• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق النفس
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطبة: ارحموا الأبناء أيها الآباء (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    السيرة النبوية: ما؟ ولم؟
    شوقي محمد البنا
  •  
    صفة اليدين
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    السعادة كما يراها القلب
    محمد ونيس
  •  
    معرفة الله باسم السميع
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإسلام يدعو إلى السلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    إلى من ابتلي بموت قريب أو حبيب..
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    فوائد من "شرح علل الترمذي" لابن رجب (1)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الفرع السابع: ما يحرم لبسه في الصلاة من (الشرط ...
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة الصحابة: حفصة رضي الله عنها
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أقوال ومواقف للسلف الصالح عن الرضا بقضاء الله
    د. أنس محمد الغنام
  •  
    بحث في حال ابن إسحاق (WORD)
    د. سليمان بن عبدالله المهنا
  •  
    السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

بحث في حال ابن إسحاق (WORD)

د. سليمان بن عبدالله المهنا

عدد الصفحات:15
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 8/12/2025 ميلادي - 18/6/1447 هجري

الزيارات: 415

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب
تحميل ملف آخر للكتاب

 

بحث

في حال ابن إسحاق

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن ابن إسحاق صاحب المغازي قد اختلف كلام الناس فيه، فمن موثّق بالغٍ بِهِ الرُّتبَ العُلى من الحفظ والإتقان والضبط، ومن جارح مسرفٍ عليه، واضعٍ من حاله إلى دركات التكذيب والاتهام، وفيما يلي مناقشة لحاله أرجو أن تكون نافعة[1].

 

هو محمد بن إسحاق بن يسار المدني، أبو بكر، ويقال: أبو عبد الله، القرشي المطلبي، مولاهم.

 

روى عن: عطاء بن أبي رباح، ونافع مولى ابن عمر.

روى عنه: شعبة بن الحجاج، ويزيد بن زريع.

 

أثنى عليه جماعة، منهم: الزهري[2]، وشعبة، -وقد جعله أمير المحدّثين[3]، ووصفه بالحفظ[4]، والصدق[5]-، والشافعي[6]، وابن معين -واختلف فيه قوله[7]-، وابن المديني[8]، وغيرهم.

 

وقد أُخذت عليه أشياء، ورُمي بأمور، سأذكر بعضها إجمالًا مع شيء من البيان:

الزندقة:

قال ابن عدي: "حضرت مجلس الفريابي، وقد سئل عن حديث لمحمد بن إسحاق وكان يأبى عليهم، فلما كرّروا عليه، قال: محمد بن إسحاق -فذكر كلمة شنيعة- فقال: زنديق"[9].

 

وقولة جعفر الفريابي هذه لم يُتابَع عليها، ولعله كان يذهب إلى أنه كذّاب -وقد اتهمه بذلك غير واحد- فتساهل في رميه بالزندقة، أما الحفاظ أحمد وابن معين وابن المديني وغيرهم، فما منهم من رماه بذلك، بل ستبصر في كلامهم ما يدفع هذا إن شاء الله.

 

وفي وصف ابن عدي لهذه الكلمة بالشناعة ما يوحي بعدم قبوله لها[10].

 

الكذب

رماه بذلك:

1) هشام بن عروة، وذلك أنه قِيلَ له إنّ ابن إسحاق حدّث عن زوجك فاطمة بنت المنذر، فقال: "كذب الخبيث"[11].

 

وقال مرة: "العدو لله الكذّاب يروي عن امرأتي! من أين رآها؟!"، وقال: "والله إن رآها قط"[12].

 

وأجاب أهل العلم عن ذلك بأجوبة، منها ما جاء عن عبد الله بن أحمد أنه قال: حدثت أبي بحديث ابن إسحاق، فقال: "وما ينكر هشام؟! لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له" أحسبه قال: "ولم يعلم"[13].

 

وله جواب نحوه، قال -رحمه الله-: "وقد تمكن أن يسمع منها تخرج إلى المسجد، أو خارجة، فسمع. والله أعلم"[14].

 

وأجاب ابن المديني فقال: "الذي قال هشام ليس بحجة، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها"[15].

 

وقال البخاري: "وقال لي بعض أهل المدينة: إن الذي يذكر عن هشام بن عروة قال: كيف يدخل ابن إسحاق على امرأتي؟ لو صح عن هشام جاز أن تكتب إليه فإن أهل المدينة يرون الكتاب جائزًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لأمير السريّة كتابًا وقال: (لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا)، فلما بلغ فتح الكتاب، وأخبرهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم بذلك.

 

وكذلك الخلفاء والأئمة، يقضون بكتاب بعضهم إلى بعض، وجائزٌ أن يكون سمع منها وبينهما حجاب، وهشامٌ لم يشهد"[16].

 

وقال ابن حبان: "وهذا الذي قاله هشام بن عروة ليس مما يُجرح به الإنسان في الحديث، وذلك أن التابعين مثل الأسود وعلقمة من أهل العراق، وأبي سلمة وعطاء ودونهما من أهل الحجاز، قد سمعوا من عائشةَ من غير أن ينظروا إليها، سمعوا صوتها وقبل الناس أخبارهم من غير أن يصل أحدهم إليها حتى ينظر إليها عيانًا، وكذلك ابن إسحاق، كان يسمع من فاطمة والستر بينهما مُسبَلٌ، أو بينهما حائل، من حيث يسمع كلامها، فهذا سماع صحيح، والقادح فيه بهذا غير منصف"[17].

 

ولهم جوابات أخرى[18]، والمقصود أن كلام هشام ليس محل قبول، والله أعلم.

 

2) وأشهر وأجلُّ من رماه بذلك:مالك بن أنس، فقد صرّح -رحمه الله- بتكذيبه فقال: "محمد بن إسحاق كــذّاب"[19].

 

قال الخطيب: "أما كلام مالك في ابن إسحاق فمشهور غير خافٍ على أحد من أهل العلم"[20].

 

قال عبد الله بن إدريس: "كنت عند مالك بن أنس، وقال له رجل: يا أبا عبد الله، إني كنت بالري، عند أبي عُبيد الله، وثمَّ محمدُ بن إسحاق، فقال محمد ابن إسحاق: اعرضوا عليّ علمَ مالكٍ فإني أنا بيطارُه.

 

فقال مالك: دجالٌ من الدجاجلة، يقول: اعرضوا علي علم مالك!".

 

قال ابن إدريس: "وما سمعت أحدًا جمع الدجال قبل ذلك"[21].

 

وقد تنوعت جوابات العلماء عن قول مالكٍ هذا، منها ما هو استدلال على صدق ابن إسحاق ببعض الأدلة، يراد من ذكرها دفعُ قول مالك، ومنها ما هو مدافعة عن ابن إسحاق بتوهين كلام مالك؛ إذ كان لم يعتبر حديثه اعتبارًا تامًا، ومنها ما هو عزوٌ للكلام إلى الخصومة، فيضعُفُ بذلك قول مالك عن القيام بالجرح على وجهه، ومنها ما هو تفسير لقول لمالك، وتوجيه له؛ بحيث يسلم ابن إسحاق من اتهام إمام دار الهجرة له بالكذب في الحديث.

 

يقول إبراهيم بن المنذر الحزامي وحكى لابن عيينة تكذيب أصحابه -يعني أهل المدينة- لابن إسحاق: "لا تفعل ذلك، فلقد رأيته خلف القبر ينتظر يزيد بن خصيفة. فقلت: ما تعمل ها هنا؟ قال: أنتظر يزيد بن خصيفة، أسمع منه الأحاديث التي أفدتني"[22].

 

فجواب ابن عُيينة هذا هو دفعٌ للتكذيب بحكاية ما يدل على الصدق، ومراده -رحمه الله- هو بيان أن ابن إسحاق لم يحدّث بتلك الأحاديث عن ابن خصيفة حتى سمعها منه، ولو كان كذوبًا لحدّث بها دون أن يتكلّف السماع.

 

وسُئل ابن المديني: فكلام مالك فيه؟

قال: "مالكٌ لم يجالسْهُ ولم يعرفه".

ثم قال: "ابن إسحاق، أيُّ شيءٍ حدّث بالمدينة؟!"[23].

 

وهذا مما تقدّم ذكره، توهينٌ لقول مالك، ووصف له بعدم الخبرة بحال الرجل وحديثه، وإذا كان الأمر كذلك فكلامه ليس بالذي يقضي على الرجل.

 

وقرر محمد بن نصر المروزيُّ أن كلام مالك في ابن إسحاق لشيء بلغه عنه، من تكلُّمه في نسبه، وفي علمه[24].

 

وقال ابن حبان: "وأما مالك فإنه كان ذلك منه مرة واحدة، ثم عاد له إلى ما يحب؛ وذلك أنه لم يكن بالحجاز أحدٌ أعلمَ بأنساب الناس وأيامهم من محمد بن إسحاق، وكان يزعم أن مالكًا من موالي ذي أصبح، وكان مالكٌ يزعم أنه من أنفسهم، فوقع بينهما لهذا مفاوضة، فلما صنَّفَ مالكٌ الموطأ قال ابن إسحاق: ائتوني به فإني بيطاره، فنقل ذلك إلى مالك فقال: هذا دجال من الدجاجلة يروي عن اليهود.

 

وكان بينهم ما يكون بين الناس، حتى عزم محمد بن إسحاق على الخروج إلى العراق، فتصالحا حينئذٍ، فأعطاه مالك عند الوداع خمسين دينارًا، نصف ثمرته تلك السنة، ولم يكن يقدح فيه مالكٌ من أجل الحديث، إنما كان يُنكر عليه تتبعه غزوات النبي g عن أولاد اليهود الذين أسلموا وحفظوا قصة خيبر وقريظة والنضير، وما أشبهها من الغزوات عن أسلافهم، وكان ابن إسحاق يتتبّعُ هذا عنهم ليعْلَمَ، من غير أن يحتجَّ بهم، وكان مالك لا يرى الرواية إلا عن متقن، صدوق، فاضل، يحسن ما يروي، ويدري ما يحدث"[25].

 

وملخّص كلامه:

• تكلّم ابن إسحاق في نسب مالك، فوقع بينهما ما وقع.

 

• نُقل إلى مالك كلام ابن إسحاق في حديثه فأطلق الكلمة الشديدة.

 

• لم يكن مالكٌ يقدح في ابن إسحاق من أجل الحديث، إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات الرسول عن أولاد اليهود.

 

فجوابه على شقّين: الشق الأول مصوّب نحو الخصومة، ويريد بذلك تقليل أثر كلام مالك إذ كان ناشئًا عن خصومة.

 

والشق الثاني مصوّب نحو مطعن آخر.

 

وقال البيهقي: "فأما الذي يُروى عن مالك بن أنس من وقوعه فيه، فلشيء تكلَّم به ابن إسحاق في نسبه، وكلام نقل إليه عنه، وهو أنه يقول: اعرضوا عليَّ علمَ مالك بن أنس فأنا بيطارُه. فكره ذلك مالك فتناول منه"[26].

 

وابن عبد البر قرر نحو هذا المعنى[27].

 

فهذا القول ردٌّ لقول مالك بجعله مما يصدر حال الغضب والخصومة، مما لا يُعتبر في الجرح.

 

وقال البخاري: "ولو صحَّ عن مالك تناوله من ابن إسحاق فلربما تكلم الإنسان فيرمي صاحبه بشيء واحد، ولا يتهمه في الأمور كلها"[28].

 

وهذا توجيه لقوله، جعل البخاري كلام مالك منصرفًا إلى غير الحديث، وبهذا يسلم ابن إسحاق من الاتهام الشديد.

 

ومن هذا المعنى قول ابن معين لما حُكي له تكذيب مالك لهشام بن عروة: "عسى أراد في الكلام، فأما في الحديث فهو ثقة"[29].

 

ودحيم عزا قول مالك إلى البدعة، قال أبو زرعة الدمشقي: "وقد ذاكرت دحيمًا قول مالك، فرأى أن ذلك ليس للحديث، إنما هو لأنه اتهم بالقدر"[30].

 

وقال ابن عبد البر: "وربما كان تكذيب مالك لابن إسحاق في تشيُّعِه، وما نسب إليه من القول بالقدر، وأما الصدق والحفظ فكان صدوقًا حافظًا أثنى عليه ابن شهاب، ووثّقَهُ شعبة، والثوري، وابن عيينة، وجماعة جلَّة"[31].

 

فهذه جوابات اختلفت، غير أن وجهتها واحدة، وهي الذب عن ابن إسحاق، وما كلُّ شيءٍ قيل في ذلك أوردْتُهُ، بل أعرضتُ عن أشياءَ خشية التطويل.

 

والدافع للأئمة في ذلك علمهم بحال الرجل، فإنهم لولا هذا اليقين الذي استقر في نفوسهم من صدقه؛ لما انتصبوا للإجابة عن كلام الإمام مالك، والله أعلم.

 

3) وممن رماه بالكذب: يحيى بن سعيد القطّان.

جاء ذلك في رواية أخرجها أبو جعفر العقيلي[32]، وأبو أحمد بن عدي[33]، من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد، عن سليمان بن داود، قال: قال لي يحيى بن سعيد القطان: أشهد أن محمد بن إسحاق كذّاب، قال: قلت: ما يدريك؟ قال: قال لي وهيب بن خالد إنه كذاب، قال: قلت لوهيب: ما يدريك؟ قال: قال لي مالك بن أنس: أشهد أنه كذاب، قلت لمالك: ما يدريك؟ قال: قال لي هشام بن عروة: أشهد أنه كذاب، قلت لهشام: ما يدريك؟ قال: حدَّث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، وأدخلت عليّ وهي بنت تسع سنين، وما رآها رجل حتى لقيَت الله".

 

وجاء عن أبي حفص الفلّاس أنه قال: كنا عند وهب بن جرير، فانصرفنا من عنده، فمررنا بيحيى بن سعيد القطان، فقال أين كنتم؟ قلنا: كنا عند وهب بن جرير، يعنى يقرأ علينا كتاب المغازي عن أبيه، عن ابن إسحاق.

 

قال: "تنصرفون من عنده بكذب كثير!"[34].

وقال: "تركته متعمدًا، ولم أكتب عنه حديثًا قط"[35].

 

أما الرواية الأولى فقد قال الذهبي بعد ذكره لها: "معاذَ الله أن يكون يحيى وهؤلاء بدا منهم هذا بناء على أصل فاسد واه، ولكن هذه الخرافة من صنعة سليمان -وهو الشاذكوني- لا صبّحه الله بخير، فإنه مع تقدمه في الحفظ متَّهمٌ عندهم بالكذب، وانظر كيف قد سلسل الحكاية!

 

ويبين لك بطلانها: أن فاطمة بنت المنذر لما كانت بنت تسع سنين لم يكن زوجُها هشام خلق بعد، فهي أكبر منه بنيّف عشرة سنة، وأسند منه، فإنها روت -كما ذكرنا- عن أسماء بنت أبي بكر، وصح أن ابن إسحاق سمع منها، وما عرف بذلك هشام.

 

أفبمثل هذا القول الواهي يُكذَّبُ الصادق، كلّا والله، نعوذ بالله من الهوى والمكابرة"[36].

 

وأما الرواية الثانية التي فيها سماع الفلّاس سيرةَ ابن إسحاق، فقد أجاب الذهبي عنها فقال: "كان وهبٌ يرويها عن أبيه، عن ابن إسحاق، وأشار يحيى القطان إلى ما في السيرة من الواهي من الشعر، ومن بعض الآثار المنقطعة المنكرة، فلو حذف منها ذلك، لحسُنت"[37].

 

يريد -رحمه الله- أن لفظ القطان غير صريح في تكذيب ابن إسحاق، وهذا حق.

 

وأما أنه لا يروي عنه، فقد كان يحيى -رحمه الله- شديدًا في الرواية، متحرّزًا. وهذا معروف عنه، ولا يدل صنيعه هذا على أنه يتهمه بالكذب.

 

هؤلاء الثلاثة أشهر من رماه بذلك، وكلامهم هو الذي انتشر وتناقله الناس، وقد جاء عن غيرهم رميه بذلك، ولا أحب الإطالة بنقله[38].

 

البدعة:

رماه بها جماعة، واختلفت البدعة التي رمي بها، وأشهر ما اتهم به: بدعة القدر، حكى ابن عيينة أنه اتهم بذلك[39]، والزنبري ذكر أنه جلد في القدر[40]، وجاء عن القطان أنه كان غيلانيًا[41]، ورماه بهذه البدعة أيضًا: هارون بن معروف، ويزيد بن زريع، وابن معين، وأبو داود[42]، وعزا دحيم طعن مالك في ابن إسحاق إلى الاتهام بهذه البدعة، وقد تقدم ذكر ذلك.

 

ونفى عنه التهمة محمد بن عبد الله بن نمير فقال: "كان ابن إسحاق يرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه"[43].

 

وزاد أبو داود وصفه بالاعتزال[44]، وذكر ابن يونس وغيره أنه كان يتشيّع[45].

 

وقد رمي بهذه البدعة -أعني القدر- جماعة من المحدثين أشهرهم: قتادة بن دعامة السدوسي[46]، ومبحث رواية المبتدع مبحث طويل الذيل، والحق في حال المبتدع غير الداعية أن حديثه مقبول إذا تبيّن صلاحه، وصدقه[47].

 

خفة الضبط:

جاء تليينه عن طائفة منهم ابن معين حيث ضعّفه، قال يعقوب بن شيبة: "ولم يضعّفه جدًّا"[48]، وفي الجرح والتعديل[49] عن يحيى أنه قال: "ما أحب أن أحتج به في الفرائض"، وأحمد حيث قال في سياق ذكره أصحابَ نافع: "ليس بذاك القوي"[50].

 

وسئل عنه وعن ابن أخي الزهري فكـأنه ضعفهما[51].

 

وقال محمد بن عبد الله بن نمير: "إذا حدَّث عمن سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق، وإنما أُتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة"[52].

 

وقال أبو حاتم: "محمد بن إسحاق ليس عندي في الحديث بالقوي، ضعيف الحديث، وهو أحب إليَّ من أفلح بن سعيد، يكتب حديثه"[53].

 

وقال ابن عدي: "وقد فتشت أحاديثه الكثيرة، فلم أجد في أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ، أو وهم في الشيء بعد الشيء، كما يخطئ غيره، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة، وهو لا بأس به"[54].

 

وقال الذهبي: "فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث، صالح الحال صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئًا. وقد احتج به أئمة، فالله أعلم"[55].

 

التدليس:

نص على أنه يدلّس: أحمد[56] -ووصفه بكثرة التدليس-، وابن حبان[57]، والخطيب[58]، وغيرهم[59].

 

والإشكال في تدليسه -زيادةً على كونه يكثر منه- أنه يدلّس عن الضعفاء، وربما عن أهل الكتاب[60]، وإذا كان الراوي مكثرًا من التدليس وجب الاحتياط فيما لم يصرّح فيه بالسماع[61]، وابن إسحاق من هذا القبيل، مكثرٌ مدلّسٌ عن الثقة والضعيف، فوجب تطلب الخبر في مروياته والله أعلم.

 

وفي حاله بعامة يقول الحافظ الذهبي: "كان صدوقًا، من بحور العلم، وله غرائب في سعة ما روى تستنكر، واختُلِف في الاحتجاج به، وحديثه حسن، وقد صححه جماعة"[62].

 

ويقول ابن حجر: "صدوقٌ يدلس، ورمي بالتشيع والقدر"[63].

 

وهو كما قال ابن رجب -رحمه الله-: "يطول ذكر ترجمته على وجهها"[64]، فأقتصر منها على ما تقدم، والله الموفق والمستعان[65]. توفي سنة 150 وقيل بعدها.



[1] هذا البحث مستل من رسالتي في مرحلة الدكتوراه، وعنوانها: "الفوائد المنتقاة العوالي الحسان والغرائب، انتخاب أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأزجي رواية أبي علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران الدورقي الأزجي عن شيوخه (مشيخة ابن شاذان الكبرى) من أول الكتاب إلى نهاية الحديث (120) دراسةً وتحقيقًا".

[2] الجرح والتعديل (7/ 191).

[3] تهذيب الكمال (24/ 417).

[4] تهذيب الكمال (30/ 187).

[5] الجرح والتعديل (7/ 192).

[6] تاريخ بغداد (2/ 23).

[7] تهذيب الكمال (24/ 423).

[8] تهذيب الكمال (24/ 420).

[9] الكامل (9/ 29).

[10] تعليق د. أحمد معبد على النفح الشذي (2/ 746).

[11] تاريخ بغداد (2/ 18).

[12] تاريخ بغداد (2/ 19).

[13] تاريخ بغداد (2/ 19).

[14] الكامل (9/ 37).

[15] تاريخ بغداد (2/ 27).

[16] القراءة خلف الإمام للبخاري (ص235).

[17] الثقات (7/ 381).

[18] سؤالات البرذعي (ص305).

[19] تاريخ بغداد (2/ 20).

[20] تاريخ بغداد (2/ 22).

[21] سؤالات البرذعي (ص304)، الجرح والتعديل (7/ 193).

[22] الإرشاد للخليلي (1/ 288).

[23] تاريخ بغداد (2/ 27).

[24] جامع بيان العلم وفضله (2/ 260).

[25] الثقات (7/ 381).

[26] القراءة خلف الإمام (1/ 319).

[27] جامع بيان العلم وفضله (2/ 260).

[28] القراءة خلف الإمام (ص234).

[29] تهذيب الكمال (24/ 415).

[30] النبلاء (7/ 42).

[31] جامع بيان العلم وفضله (2/ 260).

[32] الضعفاء (3/ 426).

[33] الكامل (9/ 29).

[34] الجرح والتعديل (7/ 193).

[35] الجرح والتعديل (7/ 193).

[36] النبلاء (7/ 49).

[37] النبلاء (7/ 52).

[38] جاء ذلك عن الأعمش، انظر: الضعفاء للعقيلي (3/ 430)، والكامل (9/ 31)، ووهيب، وقد تقدم كلام الذهبي في تلك الرواية التي فيها النقل عنه وعن جماعة في سياق واحد. وجاء التكذيب كذلك عن سليمان التيمي، انظر: تهذيب التهذيب (11/ 293).

[39] الكامل (9/ 30).

[40] تاريخ بغداد (2/ 23).

[41] سؤالات البرذعي (ص301)، وغيلان رجل قدري من أصحاب معبد. انظر: تاريخ الإسلام (3/ 294).

[42] الضعفاء للعقيلي (3/ 427)، الكامل (9/ 37)، تاريخ بغداد (2/ 23)، الميزان (ص1297).

[43] الميزان (ص1297).

[44] الميزان (ص1297)، ولعله أراد بالاعتزال بدعة القدر، فإن نفي القدر أحد ذنوب المعتزلة المشهورة.

[45] معجم الأدباء (6/ 2419)، ذكر نحوه ابن عبد البر، وقد تقدم قريبًا ذكرُه.

[46] تهذيب الكمال (23/ 498)، وانظر في نفي هذه التهمة عنه: التابعون المنسوبون إلى البدعة (ص442).

[47] بسط القول في رواية المبتدع العلامة المعلّمي في كتابه الجليل: التنكيل، فراجعه (1/ 71).

[48] الميزان (ص1297).

[49] (7/ 194).

[50] شرح علل الترمذي (2/ 475).

[51] سؤالات ابن هانئ (2127).

[52] النبلاء (7/ 43).

[53] الجرح والتعديل (7/ 194).

[54] الكامل (9/ 48).

[55] الميزان (ص1299).

[56] الجرح والتعديل (7/ 194).

[57] الثقات (7/ 383).

[58] تاريخ بغداد (2/ 21).

[59] جامع التحصيل ص261.

[60] شرح علل الترمذي (1/ 126).

[61] شرح علل الترمذي (1/ 353).

[62] الكاشف (4718).

[63] التقريب (5725)، وهو من رجال التذكرة (1/ 172).

[64] شرح علل الترمذي (1/ 126).

[65] قد رمي ابن إسحاق بغير الأمور المذكورة، منها:

1) إدخال الأشعار المصنوعة في السيرة.

1) الخطأ في النسب.

2) روايته للطوالات.

2) روايته عن اليهود.

3) الخضاب بالسواد.

3) لبس المعصفر من الثياب.

4) اللعب بالديوك.

4) الدخول على السلاطين.

5) الجلوس قريبًا من النساء في آخر المسجد.

وقد أجاب عنها د. أحمد معبد، وبحثه أوسع البحوث، وأوفاها، فراجعه إن شئت في تحقيقه للنفح الشذي (2/ 709). ثم وقفت على بحث للشيخ عبد الله السعد فوجدته مجوّدا مرتبًا، وقد تضمّن جوابات أمتن من جوابات الدكتور: أحمد، وفيه فوائد زائدة.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • في أصول البحث ومناهجه: آليات وتأصيل (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • "كيف حالك" في كلام الفصحاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كناشة البحوث: بحوث حديثية محكمة لمحمد زايد العتيبي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مصطلحات منهجية في كتابة البحوث والرسائل الأكاديمية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تحديات ومعوقات البحث التربوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قوالب البحوث ومراتب الباحثين(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تحديات البحث التربوي العربي: أبحاث التعليم المختلط نموذجا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مخطوطة مجموع فيه كتابان: شرح آداب البحث للسمرقندي وحاشية على شرح آداب البحث للسمرقندي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الجديد في عرض الباحثين لمشكلة البحث(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • ابدأ بالبحث عن نفسك قبل البحث عن وظيفتك(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/6/1447هـ - الساعة: 11:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب