أقسام الحديث
في مسند الربيع بن حبيب الإباضي
دراسة استقرائية نقدية
عاشت الأمة الإسلامية طيلة القرون الماضية وليس بينها خلاف في أن أصح الكتب بعد كتاب الله: "صحيح الإمام البخاري، يتلوه "صحيح الإمام مسلم بن الحجاج"، ولا يُعرف هناك خلاف في هذا، حتى بين الطوائف المخالفة لأهل السّنة، اللهم إلا الشيعة، فلهم كتب وأصول يرجعون إليها سنغضّ الطرف عنها، لأنها ليست من مقاصد هذا البحث، وإنما المقصود النص على أن باقي الفرق لم تخالف في أن "الصحيحين" لا يُقدَّم عليهما كتاب غير كتاب الله تعالى.
وقد ظهر في السنوات الأخيرة كتاب بعنوان "مسند الربيع بن حبيب" وهو من كتب الإباضيَّة، وقد ذُكر في مقدمته أنه أصحُّ الكتب بعد كتاب الله تعالى، فهو مُقدّم عندهم على "صحيحي البخاري ومسلم".
وقد صنّف الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي - أحد علماء الإباضيَّة- كتابًا بعنوان "الإمام الربيع بن حبيب، مكانته ومسنده"، وهو دراسة توثيقية من وجهة نظره لـ"مسند الربيع بن حبيب"، ودفاع عنه، وجواب عن الاعتراضات عليه.
وقد قمتُ بدراسة هذا "المسند" في بحثٍ بعنوان "مسند الربيع بن حبيب الإباضي، دراسة نقدية"، ذكرتُ فيها تسعة أسباب حكمت بموجبها عليه بأنه كتاب موضوع، لا تصح نسبته للربيع بن حبيب، ولو صحَّت فإن الكتاب لا يخرج عن حكم الوضع للأسباب الأخرى.
ورأيت في هذا البحث إلقاء الضوء على طبيعة الأحاديث المذكورة في هذا الكتاب، وتقسيمها من جهة إعلالها سندًا أو متنًا؛ ليكون المطالع عليه فيه على بيَّنة من أمره، ولا يغترَّ بما كُتب في مقدمته من ثناء عليه من قبل شارحه؛ الشيخ عبدالله بن حميد السالمي، ودعوى تقديمه حتى على صحيحي البخاري ومسلم.
وقد زاد من إشكالية هذا الموضوع:
إدراج بعض البرامج الحاسوبية هذا الكتاب في قائمة الكتب التي شملتها البرمجة، فيظن من لا معرفة له بحقيقة هذا "المسند" أنه مندرج في عقد دواوين السنة التي تروي بالإسناد، وقد رأيت بنفسي حاشية محققي بعض الأجزاء الحديثية العزو في تخريج الحديث لهذا الكتاب!!.
هذا ولم أجد من سبقني لدراسة أحاديث هذا الكتاب بهذه الصفة والتقسيم، سوى أن الدكتور أبا لبابة الطاهر حسين في معرض نقده لهذا "المسند" أشار لبعض إشكالات أحاديثه، وهذا في مذكرة له بعنوان "مناهج المحدثين"، كانت مرجعًا لطلاب كليه أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولم تطبع حسب علمي.
وهي دراسة مختصرة جاءت من باب التمثيل لا غير، وليس فيها هذا الشمول الذي في هذه الدراسة.
أسال الله تعالى أن يجعل هذا البحث خالصًا لوجهه، وأن ينفع به، وأن يجنَّبنا الهوى، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد.