• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق القرآن
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    صفة الوجه
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    من مائدة الفقه: صفة الاغتسال والمسح على الجبيرة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الإسلام يدعو للحفاظ على النفس البشرية ويحرم قتلها ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإعاقة الباطنية: عمى البصيرة، وأمراض القلوب
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الحسنات: تلك العملة الصعبة
    محمد شفيق
  •  
    خطبة: من مغذيات الإيمان التعرف على الله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وحمايته من شر ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    شرح حديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن ...
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    إذا أحببت الله.. (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    تحريم سب الدهر والسنين والشهور والأيام ونحو ذلك
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    بيان مصطلح الترمذي في التحسين والتصحيح والغرابة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    أمنية الصحابة (رضي الله عنهم)... رفقة المصطفى ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الزينة في الصلاة أدب مع الله وهيبة في الوقوف بين ...
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    التلقب بملك الملوك
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

حقوق القرآن

حقوق القرآن
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/12/2025 ميلادي - 12/6/1447 هجري

الزيارات: 15

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق القرآن

 

الحمد لله الذي جعل في كل زمانٍ فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وحجة الله على الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

 

أما بعد..

فإنّ أعظمَ نعمة امتنّ الله بها على أمة الإسلام إنزال القرآن؛ ذلك الكتاب الذي لا غموض فيه ولا التباس، قال الله تعالى ممتنًا: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء:10]، وقال الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم:﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزُّخرُف:44]. فإنزال الكتاب على هذه الأمة هو أكبر النعم، والنعمُ بعده موازنةً به مزيدُ فضل وإحسان من الغني الكريم.

 

ولا أدلَّ علي ذلك من حسد الأمم السابقة هذه الأمةَ على تلك النعمة العظيمة، فقد جاء عمرَ بن الخطاب رجلٌ من اليهود فقال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشرَ اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أي آية؟ قال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، قال عمر: "قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة[1].

 

والقرآن هو حبل الله المتين الذي من تمسك به نجا وأفلح في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران:103]، وفي الطبري وابن كثير والقرطبي، "حبل الله: القرآن[2]..

 

وما مثلنا إلا كقوم في أرض تعج بالسباع، ولا سبيل للأمان فيها إلا بالدخول في حصن وحيد بها، فالحصن كتاب الله، والسباع ما نرى من الفتن التي تدع الحليم حيرانًا، فعن الحارث قال: "دخلت المسجد فإذا أناس يخوضون في أحاديث، فدخلت على علي فقلت: ألا ترى أن أناسًا يخوضون في الأحاديث في المسجد؟ فقال: قد فعلوها؟ قلت: نعم قال: أما إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون فتن، قلت: وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله، كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل، ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴾ [الجن:1]، هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم[3].

 

وأنَّى لهذه الأمة التي أعزها الله بالإسلام والقرآن أن تجد عزة في سواه، وأن تتبوأ ذرى المجد بغيره.

 

ولهذا الحصن الحصين والدرع المتين، وكلام رب العالمين، حقوقٌ يجب أداؤها، وواجباتٌ لا بد من القيام بها، وفيما يلي بيانُ بعضها:

حق الإيمان والتصديق:

وهذا الحق لا يكون العبد مسلمًا إلا بأدائه، وهو الذي من أجله قام سوقُ الجنة والنار، وجردت سيوف الجهاد، وسالت دماء الأطهار والكفار، وقد تكررت الأوامر الإلهية به، مبينة أنه من أوجب الواجبات؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء:136]، قال القرطبي والبغوي والشوكاني والواحدي وغيرهم: "الكتاب الذي نزل على رسوله هو القرآن[4].

 

وقد قال الله تعالى في صفة عباده المؤمنين: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [المائدة:83]، وقد ذم الله المكذبين بهذا الكتاب العظيم فقال: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ﴾ [الزُّمَر:32].

 

وأنكر الله تعالى على المكذبين تكذيبَهم بالقرآن إذ لا مسوغ له مع ظهور بركة هذا الكتاب العزيز فقال: ﴿ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ﴾ [الأنبياء:50]، وما كذَّب المكذبون بهذا الكتاب إلا جحودًا وعنادًا، وهم في أنفسهم يعلمون أنه الحق، وكم استخفى المشركون ليلًا ليستمعوا إلى النبي صلي الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن في تهجده، ولقد سجدوا مع النبي صلي الله عليه وسلم يوم قرأ سورة النجم لما أخذ القرآنُ منهم كلَّ مأخذ.

 

ومما لا شك فيه أن العبد لا يمكن أن يؤدي حق الإيمان بالقرآن ما لم ينفِ الأقوالَ الباطلة والعقائد الفاسدة من القول بخلق القرآن ونحوه، قال الإمام الطحاوي رحمه الله: "وإن القرآن كلام الله، منه بدا بلا كيفية قولًا، وأنزله على رسوله وحيًا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾ [المدثر: 26]، فلما أوعد الله بسقر لمن قال: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 25]، علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر[5].

 

حق تلاوته:

تلاوة القرآن من الحقوق الجليلة التي أمر الله بها نبيه والأمةَ بعده؛ فقال تعالى لنبيه: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزَّمل:4]، وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدلنا على هذا الحق بطريقة فريدة في القرآن، إذ قال: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ﴾ النمل: 91، 92].

 

وقد مدح الله تعالى الذين يتلون القرآن حق التلاوة فقال: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة:121]، وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الماهر بالقرآن في معيَّة الملائكة الكرام فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران"[6].

 

وأي فضل أجل وأعظم من بذل الجهد في قراءة القرآن وإمتاع النظر بآياته، وقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- ثواب التلاوة؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (آلم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"[7].

 

ويومَ يقوم الناس لرب العالمين يأتي القرآنُ شفيعًا لأصحابه؛ فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيامُ: أيْ ربِّ منعتُه الطعامَ والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النوم بالليل فشفعني فيه قال: فيشفعان"[8].

 

وعن أبي أمامة الباهلى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتى يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحجان عن صاحبهما اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركه وتركها حسره ولا تستطيعها البطله (السحرة"[9].

 

ومما يعين على أداء حق التلاوة ما يلى:

تعلم اللغة العربية، وإذا كان المسلم من الأعاجم فإن عليه أن يعرف من اللغة العربية ما يؤهله للقيام بحق التلاوة.

 

طلب علم التجويد، وهو العلم الذي موضوعُه كيفية قراءة القرآن الكريم على الوجه الصحيح.

 

الورد، فإن المسلم ينبغي أن يكون له ورد من القرآن يداوم عليه كل يوم، ويرجى لمن يقرأ كل يوم جزءًا من القرآن ألا يكون مفرطًا، ولكن لا يختمه في أقل من ثلاث لحديث عبد الله بن عمرو أنه قال: "يا رسول الله في كم أقرأ القرآن؟ قال: في شهر، قال: إني أقوى من ذلك، " ردد الكلام أبو موسى وتناقصه حتى قال: "اقرأه في سبع"، قال: إني أقوى من ذلك، قال: "لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث"[10].

 

حق حفظه:

وحافظ القرآن أولى بهذا الفضل المذكور في حق التلاوة؛ لأن الحفظ يشمل التلاوة، ولما في الحفظ من مشقة ولما يتميز به الحافظ من كون الوحي في صدره يقرأه متى شاء، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتَقِ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها"[11].

 

فتخيّل أخي نفسك في الجنة تقرأ الآية فتعلو بها درجة، واسأل نفسك الآن كم درجة تريد أن ترتقي؟ وليكن جوابك عملًا فالدرجة في الجنة بآية من القرآن، الثمن معروف والجزاء كذلك.

 

تنبيه:

وعلى المسلم أن يعلم أن الله تعالى لم يكلفه حفظ القرآن كاملًا، وأن الواجب عليه من ذلك ما يؤدي به صلاته، ويستشفي به إذا مرض، والصحابة لم يكن جميعهم يحفظ القرآن كاملًا، وكذلك لم يكن منهم من لا يحفظ منه شيئا.

 

على المسلم أن يعلم كذلك أن حق الحفظ يشمل التعهد والمراجعة، وقد روي مرفوعا: "عرضت علي أجورُ أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها "[12].

 

أما طريقة حفظ القرآن فالطريقة التي تناقلها المسلمون جيلًا جيلًا؛ حفظ الجديد، ومراجعة القديم.

 

وقد امتدح الله تعالى حُفَّاظ كتابِه ووصفهم بأنهم من أهل العلم؛ لأنهم يحملون القرآن في صدورهم فقال عز وجل: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [العنكبوت: 49]، وإِنَّ مَنْ لم يحفظْ القرآن العظيم كاملًا، فَلْيحفظْ ما تيسر منه، فقد وجَّهَنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى حفظ آياتٍ مُعَيَّنة، كقوله: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مَنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهفِ، عُصِمَ مِنَ الدَّجال»[13].

 

ثم إن على مَنْ حَفِظَ القرآنَ كلَّه أو شيئًا منه أن يتعهدَّه بالقراءة والتِّلاوة حتى لا ينساه، فقد أرشدنا النبيُّ الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بقوله المبارك: «إنَّما مَثَلُ صَاحِب القُرآن كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ المُعَقَّلةِ: إِنْ عَاهَدَ عَلَيْه أَمْسَكَهَا، وإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ» [14].

 

وزاد مسلم: «وَإِذَا قَامَ صَاحِبُ القُرآنِ فَقَرأَهُ بِاللَّيلِ والنَّهارِ ذَكَرَهُ، وإذا لَمْ يَقُمْ بِهِ نَسِيَهُ». وقال أيضًا: «تَعَاهَدُوا هذا القُرآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ في عُقُلِهَا»[15].

 

وقد نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسيان القرآن، ونهى كذلك عن قول الرجل نَسِيتُه، فقال: «بِئْسَ مَا لأِحَدِهِمْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيةَ كَيتَ وكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ، اسْتذْكِرُوا القُرآنَ، فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ بِعُقُلِهَا» [16].

 

وسبب الذم ما فيه مِنَ الإِشعار بعدم الاعتناء بالقرآن، إذْ لا يقع النِّسيان إلاَّ بترك التعاهد وكثرة الغفلة، فلو تعاهده بتلاوته والقيام به في الصلاة لدام حِفظُه وتذكُّرُه، فإذا قال الإنسان: نَسيت الآية الفلانية، فكأنما شهد على نفسه بالتَّفريط.

 

حق التدبر:

قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر:17]، قال ابن كثير: "أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس [17]، فهو كتاب سهل الله ألفاظه فهي سهلة عذبة تدعو قارئها للتأمل والتدبر والاعتبار والاتعاظ، قال الطبري: "يعني ليتدبر هذا القرآن من أرسلناك إليه من قومك يا محمد"[18].

 

وليست العبرة في التلاوة أن يُقرأ القرآن مرات متعددة دون أن يصاحبها إدراك لما يُقرأ، والترتيل والتدبر مع قلة مقدار القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها، لأن المقصود من القراءة الفهم والتدبر والعمل.

 

والإسراع في القراءة يدل على عدم الوقوف على المعنى بصورة كاملة، وبالشكل المطلوب، ومن أجل ذلك كانت القراءة بتمهل خطوة نحو التدبر.

 

وقد جاء التوبيخ والتبكيت لمن غفل عن التدبر؛ فقال الله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء:82]، قال الشوكاني: "دلت هذه الآية على وجوب التدبر للقرآن ليعرف معناه[19].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، قال الشوكاني: "المعنى: أنهم لو تدبروه حق تدبره لوجدوه مؤتلفًا غير مختلف، صحيح المعاني قوي المباني بالغًا في البلاغة إلى أعلى درجاتها ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ أي: تفاوتًا وتناقضًا[20]

 

فالله تعالى كما سهل ألفاظه للقارئين فقد سهل معناه للمتدبرين، فلا اختلاف في أحكامه، ولا تضارب في أخباره، بل يصدق بعضه بعضًا، ويوافق بعضه بعضًا.

 

وقد بين الله عز وجل سبب إعراض المعرضين عن تدبر كتابه الكريم فقال: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد:24]، فسبب انصراف المنصرفين عن كتاب رب العالمين ما في قلوبهم من الأقفال، فمن وجد في نفسه انصرافًا عن تدبر القرآن، فليعلم أنه مبتلى ابتلاءً عظيمًا وليستعن بفالق الإصباح ليزيل ما بقلبه من غشاوة لينعم بضياء القرآن.

 

ولقد حفظ ابن عمر سورة البقرة في سنين ذوات عدد، إذ كان يقف عند كل آية منها متدبرًا متفكرًا، قال مجاهد بن جبر: "عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلي خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها[21].

 

وقال ابن أبي مليكة: "رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، ويقول له ابن عباس: اكتب حتى سأله عن التفسير كله[22].

 

وقد كان اهتمام السلف بالقرآن تدبرًا وتفسيرًا اقتداء منهم بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، الذي كان لا يمر على القرآن إلا متفهمًا متدبرًا، وقد سمع عليه الصلاة والسلام امرأة ذات ليلة تقرأ: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ [الغاشية:1]، فقام يستمع ويقول: "نعم قد جاءني[23].

 

وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام "كان إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب تعوذ[24].

 

وقد نبغ في معرفة معاني القرآن من الصحابة جماعةٌ منهم ابنُ عباس، قال الأعمش عن أبي وائل: "استخلف عليٌ عبدَ الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية سورة النور، ففسرها تفسيرًا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا[25].

 

حق المدارسة والتعلم:

لقد حثَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابه الكرام وأُمَّته من بعده على تعلم القرآن وتعليمه بقوله: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَهُ» رواه البخاري.

 

وقد بَعَثَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابه إلى الأمصار المختلفة معلِّمين للقرآن الكريم: فبعث مصعبَ بن عمير وابنَ أم مكتوم في بيعة العقبة الثانية إلى المدينة؛ ليعلِّما الأنصار القرآن ويفقهانهم في الدِّين، فنزل مصعب على أسعد بن زرارة، وكان يُسمَّى المُقرئ والقَارئ: يقول البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ» رواه البخاري. وبعث -صلى الله عليه وسلم- معاذَ بنَ جبل رضي الله عنه قاضيًا إلى اليمن يعلِّم الناس القرآن وشرائع الإسلام ويقضي بينهم.

 

واسْتَعْمَلَ صلى الله عليه وسلم عمرو بن حزم الخزرجي النَّجَاري رضي الله عنه على نجران ليفقههم في الدين ويعلمهم القرآن، ويأخذ الصَّدقات منهم.

 

وكان أبو الدرداء رضي الله عنه إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كل عشرة عريفًا، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك.

 

وكان هذا التَّعليم - من النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم مجَّانيًا من غير مقابل، ولعل مَدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي المدرسة الأولى التي رَفَعَتْ شِعارَ مجَّانية التعليم، وشعار إلزامية التعليم والتعلم. ولم يبقَ الأمرُ شِعارًا بل نزل إلى ساحة التطبيق والتنفيذ.

 

قال النووي - رحمه الله: «تعليم المتعلِّمين فرض كفاية، فإن لم يكن مَنْ يصلح له إلاَّ واحد تَعَيَّنَ عليه، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم: فإن امتنعوا كُلُّهم أَثِمُوا، وإن قام به بعضُهم سقط الحرج عن الباقين، وإن طُلِبَ من أحدهم وامتنع فأَظْهَرُ الوجهين، أنه لا يأثم لكن يُكْرَهُ له ذلك إِنْ لم يكن له عذر».

 

ومع ترغيبه -صلى الله عليه وسلم- أصحابَه على تعليم القرآن، كان يحثُّهم على الإخلاص في هذا التَّعليم: فعن سهل بن سعد السَّاعدي رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، ونحن نقترئ، فقال: «الحمدُ لله، كتابُ الله واحدٌ، وفيكم الأحْمَرُ وفيكم الأَبْيَضُ وفيكم الأَسْوَدُ، اقْرَؤوهُ قَبْلَ أَنْ يَقْرأَهُ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كما يَقُومُ السَّهْمُ يَتَعَجَّلُ أَجْرَهُ ولا يَتَأَجَّلُهُ»[26].

 

فينبغي أن يحرص المسلمون على طلب الثواب الأخروي في تعلمهم وتعليمهم لكتاب الله تعالى ويجتهدوا في ذلك. ومن غير اللائق بمسلم نال أعلى الشهادات العلمية والخبرات العملية، ثم إذا سمعته يقرأ القرآن تعجبت من حاله وأمره، فلا يقيم حروفه وكلماته، وليس حاله كحال من يعذر لضعف تعليمه.

 

وإن من وسائل تعلمه وإتقانه: قراءته على أحد المقرئين، وكثرة الاستماع إليه، واستشعار عظمته وأنه كلام رب العالمين.

 

وهذا الحق (حق المدارسة والتعلم) ثابت، بالغاية من القرآن ذاته بأنه كتاب هداية (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) فكيف يتحقق الهدى من القرآن دون درسه أي تعلم ما فيه من مقومات تلك الهداية بجانبيها العقلية والقلبية؟

 

وقد أثبت القرآن هذا الحق بشكل مفصل لا لبس فيه، قال تعالى: ﴿ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [آل عمران:79].

 

وقوله تعالى “تَدْرُسُونَ” من التدريس. وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة تعلِّمون بالتشديد من التعليم، واختارها أبو عبيدة لأنها تجمع بين المعنيين (التعليم والتعلم[27].

 

وقال – صلى الله عليه وسلم – "أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بُطحان أو العقيق، فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين [28] زهراوين[29] يأخذهما بغير إثم بالله، ولا قطع رحم؟ قالوا “كلنا يا رسول الله، قال: فلأن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله، خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل"[30].

 

والمدارسة من الدرس والتعلم والتفقه والتدبر التي تحقق غاية القراءة للقرآن (لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)، والتدبير لا يتحقق بالقراءة العبارة للنص القرآني، وإنما يتحقق عبر الوقوف على الدلالات والغايات والمقاصد التي تتضمنها السور والآيات، ولا تتحقق كذلك عبر منهجية جزئية تجزئ القرآن، وإنما عبر رؤية كلية – تأتي عبر الدرس والمدارسة.

 

ويطرح الأنصاري في "مجالس القرآن" ثلاث خطوات منهجية لتدارس القرآن وهي[31]:

1- تلاوة القرآن بمنهج التلقي: أي استقبال القلب للوحي، إما على سبيل النبوءة – كما كان للنبي – صلى الله عليه وسلم – أو على سبيل الذكر، أي يقع القرآن على موطن حالة القلب.

 

2- التعلم والتعلم بمنهج التدارس.

 

3- التزكية بمنهج التدبر الذي يحيل الإنسان على (التفكر) الذي هو المنهج الرباني لقراءة الكون.

 

حق العمل:

والعمل بالقرآن من أهم غايات إنزاله، والحقوق الأخرى تبع لهذا الحق، إذ لا يمكن أن يعمل بالقرآن إلا من تلاه وتدبره وعظّمه، وقد كان السلف يقرؤون القرآن قراءة من وطن نفسه على العمل به، والقيام بأوامره، والانتهاء عن نواهيه، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعت قول الله تعالى: (يا أيها الذين امنوا) فأرعها سمعك، فإنها خير يأمر به، أو شر ينهى عنه[32].

 

عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: "إنا أخذنا القرآن عن قوم، فأخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعملوا ما فيهن من العلم، قال: فتعلمنا العلم والعمل جميعا، وإنه سيرث هذا القرآن قوم بعدنا يشربونه كشربهم الماء، لا يجاوز تراقيهم، قال: بل لا يجاوز ههنا، ووضع يده تحت حنكه"[33].

 

تنبيه:

• حق العمل يعني العمل بالأوامر واجتناب النواهي كذلك، فما عمل بالقرآن من لم يجتنب نواهيه.

 

• العمل بالقرآن معنى شامل، فالقرآن جاءنا بالعقيدة التي لا يصح اعتقاد غيرها، والشريعة التي لا يصح الاحتكام لسواها، فالعمل بالقرآن ينبغي أن يكون عقيدة وسلوكًا.

 

حق العمل بالقرآن إنما يؤدى شيئًا فشيئًا، ويسدد المسلم فيه ويقارب، فالقرآن شامل للحياة كلها عقيدة وعبادة وأخلاقًا ومعاملات وآدابًا، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم-يعمل به في ذلك كله، قالت عنه عائشة رضي الله عنها: "كان خلقه القرآن[34] أي يأتمر بأوامره، وينتهي عن نواهيه، ويتخلق بأخلاقه، ويتأدب بآدابه.

 

ودوائر التطبيق ثلاث:

الدائرة الأولى: دائرة الفرد ذاته.

 

والدائرة الثانية: دائرة المسؤولية الجماعية للفرد (الأسرة). والدائرة الثالثة: دائرة المجتمع والدولة. ولكل دائرة من هذه الدوائر شكل ومضمون لتطبيق القرآن والعمل به.

 

حق التحاكم إلى القرآن:

وهو ضرب من ضروب العمل بالقرآن، وإنما خُص هنا بالذكر لأهميته ولما تواتر فيه من نصوص دالة على عظمه ومكانته؛ قال الله تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].


فالعجب كل العجب ممن قرأ هذا القرآن وعرَف ما فيه من صدق الأخبار وعدل الأحكام ثم يسعى لغير هذا المنهج المعصوم المحفوظ من التبديل والتحريف المنزل من اللطيف الخبير إلى غيره من المناهج التي وضعها القاصرون عن معرفة أسرار التشريع التي اختص بها الرب جل وعلا؟! فما أكثرَ ما يتناقض هؤلاء فيُحلون اليوم ما حرّموه بالأمس.

 

والله هو خالق الإنسان، العالم بما يصلحه وما يضره؛ قال الله تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [المُلك:14].

 

ولما كان الله تعالى هو الخالق وحده فهو كذلك الحاكم وحده، ولذا يعرف علماء الأصول الحكم بأنه خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين طلبًا أو وضعًا، فحكم غير الله تعالى لا يعد في الحقيقة حكمًا؛ قال الله تعالى: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف:54].

 

ولقد جاءت الشريعة جامعة لما فيه الخير، قائمة بما يحتاجه الناس في دنياهم وأخراهم، فما أحرى بالمسلم أن يجعل الشريعة إمامه وقائده، ليسعد في الدنيا وينجو في الآخرة؛ قال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية:18].

 

واعلموا أن ما فيه الأمة من تخبط ومن قلاقل إنما سببه الوحيد هو تنحية كتاب الله تعالى والتحاكم إلى غيره وقد حكم احكم الحاكمين على من فعل ذلك بالضلال المبين فقال.: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب:36].

 

وما أنزل الرحمن القران إلا ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [المائدة:48].

 

تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء:105].

 

يبين لنا سبحانه: إنه أنزل إلي الرسول - صلى الله عليه وسلم - القرآن مشتملا على الحق الواضح، ليحكم بين الناس جميعًا بما أوحى الله تعالى إليه، وبَصَّره به، فلا تكن يا رسول الله للذين يخونون أنفسهم - بكتمان الحق - مدافعًا عنهم بما أيدوه لك من القول المخالف للحقيقة.

 

حق التعظيم والإجلال:

لا أحد ينازع في أن الكلام يشرُف بشرف قائله، فكلما كان القائلُ عظيم القدر كانت كلماته كذلك، ولذا قيل في منثور الأدب: كلامُ الملوك ملوكُ الكلام، فإن كان هذا في حق البشر (ولله المثل الأعلى) فكيف بكلام خالق البشر؟ وإن تعظيم القرآن من تعظيم الله تعالى؛ فمن كان يرجو لله وقارًا عظم كتابه وأجلّه ومجّده، ولقد كان عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه يأخذ المصحف فيضعه في وجهه ويقبله ويبكي ويقول: "كلام ربي كلام ربي[35].

 

من صور تعظيم القرآن:

الإنصات عند تلاوته، لقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف:204].

 

الإخبات عند تلاوة القرآن، فقد مدح الله تعالى المخبتين إذا قرئ القرآن الكريم فقال: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ [المائدة:83]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ ﴾ [السجدة:15].

 

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ۩ ﴾ [الإسراء: 107 - 109]، وقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩ ﴾ [مريم:58]، وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزُّمَر:23].

 

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن مسعود: "اقرأ علي"، قال: "أقرأ عليك وعليك أنزل"؟ قال: "إني أحب أن أسمعه من غيري" قال: "فقرأت عليه من أول سورة النساء إلى قوله: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء:41]، فبكى[36]

 

ولما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت عائشة في مرضه قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس"، قالت فقلت: "يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه[37].

 

والله تعالى يقول: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر:21].

 

لا يمسه إلا طاهر فلا يصح لغير المتطهر أن يمس القرآن الكريم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر"[38].

 

عدم تعريضه للامتهان؛ فالمسلم يجب عليه أن يصون المصحف الشريف عن مظنة امتهانه، وأن يحرص كل الحرص ألا يكون سببًا في ذلك، ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو خوفًا من أن ينالوه بأذى.

 

حق الدعوة إليه وتبليغه إلى الناس

القرآن دعوة عالمية، موجهة إلى الناس كافة، وليس للمسلمين فقط ﴿ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان:1]، ومن ثم حمل قسطًا كبيرًا من الخطاب الإنساني، بل إن خطابه الأساسي “للناس كافة ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ﴾ وهو الخطاب العام في القرآن، يليه الخطاب الخاص ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾.


والمؤمنون مكلفون بحسب رسالتهم ووظيفتهم الشهودية ﴿ لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة:143].

 

أن يبلغوا “كلمات الله” التي آمنوا بها إلى “الناس” كل الناس.

 

وهذا البلاغ شرطه أن يكون مبينًا (البلاغ المبين) وهو شرط: علم ومعرفة بالمبلَغ عنه وتطبيقٍ وعملٍ بتوجيهاته وأوامره، ولا يتحقق البلاغ المبين – أيضًا – إلا إذا أخذت الأمة موقعها الحضاري بين الأمم، فلا بلاغ لضعيف لأنه لن يسمعه أحد. ومن ثم فعلى المسلم أن يرتفع إلى مستوى الحضارة المعاصرة – على الأقل – ليستطيع الوفاء بواجبه نحو “القرآن” بالدعوة إليه وإبلاغه إلى الناس كافة.

 

وهو ما يتطلب – أيضًا – معرفة الإنسان المعاصر معرفة معمقة، وجوانب التأثير في بنائه وتكوينه التربوي، والارتقاء بمستوى الخطاب القرآني المقدم له، وذلك عن طريق درس العلوم الاجتماعية والتربوية التي مكنت من سبر أغوار كثير من جوانب الإنسان وعوامل التأثير فيه، وكذلك البحث في واقعية القرآن وعقلانيته إزاء المشكلات المعاصرة التي أنتجتها الحضارة الحديثة، وأفقدت الإنسان فيها إنسانيته ومعنوياته.


ومن حقوق القرآن التي دل عليها الشرع حق تبليغه للآخرين وتعليمه لهم، وإن في ذلك الأجر العظيم والخير العميم والثواب الجزيل، ويحصل ذلك لمن علم ولو شيئًا قليلًا من القرآن، والقرآن لا يقال فيه قليل، وقد حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم على تبليغه بقوله: "بلغوا عني ولو آية" [39].

 

ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-لمن قام بهذا الحق فقال: "نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع فرب مبلَّغ أوعى"[40].

 

وقد سمع من النبي -صلى الله عليه وسلم - ما أنزل إليه رب العز والجلال من القرآن والسنة.

 

وبيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- فضل معلِّم القرآن فقال: "خيرُكم من تعلم القرآن وعلمه"[41].

 

فلا أحد أولى من أهل القرآن الذين تعلموه وعلموه بالخيرية، فإنَّ شرَفهم مِن شرف القرآن، ورفعتَهم بسبب ما في صدورهم من الذكر الحكيم، وهي نعمة حق لغيرهم أن يغبطهم عليها، فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار [42].

 

مسؤوليَّة العرب أكبر:

إنَّ عَرَبَ المسلمين اليوم عليهم مسؤوليَّة خاصة تجاه القرآن المجيد؛ لأنه نزل بلغتهم - وكفى بذلك شرفًا وفخرًا لهم - فهم أعرف الناس بأسراره وفحواه، فوجب عليهم عرضه على العالمين، وشرح مزاياه، ومراد الله فيه.

 

والعامل يسمو بسموِّ العمل المناط به، وإن شرف العرب، وعلو شأنهم، وأهمية مركزهم، وما خصَّهم الله به من المزايا، جعلهم مؤهلين لنشر القرآن العظيم وتبليغه للناس، ولقد كرَّمهم الله تعالى باختيار أفضل الرسل منهم، كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة:128].

 

فمتى ينتبه العرب من غفوتهم؟ فإن الأمر جِدُّ خطير، والمسؤولية عظيمة، والأمانة ثقيلة، وإنَّ واجب الدَّعوة إلى القرآن في هذا العصر، يُوجِبُ على العرب خصوصًا والمسلمين عمومًا، مضاعفة الجهد؛ لمواجهة طغيان المادة، والصِّراعات المذهبية، والغزو الفكري.

 

وإنَّ التَّصدي لهذا الزحف المخيف يتطلَّب أن يشعر كُلُّ فرد، أنه على ثَغْرٍ من ثغور الإسلام، ومن هذا الشُّعور فإنه يندفع لاستعمال كل الطرق والوسائل المتاحة لرفع راية القرآن العظيم، وتبليغه للناس أجمعين.

 

حق الاستشفاء:

قال الله تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء:82]، وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [فُصِّلَت:44]، فهذا بيان من الله ليس بعده بيان، فمن لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله، ومن لم يستغن بالقرآن فلا أغناه الله، وقد أنزل الله تعالى المعوذتين يستشفي بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من السحر الذي أصابه، وقد كان الصحابة الكرام يستشفون بالقرآن هم وغيرهم، فعن أبي سعيد الخدري قال: نزلنا منزلا فأتتنا امرأة فقالت: إن سيد الحي سليم لدغ فهل فيكم من راق؟ فقام معها رجل منا ما كنا نظنه يحسن رقية فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ، فأعطوه غنمًا وسقونا لبنًا، فقلنا: "أكنت تحسن رقية"؟ فقال: "ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب"، قال: فقلت: "لا تحركوها حتى نأتي النبي -صلى الله عليه وسلم-"، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك فقال: "ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم معكم" [43]، وعن خارجة بن الصلت عن عمه أنه مر بقوم وعندهم رجل مجنون موثق في الحديد فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير، فارْقِ لنا هذا الرجل، فأتوه برجل معتوه في القيود فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية وكلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل فكأنما أُنشِط من عقال (أي حُل من وثاق) فأعطوه شيئًا، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم -فذكره له فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كُلْ فلعمري ما أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق"[44].


قال ابن قيم الجوزية: "ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيرًا عجيبًا في الشفاء، ومكثت بمكة مدة تعتريني أدواء ولا أجد طبيبًا ولا دواء فكنت أعالج نفسي بالفاتحة فأرى لها تأثيرًا عجيبًا، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألمًا، وكان كثير منهم يبرأ سريعًا، ولكن ههنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية ولكن تستدعى قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنفعل أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، وكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة في إزالة الداء[45].

 

وها هو رجل كان مصابا بمرض السرطان وقد حاول العلاج هنا في المملكة، ولكن قيل له: لا علاج لك إلا في الدول الغربية!

 

اضطر للذهاب إلى أمريكا وكان معه أخوه، وبعد فحصه قال الطبيب لمرافقيه: إنه لا يمكن علاج هذا المرض فقد استفحل وسيبقى على هذه الحال حتى يموت!! وفي الليل تذكر أخوه المرافق قول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء:80]، فأخذ يقرأ عليه طوال الليل ما استطاع من سورة الفاتحة حتى سورة الناس، وبعدها نام، فلما جاء الغد وجد أن أخاه يتحسن! فأعاد عليه القراءة مرة أخرى كما فعل في الأولى وبدأ التحسن واضحا عليه فكرر القراءة عليه عدة مرات وبعد أن تم إعادة الفحص مرة أخرى قال الطبيب لأخيه مستغربا هل هذا هو المريض الذي فحصناه في المرة السابقة؟

 

فأجابه: نعم. فقد شفي هذا الرجل بتوفيق من الله ثم بقراءة القران الكريم عليه[46].

 

فهذه بعض حقوق القرآن، ولا أزعم أن هذا غايتها فإن حقوق القرآن أعظم وأجل، وهذه بعضها، والقرآن لا يوفيه العبد حقًا لأنه أعظم النعم، والعبد يعجز أن يقوم بواجبه تجاه نعم هي أقل شأنًا من هذه النعمة العظيمة، ولكن ينبغي التسديد والمقاربة والاستغفار عن التقصير وطلب العفو من الله على التفريط، فهو المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 


 

[1] رواه البخاري، 1/ 25، (45).

[2] جامع البيان، 3/ 378، تفسير القرآن العظيم، 1/ 514، الجامع لأحكام القرآن، 4/ 155.

[3] رواه الترمذي، 5/ 172، (2906)، والدارمي، 2/ 526، (3331).

[4] الجامع لأحكام القرآن، 5/ 394، معالم التنزيل، 1/ 299، فتح القدير، 1/ 791، الوجيز، 1/ 295.

[5] شرح الطحاوية (1/ 172).

[6] الترمذي، 5/ 175، (2910)، وصححه الألباني.

[7] مسند أحمد، 2/ 174، (6626)، والمستدرك، 1/ 740، (2036)، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

[8] رواه أحمد بسند صحيح..

[9] رواه مسلم، 1/ 553، (804).

[10] رواه أبو داود، 1/ 442، (1390)، وصححه الألباني.

[11] رواه أبو داود، 1/ 463، (1464).

[12] رواه أبو داود، 1/ 179، (461)، والترمذي، 5/ 178، (2916(

[13]صحيح، أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب فضل سورة الكهف... حديث (809).

[14]صحيح البخاري، برقم (4643)،وصحيح مسلم،برقم.(1313)

[15] رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

[16] رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

[17] تفسير القرآن العظيم، 4/ 337.

[18] جامع البيان، 10/ 576. .

[19] فتح القدير، 1/ 741.

[20] المصدر السابق، الصفحة نفسها.

[21] جامع البيان، 1/ 65، تفسير القرآن العظيم، 2/ 404.

[22] تفسير القرآن العظيم، 1/ 5.

[23] تفسير القرآن العظيم، 4/ 648.

[24] رواه أحمد، 5/ 384، وابن خزيمة، 1/ 272، (542).

[25] تفسير القرآن العظيم، 1/ 5.

[26] حسن صحيح - رواه أبو داود.

[27] القرطبي، تفسير آية رقم 79 من سورة آل عمران.

[28] أي نَاقَتَيْنِ عَظِيمَتَيِ السَّنَامِ.

[29] أَيْ سَمِينَتَيْنِ.

[30] رواه مسلم وأبو داود.

[31] فريد الأنصاري: مجالس القرآن, دار السلام, ص 64.

[32] تفسير القرآن العظيم، 1/ 91.

[33]أخرجه الفريابي في «فضائل القرآن» (169أو153)، وابن أبي شيبة في “المصنف” (9978)، وابن جرير في «تفسيره» (82)، وابن سعد في «الطبقات» (6/ 172)، وقال أحمد شاكر: هذا إسناد صحيح متصل.اهـ

[34] رواه أحمد، 6/ 91، (24645).

[35] المعجم الكبير، 17/ 371، (1018).

[36] البخاري، 4/ 1925، (4763)، ومسلم، 1/ 551، (800).

[37] البخاري، 1/ 240، (646)، ومسلم، 1/ 311، (418).

[38] الموطأ، 1/ 199، (469).

[39] رواه البخاري، 3/ 1275، (3274).

[40] صحيح، أخرجه أحمد (1/ 436)، والترمذي: حديث (2657) وقال: حديث صحيح، وأخرجه أيضًا أبو داود: حديث (3660)، وابن ماجه: المقدمة - حديث (230) وصححه ابن حبان (66)، وصححه الألباني، صحيح الترغيب (4/ 89).

[41] رواه البخاري، 4/ 1919، (4739).

[42] رواه البخاري، 6/ 2643، (6805).

[43] رواه مسلم، 4/ 1727، (2201).

[44] رواه أبو داود، 2/ 286، (3420)، وصححه الألباني.

[45] الداء والدواء، 1/ 3.

[46] موقع صيد الفوائد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من حقوق القرآن الكريم
  • الشيخ د. عبدالمحسن بن زبن المطيري في محاضرة بعنوان (حقوق القرآن ومقاصده)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)
  • حقوق القرآن على المسلمين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطريق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الفقراء والمساكين في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الخدم في الاسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المطلقات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول المبين في بيان حقوق الإمام على المأمومين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المساجد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق المعلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق البيئة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/6/1447هـ - الساعة: 3:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب