد الدولة.
ولقد جاءت اتفاقية شراكة «مجموعة شركات الجريسي» مع «جامعة الملك سعود» ضمن هذا الإطار، فهي استثمار في أهم عنصر من عناصر الإنتاج، وهو الشباب الراغب والباحث عن فرص العمل، كذلك هي إسهام من «مجموعة الجريسي» لغرس مفاهيم العمل في نفوس الطلاب منذ الآن، وتشجيعهم على الالتحاق بقطاعات العمل، كذلك هي مبادرة لرسم خطوات وطنية تعود بالخير - إن شاء الله - على الجميع.